الأنباء بوست / حسن المولوع
حملة إعلامية شرسة من داخل المغرب وخارجه على وجه الخصوص طالت رئيس الحكومة المغربية والأمين العام للحزب ذي المرجعية الإسلامية ، العدالة والتنمية بعد توقيعه اتفاقيات إلى جانب من ممثلي الوفد الأمريكي الإسرائيلي ، الذي زار المغرب مؤخرا في أول رحلة تجارية ربطت بين المغرب وتل أبيب ، جاريد كوشنير مستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ومئير بن شبات مستشار الأمن القومي الإسرائيلي .
توقيع خلق نوعا من المفاجأة التي انضافت إلى تطبيع العلاقات بين المغرب وإسرائيل ، وما زاد من المفاجأة وطرح الأسئلة الباحثة عن إجابة هو صمت الأحزاب السياسية المغربية وعدم الكشف عن موقفها إزاء ذلك إلا من استثناءات ، والصمت كما هو معلوم يعبر عن الرضى القبول .
قيادة المصباح في شخصها سعد الدين العثماني وأمينها العام السابق عبد الإله بنكيران بررا التطبيع وتوقيع الاتفاقيات مع إسرائيل بأنه يدخل في إطار المصلحة العليا للوطن وقالا فيما معناه أن أولى الأولويات هو الصحراء المغربية وليست قضية أخرى .
وفي هذا الصدد ، قال المحلل السياسي ورئيس تحرير صحيفة لوبينيون سابقا ، الأستاذ خالد الجامعي ، إنه يجب التوضيح أولا على أن موقف سعد الدين العثماني لم يخلق المفاجأة ، فعندما كان وزيرا للخارجية ، كان من المهرولين ضد النظام السوري ، واتهم ، آنذاك الرئيس بشار الأسد بأنه ديكتاتوري ، ويقمع ويقتل شعبه إلى غير ذلك من الاتهامات ، وكان من الذين قطعوا العلاقات الديبلوماسية وطرد السفير السوري من المغرب ، وترأس اجتماع ما يسمى بأصدقاء سوريا الذي كان يضم تقريبا 40 دولة تحت وصاية الولايات المتحدة الأمريكية ، وفي ذلك الاجتماع يضيف الجامعي اتفقوا على أنهم سيعلنون ما سموه بالمعارضة الديمقراطية للنظام الفاشي لبشار الأسد ، لكن تبين بعد ذلك أن هذا الموقف الموقف الذي اتخذه العثماني كان موقفا خاطئا ، وتابع الأستاذ الجامعي قائلا ” وأنا من الذين في الوقت ذاته كتبت وقلت، لا تعتقدوا بأن النظام السوري مثله مثل النظام الليبي أو المصري ، فهذا النظام ، أي النظام السوري لن يسقط ، وتبين أيضا بعد ذلك أن سوريا كانت عليها مؤامرة سعودية قطرية ، بحسب ما اعترف به وزير الخارجية الأسبق لقطر الذي في حوار مطول له ، فضح المستور وقال بأنهم دفعوا الملايير للمرتزقة بتنسيق مع الولايات المتحدة الأمريكية .
وفي سياق متصل أضاف رئيس تحرير صحيفة لوبينيون سابق الأستاذ خالد الجامعي ” أن العثماني ينتمي إلى حزب كان ضد شباب حركة 20 فبراير ، ويجب أن يتذكر الإنسان يضيف الجامعي أن ابن كيران وقتها قبل أن يصبح رئيسا للحكومة ، اتهم شباب حركة 20 فبراير الذين قاموا بتلك الانتفاضة التاريخية ، اتهمهم بأنهم يطبلون ويزمرون وأنهم شباب غير مسؤول ومتهور ، لكن تبين أنه وبسبب هؤلاء الشباب بهيبتهم ونهضتهم هم الذين كانوا سببا في دستور جديد الذي خلق الظروف لصعود حزب العدالة والتنمية للحكومة ، إذن يتابع الجامعي ، موقف العثماني الذي وصل إليه لا يفاجئ ، لأنه تبين منذ وصول هذا الحزب للحكم ، أنه لا يحترم مبادئه.
