الأنباء بوست / حسن المولوع
في خطوة مفاجئة وغير محسوبة العواقب والتي تسير عكس الموقف الرسمي للدولة المغربية ، أقدم عبد الله البقالي باعتباره مدير نشر جريدة العلم ، لسان حزب الاستقلال على نشر حوار مع محمد السكتاوي المدير العام لمنظمة العفو الدولية التي أصبحت تهدد المغرب حسب ما يصرح به أبرز المسؤولين في الدولة المغربية، ومن بينهم وزير الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج الذي قدم عرضا بمجلس النواب وقف فيه على سياقات الهجوم على المغرب واستهدافه الممنهج من قبل منظمة العفو الدولية وتماديها في استخدام أسلوب مستفز في توجيه اتهامات للمغرب واستهداف صورته الحقوقية، مضيفا أن ما قامت به أمنيستي استهدف بشكل مباشر صورة المغرب التي هي ثروته الحقيقية ، والمغرب مستعد للدفاع عنها ، ولن يتسامح مع كل من يريد الإساءة إليها، مذكرا بأن هذه المنظمة أنجزت حوالي 72 تقريرا ،مشيرا إلى ان تخصيص المغرب بالحملة الإعلامية التي واكبت التقرير الأخير يظهر حقيقة استهدافها (…).
العرض الذي قدمه ناصر بوريطة من دون شك هو الموقف الرسمي للدولة المغربية ، وهي إشارة للجميع بأن يكونوا معبئين للدفاع عن صورة المغرب، لكن يبدو أن عبد الله البقالي مدير نشر جريدة العلم له رؤيته الخاصة للأشياء، وقام بنشر الحوار المذكور مستعملا كل الوسائل لإظهار المنظمة على أنها بريئة عبر عناوين عريضة ،وبدل أن يستعمل ذلك للدفاع عن صورة المغرب، قام بالعكس، محاولا توريط المغرب في فضيحة حقوقية عبر جريدة العلم وكأن الحزب التاريخي ضد الموقف الرسمي للبلاد ما يعطي لأمنيستي الشرعية للظهور أمام العالم أنها على صواب ، حتى وإن كانت هناك محكمة اسرائيلية رفضت دعوى أمنيستي ضد شركة ” إن إس أو ” ، حيث قالت المحكمة إن المنظمة الحقوقية لم تثبت أن البرنامج الذي طورته الشركة يستخدم في التجسس على أعضائها ، حسب ما أوردته ” رويترز” ، لكن البقالي أبى إلا أن يلمع صورة أمنيستي لغاية في نفسه ويكذب الموقف الرسمي للبلاد .
ولقد أجرى هذا الحوار أحد الصحافيين من المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية بأسئلة تم انتقاؤها بعناية بغرض نسف الرواية الرسمية بخصوص الجدل الذي أثير مؤخرا حول تقرير لأمنيستي تتهم من خلاله المغرب بالتجسس على هاتف صحافي متدرب يجري معه التحقيق حاليا من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية حول أموال يتلقاها من جهات استخباراتية .
