
الأنباء بوست / حسن المولوع
بمجرد ما انتهت أحد الحوارات المنشورة على اليوتيوب عبر تقنية المباشر والتي كان ضيفاها أحد ألمع الصحفيين وأحد المحامين حتى امتلأ الفيسبوك بتدوينات ساخرة من المحامي وأخرى مشجعة للصحافي …
لقد سقط هذا المحامي سقطة مدوية وأسقط معه كل الأقنعة وكان أوهن من بيت العنكبوت ، صار منبوذا مهانا ذليلا وأضحوكة بين زملائه وزميلاته عبر تطبيقات الواتساب، وحديث كل لسان، وكأنه سيتكوم رمضاني فقير من حيث الابداع لكنه مضحك من حيث الغباء ومشاهد “التعواج”.
ظهر ضعيفا بدون حجة محاولا استفزاز الصحافي الضيف ومستصغرا إياه ، لكن كان الصحافي له بالمرصاد وأرجعه إلى بيته صاغرا بحجمه الحقيقي ، فاضحا تذبذبه و تناقضه الشاذ، الاشبه بالحب الآثم الذي يربط بين المحارم .
مسكين هذا المحامي ، مازال يعتقد أن الكفاءة في مهنة المحاماة تقاس بعدد السنوات ، وهو المعروف طيلة مساره بأنه متعود على القفز بالزانة من حزب إلى حزب وفي بحث دؤوب بغير كلل ولا ملل عن موطئ قدم في جنان المخزن المثمرة ليأكل من بذورها ، لكن لا يعلم المسكين ، أن المخزن لا يثق فيه وفي أمثاله لأنهم يعرضون مبادئهم في سوق النخاسة وعوراتهم مكشوفة للعيان ، فخدام المخزن يعتبرونهم مجرد أدوات ك”الشيفونات” لتمسح فيهم الزلات وبعدما يصبح وسخهم نتنا ومزكما للأنوف يتم رميهم في حاوية الأزبال ويتم الاتيان بشيفون أنظف، لأن هذه النماذج كثيرة ورخيصة ..
وبما ان هذا المحامي “الشيفونة ” ذكر عدد السنوات التي قضاها في مهنة هي من دون شك اشرف منه، لأن مزاولها تكون فيه قيم الشرف والنخوة البعيدة عنه ، فالظاهر أنه لم يعتبر من التاريخ الذي عاشه ، فكلنا يعلم مصير أقوى وأعتى وزير مر في الداخلية كيف كانت نهايته ، انتهى مذموما ومنبوذا ، فهل كان البصري يتوقع أن تكون نهايته بهذا الشكل ؟ قطعا لا ، لأنه توهم بأن المخزن لن يفرط فيه نظير الخدمات التي قدمها والمغرب آنذاك كان على فوهة بركان نتيجة المكائد والانقلابات والمعارضة التي كانت معارضة بمعناها الحقيقي ، فهل قدم أو سيقدم هذا المحامي ولو جزيئة مما قدمه البصري ؟ وهل يبلغ من العلم والتجربة والذكاء مما بلغه الوزير الاقوى في عهد الحسن الثاني رحمه الله ؟ بالطبع لا ، لا هذا ولا ذاك ، وليس باستطاعته أن يقدم أي شيء ، لأن فاقد الشيء لا يعطيه ، وغالبا عندما يتم رمي مثل هؤلاء في المزبلة ، يتحولون الى خناجر في ظهر الوطن ، وأنا شخصيا عندي حساسية مفرطة منهم ، لأنني لا ألمس الصدق والغيرة الوطنية فيهم ، فغيرتهم تقاس بعدد الدراهم، ومن أجل الدرهم يبيعون كل شيء، حتى ولو تطلب الأمر بيع محارمهم تحت مسمى البريستيج والانفتاح المزعوم .