المحلل السياسي خالد الجامعي أضاف في نفس السياق ، أنا أقول للعثماني وأتوجه إليه بالأخص ، فأنت وحزبك الذي له مرجعية إسلامية تؤمنون بالقرآن والسنة ، فهل نسيت أو تناسيت ما قاله يوسف الصديق عندما خير ما بين الانبطاح والصمود ، إذا قال ” السجن أحب إلي مما تدعونني إليه ” أي إنني سأبقى وفيا لمبادئي ولأسسي ، ولا يمكن للسيد العثماني أنه عندما يقول كلاما أو ييقوم بفعل ، 0يتحجج بالظروف ، وأقول له أن المبادئ لا تتغير مع الظروف ، وأنه عندما يكون الإنسان له مبادئ ، فلا يغيرها حتى الموت ، فالمبادئ لا تدخل في سوق النخاسة، والبيع والشراء ، إذ لا يمكن أن يقول هناك ظروف أو شيء من هذا القبيل يضيف الجامعي .
وتابع الأستاذ خالد الجامعي في السياق ذاته ، أذكر العثماني الذي نسي أو تناسى أن زعيم حزب الاستقلال محمد بوستة قال ” لا” في عهد الحسن الثاني عندما أراد تكليفه برئاسة الحكومة ، ووضع شرطا أن لا يكون إدريس البصري ضمن الحكومة ، فرفض الملك هذا الشرط ، في المقابل رفض بوستة أن يكون في حكومة يوجد فيها البصري ، كذلك زعيم حزب الاتحاد الاشتراكي عبد الرحيم بوعبيد عندما رفض الاستفتاء الذي اختاره الملك الحسن الثاني ، قال ” لا” فقام المل بنفيه ، ولم لم ينزح لا بوستة ولا بوعبيد عن مبادئهما ، وما حدث أن الحسن الثاني في نهاية المطاف عدل عما كان سيقوم به وربط بينهما حبل الود من جديد ، مضيفا ” في الأزمات يعز المرء أو يهان ، وأنا أقول للعثماني الدوام لله ، إنك لن تدوم في رئاسة الحكومة ، فغدا ستتركها ، فكيف ستكون حينها أمام ضميرك .
مسارعة قيادة حزب العدالة والتنمية وبعض المسؤولين الحكوميين إلى التطبيع مع إسرائيل تم تبريرها بالقول أنها في سياق ” مكره أخاك لا بطل” وأن الصحراء المغربية هي أولى الأولويات وليست فلسطين ، وفي هذا السياق أوضح الأستاذ الجامعي ” إن الصحراء المغربية وهذا ما أقوله دائما وأبدا لن يدافع عنها إلا الشعب المغربي ، ومن أعادها ليست أمريكا ولا إسرائيل ، فلقد أرجعها أبناؤها وبناتها عن طريق المسيرة الخضراء وآلاف الشهداء ، ولا ينبغي الاعتقاد بأن أي دولة ستموت من أجل الصحراء ، فقضية الصحراء شيء ، وقضية فلسطين شيء ولا يجب الخلط بينهما ، إذ يمكن لنا يضيف الجامعي ، أن نبقى مدافعين عن صحرائنا وكذلك تبقى لنا مبادئنا الثابتة اتجاه فلسطين.
وذكر الأستاذ الجامعي في السياق نفسه على أن حزب العدالة والتنمية ومنذ تأسيسه وهو ينادي بفلسطين والموت من أجلها ورفع الشعارات ، لكن تبين أن ما قاموا به عكس ما نادوا به ، مضيفا ، بل الأكثر من ذلك قام العثماني بالجلوس والتوقيع مع مجرم حرب “مئير بن شبات” قاتل الفسطينيين والمنكل بهم ، فلا شيء يبرر ذلك ، فمن له مبادئ ثابتة سيمتنع عن أي شيء يسير عكسها ، فلا أحد سيجره على القيام بأي فعل .