ولم يتوقف البقالي عند هذا الحد ، بل استعمل صفته النقابية كذلك باعتباره رئيسا للنقابة الوطنية للصحافة المغربية ، عبر اتخاذ قرار استضافة الزميل عمر الراضي للقيام بندوة صحفية يوم الأربعاء 15 يوليوز بمقر النقابة بالرباط ، الشيء الذي سيضر أولا بعمر الراضي ، وثانيا لأن ذلك يعد خرقا لمبدأ سرية البحث ،وثالثا لأن البقالي يريد أن يستغل عمر الراضي لتصفية حساباته مع الجمعية الوطنية للإعلام والنشر ويدفع به لضرب بعض المنابر الإعلامية بحجة أنها قامت بالتشهير به ولم تحترم أخلاقيات المهنية ، وهاته المنابر يوجد أعضاؤها من ضمن نفس الجمعية التي نبذت البقالي وتحفظت عن عضويته بها ، لتبقى هاته الندوة محط تساؤلات كبرى ، إن قمنا بربطها بما سبق فسنخلص لنتيجة واحدة ، وهي أن البقالي يريد إرسال رسائل ما، لمن يهمهم الأمر ، خصوصا وأن صحافية تقطن حاليا بفرنسا تدعى فتيحة أعرور قامت بتوجيه تهديد مباشر للمغرب إن قامت السلطات المغربية باعتقال عمر الراضي، قائلة في تدوينة منسوبة إليها ” اعلموا أنكم إن أخذتم يوما عمر ستفتحون على أنفسكم أبواب جهنم ولقد أعذر من أنذر ، والسلام ” ، ما يؤكد أن هناك شيء ما لم نستطع استيعابه وأن هناك أشياء لا تقع بالصدفة (…)
ويروج داخل الوسط الصحفي أن عبد الله البقالي هو من أرغم الصحافي بإجراء الحوار مع أمنيستي التي تتهم المغرب دون أن تستطيع تقديم الحجج على اتهاماتها ، وللإشارة فإن البقالي هو من بين أعضاء المجلس الوطني للصحافة ويترأس لجنة منح البطاقة المهنية وهو الذي قام بمنح البطاقة المهنية لعمر الراضي لهذه السنة لأول مرة وكان قد سبق وأن منح بطاقة مهنية لصحافي آخر يسمى محمد ضهير المعتقل حاليا على خلفية الملف الشهير الذي يسمى ملف حمزة مون بيبي بالرغم من أنه كان قد اعتقل سنة 2006 وبإمكان الجهات المسؤولة ذات الصلة أن تفتح تحقيقا في هذا الأمر لتتبين حقيقة الأمر ، ما يعني أن هناك شيء ما غير مفهوم ، ونحن هنا لا نوجه أي اتهام لأي أحد ، نحن نحلل فقط من أجل محاولة للفهم عبر بسط هاته المعطيات .
ما أقدم عليه عبد الله البقالي بصفته المسؤول الأول عن جريدة العلم يستلزم طرح أسئلة جوهرية ، من قبيل ، هل فعلا جريدة العلم هي لسان حزب الاستقلال أم لسان عبد الله البقالي ؟ وهل الأمين العام لحزب الاستقلال السيد نزار البركة على علم بهذا الحوار ووافق على مضامينه أم أنه لا يعلم بما ينطق به لسان حزبه، على اعتبار أن جريدة العلم ليست جريدة مستقلة حتى ينشر مدير نشرها ما يروق له باستقلالية تامة أو بطريقة تعبر نوعا ما على أن شبح حميد شباط الزعيم السابق لنفس الحزب مازال يتحكم في الجريدة بدون علم الزعيم الحالي للاستقلاليين ؟
وإذا كان الأمين العام لحزب الاستقلال السيد نزار البركة على علم بهذا الحوار ولم يبد أي ملاحظة بخصوصه فإننا نتساءل ، عن ما هي الرسالة التي يريد أن يوجهها حزب الاستقلال للدولة ؟ هذا السؤال أيضا يدفعنا بالضرورة إلى طرح سؤال آخر عن العلاقة التي تجمع بين العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان التي يقودها قيادي استقلالي وبين أمنيستي ؟
لا نريد الإجابة عن هاته الأسئلة حتى نترك للرأي العام المجال للربط والتحليل حتى ولو كان الأمر يستلزم تطبيق القاعدة الشهيرة ” شرح الواضحات من المفضحات ”
