الأنباء بوست / حسن المولوع
خاب وخسر المسمى مصطفى الحسناوي الذي كان منتسبا لمهنة الصحافة حينما أعلن إلحاده، وذلك عن طريق فيديو نشره على صفحته خلال اليومين الماضيين ، وهو الفيديو الذي اثار موجة من السخرية عليه لأن أغلب المعلقين تنبؤوا له بأنه سيكون مثل “النبي” المزعوم سعيد بنجبلي الذي صار أضحوكة القرن على مواقع التواصل الاجتماعي .
خاب وخسر الحسناوي ليس لأنه أعلن إلحاده، لأن هذا شأن خاص به وحده، بل خاب وخسر لأنه فشل في مخططه الذي لم يكن مبنيا على أساس متين ، وسار في اتجاه لم يكن يتوقعه ، وفشله هذا تماما كفشله عندما لبس جلباب الصحافة تارة، وتارة أخرى عندما لبس لباس الحقوقي ، وجميع الطرق التي سلكها كلها أوصلته للفشل ، وحتى طريق الإلحاد ستنتهي بالفشل بكل تأكيد .
إن ما لا يعلمه الكثيرون هو ان مصطفى الحسناوي طلب اللجوء السياسي للسويد (…)، بحجة أنه مضطهد من طرف السلطات المغربية ، وحينما اكتشف أن الدولة الحاضنة له يمكن أن تطرده من ترابها أو يبقى تحت مراقبتها اللصيقة بسبب أن له علاقات مع الجماعات الإسلامية المتطرفة ، اختار هذا الوقت بالذات ليعلن إلحاده ويشكك في القرآن أو لنقل في الإسلام ، وهو الوقت الذي يعلن فيه الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون حملة على الإسلام وما تلاها من ردود أفعال مستنكرة ، واختار الحسناوي هاته الظرفية ليعلن إلحاده ظنا منه بأن المغاربة سيهاجمونه وسيخرج السلفيون ليقولوا أنه مرتد عن دين الله ويفتوا بقتله ، وهذا الأمر هو ما يبحث عنه الحسناوي ، يبحث عن أناس يفتون بقتله لأنه خرج عن دين الله حتى يتمكن من ابعاد الشبهات عنه وانه لا علاقة له بالإسلام ومستعد لمهاجمته وهو بريء منه لأنه دين القتل والاقتتال والإرهاب ، وعلى اساس ذلك يقول بأنه خائف على حياته لأن هناك من يريد قتله لأنه ارتد عن الدين، لكن توقعاته خابت ، عندما لم يبالي به أي أحد، واعتبروا ان ذلك مجرد هزة نفسية لا تستدعي أي نقاش، بل تحتاج فقط إلى سخرية ، لأن المغاربة منشغلون بما هو أهم ولم يعد يهمهم معتقد أي أحد ، يدخل للإسلام أو يخرج منه فتلك حياته خاصة، إذ كان يريد بذلك شهرة ويركب على الموجة من أجل أن تتحدث عنه الفضائيات تزامنا مع النقاش الدائر حول الإسلام ويشرع بدوره في مهاجمة الدين الاسلامي الذي كان هو في الأصل متشددا فيه ، ويبدأ في التباكي لينال حظه من الشهرة وأيضا لينال رضى من يريد التمسح بهم تطبيقا لقول الله عز وجل ” وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ” وبالتالي فلقد فعلها لنيل الرضى ، وهذا ما يبدو واضحا .
إن اختيار الظرفية التي يشن فيها ماكرون عادءه للإسلام هي ظرفية مناسبة لإعلان الإلحاد والتباكي بمنطق الضحية والتشكي من الاضطهاد، لكن الحسناوي ولغبائه برر أن شكه في أشياء من الإسلام جاءت بناء على مقاطع فيديو شاهدها ، فهل مقاطع فيديو هي من ستجعل الانسان يشك وهو الى وقت قريب كان متشددا في الدين ؟
لقد بنى الحسناوي شكه بناء غبيا جدا، وهو الذي عرضه لسخرية كبيرة ، لأن التساؤلات التي طرحها هي تساؤلات سطحية ، و هو يعلم إجاباتها جيدا ولا داعي لأن نستغل هاته السطور للوقوف عليها ، لأن جوابها بسيط تماما كالذي يقول عندما يسير القطار من البيضاء ويصل إلى طنجة وخلال عودته إلى الدار البيضاء هل يقوم بالدوران ؟ وكيف سيدور ؟ وهل هناك سكة أخرى تسمح للسائق بأن يدور ؟ وكل هاته الأسئلة ما كان لها لتطرح لو بحث طارحها قليلا ، كون أن القطار له رأسان، رأس متجه في طنجة والآخر في البيضاء ، ولا يسير الا في سكة واحدة ، نفس الأمر كنا نطرحه ونحن صغارا عن الصاروخ، ونقول يصعد الصاروخ بشكل عمودي الى الفضاء وعندما يريد العودة كيف ستكون ؟ هاته الأسئلة كلها سطحية ولا تستدعي الشك مثل ديكارت، والظهور بمظهر العميق ، بل ستظهر صاحبها بمظهر الغريق في السذاجة والبلادة .
من الأكيد أن مصطفى الحسناوي يعلم الجواب عن كل التساؤلات التي طرحها ، ومن الغباء أن يظن بأننا سنصدق بأنه فعلا بدأ يشك ،فهو ليس بالمفكر ولا الباحث ، و ما هو ثابت لدينا ، هو أنه طلب اللجوء ويريد اثبات ولائه بأي وسيلة حتى ولو استدعى الأمر أن يقول بأنه مثلي ويخشى على نفسه من القتل، فالذي دماؤه تسري فيها العبودية يمكن له أن يفعل أي شيء ، فالعبودية تختلف ، وهناك من يمارسها بشكل مُقَنَّع وليست هناك أي دولة تعتبر جنة الله على الأرض ، هناك تباينات في العيش نعم ، ومن يريد العيش مثلهم عليه اتباع ملتهم ، أما إن كان سيبقى مسلما فذلك سيخلق له المتاعب خصوصا وأنه قد اعتقل سابقا(…).
جدير بالذكر أن الحسناوي كان من بين المتشددين الإسلاميين وسبق له أن اشتغل بجريدة التجديد عندما كان يديرها عبد الإله بنكيران، كما اشتغل بجريدة السبيل السلفية ،وسبق له ان زار بؤر التوتر وتم تسليمه إلى السلطات المغربية واعتباره من أخطر المجرمين على صعيد الجماعات المتشددة، وتم الحكم عليه بثلاث سنوات سجنا نافذة، وحاول تقديم نفسه على أنه ناشط حقوقي بينما زار العديد من مناطق المسلحين والجهاديين، زاعما أنه صحافي بينما لم يكن حينها يشتغل في أية صحيفة.
شارك هذا المحتوى