لو كان هذا “الشيفونة” في عهد رجالات إدريس البصري لقدموه قربانا للآلهة نتيجة خطئه المفضوح خلال الحوار المذكور الذي خلق البلبلة وكشف المستور ، كانوا سيلصقون فيه أنه هو صانع كل تلك الملفات ومحرض من اشتكى وموجههم ، وذلك من أجل انقاذ صورة الوطن وحماية مسؤوليه ، فالشيفونة لا تصلح الا أن تكون قربانا بالمعنى المجازي للكلمة ، حماية للوطن واتقاء للمنبوذ من ألا يتحول خنجرا في ظهر الوطن بعد الاستغناء عن خدماته .
فمثل هؤلاء يجوز فيهم الظلم ليتجرعوه ، وليحسوا بمعاناة العائلات والأبناء والزوجات القابع أزواجهن في الزنازن ، لأنهم لم يتركوهم وشأنهم أمام القضاء لينازعوا على براءتهم ، بل ساموهم سوء العذاب ، وشهروا بهم وكأنهم مساخيط ليسوا بمغاربة أو حملوا السلاح ضد النظام ، ولو أن النظام أحن وأرحم من هؤلاء لأنه يقول “إن الوطن غفور رحيم “، ومثل هؤلاء لا يرحمون ولا يتركون الرحمة تسري بين العباد في هذه البلاد ، لذلك فأنا عنونت مقالتي “الخوف ليس من المخزن بل من كلينكس المخزن…المحامي “شيفونة” نموذج على ذلك “.
والأنكى والأمر أن هذا الشيفونة أخذته حماسته التي تزداد يوما عن يوم لينصب نفسه ملاحظا لسير المحاكمات ، دون أن يدري بأنه يرتكب مخالفات مهنية صارخة ، أمام صمت مريب لمن يسهرون على تنفيذ النظام الداخلي للهيئة التي ينتمي اليها هذا ، وخصوصا في مادته ال 15 ، زد على ذلك أنه ومن حيث لا يدري يهين قضاء بلاده حينما ينصب نفسه ملاحظا تحت يافطة جمعية ليست للمنفعة العامة ولا هي جمعية مهنية تضم ابناء المهنة وبناتهت الشرفاء تحت رعاية النقيب، فمن سيراقب هذا واي شيء سيحرر بشأنه تقارير؟ ولصالح من ؟ ولأجل ماذا ؟ علما أن سير الجلسات وتنظيمها هو عمل يسير وفق قانون المسطرة الجنائية في مادته 298 ، وإن وقع شيء مخالف للضوابط فإن الهيئة القضائية تقوم بتحرير محضر بذلك و ترفعه للنيابة العامة ، فما دور هذا المحامي إذن ؟ فلا يمكن الا وصفه بالمتطفل على اختصاص ليس اهلا له ، إذ بإمكانه أن يحضر لأن الجلسات علنية ولكن أن يعطي لنفسه الحق كملاحظ فهذا في نظري إهانة لقضاء بلادي لن يسمح به كل من يتحلى بالغيرة الوطنية الصادقة .
إن ذهني تكاد أفكاره ان تتشتت او تتبعثر ، لأنني أعرف أن مهنة المحاماة من أنبل المهن، ومزاولها يكون مهذبا وأنيقا في مظهره وخطابه ، إذا دخل المحكمة كان عطره مميزا ، واذا تكلم كان لسانه يشد الأسماع ، لا رائحة كريهة ولا نتانة فيه ، ويكون حذاؤه لامعا كالمرآة ، ولكن للأسف أصبحت أرى العكس في السنوات الأخيرة في بعضهم المعدود على رؤوس الأصابع، مثل النتوءات الصخرية الموجودة بجنبات شاطئ غير صالح للاستجمام …
قد يكون هذا ابتلاء ، والمؤمن مبتلى ، ولأن مهنة المحاماة ومزاولوها مؤمنون برسالتهم النبيلة، فلقد ابتليت مهنتهم بهذا البلاء مثلما ابتليت مهنتنا ، الصحافة منذ زمن ، نسأل الله ان يرفعه عنهم ويعجل برميهم في حاوية الأزبال على غرار من سبقوهم من “الشيفونات ”

شارك هذا المحتوى