وأمام هاته الأسئلة الجوهرية ينتصب وجه التناقض بين ما نشرته جريدة العلم لسان حزب الاستقلال محاولة تلميع صورة أمنيستي التي وجهت للمغرب اتهامات ثقيلة من قبيل التجسس على صحافي متدرب بواسطة برمجيات إسرائيلية وبين ما صرح به نور الدين مضيان الذي قال ” إنه يجب على هذه المنظمة أن تعلم أن تعزيز حقوق الإنسان بالمغرب هو خيار لا رجعة فيه وأكد بأن حزب الاستقلال سينخرط في أي مبادرة وطنية من أجل مواجهة هذه الانحرافات ”
التصريح الواضح والصريح لنور الدين مضيان رئيس الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية بمجلس النواب يفسر أن جريدة العلم تغرد خارج السرب ولم تعد لسان حزب علال الفاسي بل أصبحت لسان عبد الله البقالي الذي على ما يبدو أنه يصفي حساباته مع الدولة عن طريق الجريدة ، وهذا ليس بغريب عنه فلقد فعلها منذ أن تم التشطيب على اسمه من لائحة الاستوزار باسم حزب الاستقلال ، والآن يقوم بنفس العملية عندما وجد أن مستقبله السياسي أصبح مجرد ضباب ، ذلك أنه يحس بأنه أصبح من المنبوذين في الحزب لأن عهد نزار البركة ليس هو عهد الفار إلى تركيا ، ويرى أن مستقبله داخل النقابة الوطنية للصحافة المغربية شبيه بمستقبله داخل الحزب ، إذ أن أعضاء المكتب التنفيذي أغلبهم غير راغبين فيه نظرا للمشاكل التي خلقها داخل الجسم الصحفي ، إضافة إلى كونه يوجد في حالة التنافي على اعتبار أنه رئيس للنقابة وفي نفس الوقت هو عضو بالمجلس الوطني للصحافة ورئيس غير شرعي للجنة منح البطاقة المهنية بحكم أنه تم تعيينه على رأس هاته اللجنة قبل يرى النظام الداخلي للمجلس النور، بالإضافة إلى أنه استغل هاته الصفة من أجل تصفية حساباته مع الصحافيين الذين ينتقدونه ، وإن تجرأ أي أحد على انتقاده فإنه يمتنع عن منحه بطاقته المهنية ، لكل هاته الأسباب ، هناك جهات لهاته الأمور وإن بشكل متأخر ليصبح البقالي غير صالح ليكون من بين الذين يجمعون شتات المهنة ، وقد قاموا بإقصائه من عضوية الجمعية التي أحدثت مؤخرا تحت اسم الجمعية الوطنية للإعلام والنشر ، وبالرغم من أنه يعتبر من الناشرين فلقد جرى تهميشه وتعويضه بأخرى تنوب عن جريدة العلم .
وكما هو معروف ، فإن عبد الله البقالي كان دائما سليط اللسان اتجاه الدولة في ركنه اليومي بجريدة العلم ، عندما يتم حرمانه من الريع ، خاصة خلال فترته النيابية باسم حزب الاستقلال ، فلماذا ياترى لا نجد له ما يثبت أنه يدافع عن مصالح البلاد ضد تقارير المنظمات الدولية فيما يتعلق بحرية التعبير والصحافة ، وخاصة أنه دائم التكلم باسم الجسم الصحفي ويلهف ملايين الدراهم من دعم الدولة للنقابة وللجريدة لسنوات كثيرة مضت ؟
إنه منطق الريع السياسي الذي ينتهج قاعدة ” اعطوني ما أريد وإلا تحالفت مع الأعداء ضدكم ” ، وهو منطق البيع والشراء والتنوعير وتشناقت ، فهل ستستمر الدولة في التساهل مع من يبتزها ويلعب على الحبلين ضد مصالح البلاد ؟ هل سمعة البلاد أصبحت معروضة في المزاد العلني لناهبي المال العام والكائنات الانتخابية والحياحة ؟
ونختم تساؤلاتنا الباحثة عن إجابة شافية بسؤال أخير ، ماذا عن الدعم الآتي من جنوب المملكة المغربية لمقر الجزب بالرباط في عهد الزعيم الذي يعيش الآن بتركيا ؟
شارك هذا المحتوى