الملاحظ أن اللوم كله تم توجيهه للعثماني وحده مع أن جل الأحزاب السياسية صمتت باستثناء بعضها ، وفي هذا الإطار أوضح المحلل السياسي الأستاذ الجامعي قائلا أنا لا أوجه اللوم للعثماني وحده ولحزبه ، بل جميع الأحزاب التي ركنت للصمت ، وأشير إلى أنه يوجد بحزب العدالة والتنمية أناس مازالوا أوفياء لمبادئهم ، ويوجد بهذا الحزب شرفاء ومتشبثين بالقضية الفلسطينية ، فمن ألومه هو العثماني وقيادة الحزب ، ولا ألوم المناضلين ، والشاهد على ذلك أنه عندما قرروا انعقاد مجلسهم الوطني تبين للقيادة أنه لا يمكن أن ينعقد مجلسهم الوطني من دون أن ينفجر الحزب ومن دون أن يكونوا في قفص الاتهام فلم يجدوا أمام ذلك غير تأجيل انعقاده إلى أجل غير مسمى .
وفي سياق متصل أضاف الجامعي ، إن ما ذكرته بخصوص العثماني أقوله لحزب الاستقلال الذي كنت عضوا في لجنته التنفيذية ، فعار ما قام به حزب الميزان الذي كان زعيمه علال الفاسي الذي كان من مؤسسي وداعمي المقاومة الفلسطينية ، عار عليهم لأنهم لم يتخذوا موقفا واضحا في هذه القضية ، فهل يعتقدون أنه لو كان علال الفاسي حيا سيقبل الاعتراف بإسرائيل ؟ أنا أقول بأن القيادة الحالية لم تكن في مستوى فكر علال الفاسي ، مستوى الذين ناضلوا من أجل القضية الفلسطينية ، وأود أن أشير أن والدي الاستقلالي أبو الشتاء الجامعي كان أول مغربي ألقي عليه القبض في سنوات الثلاثينيات من القرن الماضي بسبب قيادته لمظاهرة من أجل فلسطين ، فمثل والدي هم من أسسوا حزب الاستقلال، وعندما ألوم فإنني لا ألوم القواعد بل ألوم القيادات ، فدائما في حواراتي أقول أن الأحزاب المغربية إلا من رحم ربي ، تمخزنت ، بالإضافة إلى ذلك فإن هذه الأحزاب لا تمثل شيئا ، ولا تمثل الشرعية المغربية ، فهم في واد والشعب في واد .
وأشار الجامعي في نفس السياق قائلا لا يجب أن يفهم من كلامي أنني فقط ألوم الاستقلال والعدالة والتنمية بل الأحزاب جميعها باستثناء الطليعة والنهج والاشتراكي الموحد ، والسبب في كوني ركزت على الاستقلال والعدالة والتنمية لأنهمت كانا يناديان بالدفاع عن فلسطين الموت من أجلها ، فمثلا لن ألوم أخنوش رئيس التجمع الوطني للأحرار لأننا لم نسمع به يوما قال بأنه سيموت من أجل فلسطين ، نفس لأمر على العنصر الأمين العام للحركة الشعبية ، وبالتالي فإنني ألوم من كان يبني جزءا من شرعيته على القضية الفلسطينية وتعبئة الجماهير بها .
وختم الأستاذ الجامعي تصريحه قائلا ” وهذه النازلة برهنت على أنه لا توجد ديمقراطية داخلية بالأحزاب السياسية، لأنهم لم يطرحوها على قواعدهم لدراستها واتخاذ قرار بشأنها ولم يعقدوا مجالسهم الوطنية لأنهم كانوا يعرفون أنه لو انعقدت هذه المجلس لطانت ضد قرار التطبيع .
شارك هذا المحتوى