
الأنباء بوست/ حسن المولوع
لم يكن المقال الساخر المنشور بعنوان “يونس امجاهد بين عبثية بطاقة الملاعب وبهلوانية إدريس شحتان” سوى محاولة لإبراز وجهات نظر نقدية حول قضايا مهنية تهم المشهد الإعلامي، بعيداً عن أي نية للإساءة أو التهجم الشخصي على الأستاذ إدريس شحتان. فهذا المقال كان تعبيراً عن حوار إعلامي هادف يسعى إلى تسليط الضوء على الإيجابيات والسلبيات في قالب نقدي شفاف وجريء.
لا يختلف اثنان على أن إدريس شحتان اسم بارز في المشهد الإعلامي المغربي، يُعرف بريادته في صحافة القرب التي تركز على قضايا المواطن اليومية بواقعية. وإسهاماته في تعزيز الإعلام المحلي وترسيخ قيمه تجعل منه رمزاً للإبداع والتفرد في المهنة، وشخصية تستحق كل التقدير على ما قدمه من جهود لتطوير المجال الإعلامي في المغرب.
ورغم هذا التقدير المستحق، فإن الريادة لا تعني الحصانة من النقد البناء. فهو، بشخصيته المرنة والمنفتحة، يدرك تماماً أن النقد وسيلة أساسية للتطوير، وأن النقاش المهني هو الطريق الأنسب للنهوض بواقع الصحافة المغربية. وهذا ما يعزز مكانته كشخصية قادرة على التفاعل مع مختلف الآراء برحابة صدر.
إطلاق بطاقة الملاعب كان خطوة نوعية طال انتظارها، وجاءت كاستجابة مباشرة لمطالب الصحافيين المهنيين الذين لطالما اشتكوا من فوضى دخول غير المختصين إلى المساحات المخصصة للصحافة في الملاعب والندوات الرياضية. هذه الفوضى لم تكن فقط مصدر إزعاج للصحافيين المهنيين، لكنها أضرت بسمعة الجسم الصحافي ككل، خاصة عند وقوع ممارسات غير مهنية أو طرح أسئلة سطحية لا علاقة لها بطبيعة العمل الصحافي.
مبادرة بطاقة الملاعب ليست مجرد إجراء تنظيمي، بل تعكس تطوراً في أسلوب إدارة القطاع، حيث توفر بيئة عمل محترمة ومنظمة للصحافيين، وتعزز من احترافية التغطية الإعلامية للأحداث الرياضية. كما أنها نموذج للتعاون البناء بين العصبة الاحترافية لكرة القدم والناشرين والصحافيين، ما يبرز أهمية الشراكة في تطوير القطاع الإعلامي.
وعلى النقيض من ذلك، سجلت إدارة يونس امجاهد إخفاقات متعددة في تحقيق تنظيم ذاتي فعّال للصحافة المغربية. هذه الإخفاقات، رغم الوعود المتكررة، كشفت عن غياب رؤية واضحة تخدم الصحافيين، في وقت استمرت فيه معاناتهم من غياب الحماية القانونية والاجتماعية، مع تراكم التعويضات والدعاوى التي أثقلت كاهل القطاع دون تحقيق أي إنجاز يُذكر.
خطوة إدريس شحتان في إطلاق بطاقة الملاعب كشفت بوضوح مدى العجز الذي تعاني منه منظومة يونس امجاهد، وأكدت الحاجة إلى مراجعة شاملة لهذا الوضع الذي يعيق تطور الصحافة المغربية. فشحتان، من خلال هذه الخطوة العملية، وضع معايير جديدة للقيادة المهنية التي تعتمد على الفعل والتطوير بدلاً من الاكتفاء بالتنظير.
يبقى إدريس شحتان شخصية بارزة ومؤثرة في الصحافة المغربية، وإسهاماته الكبيرة تستحق التقدير والاعتراف. ومع ذلك، فإن النقد البناء ضروري لتطوير الأداء وتحسين المخرجات المهنية، لأن الصحافة في جوهرها ليست مجرد نقل للأحداث، بل هي رسالة بناء وتغيير تعكس تطلعات المجتمع وتعمل على تحقيق آماله.
نحن على يقين أن إدريس شحتان، بفضل فهمه العميق لدور الصحافة وأهميتها، يدرك أن المقال السابق لا يحمل أي نية للإساءة، بل يعكس حرصاً مشتركاً على الارتقاء بمستوى النقاش الإعلامي، وتعزيز المبادرات التي تخدم المهنة وتعيد لها بريقها.

شارك هذا المحتوى