الأنباء بوست/ حسن المولوع
عندما تأكدت شمطاء الصفاقة من أنها وضعت نفسها في ورطة لا تُحسد عليها، وأن ثمن ذلك سيكون باهظًا، خاصة بعدما كانت أول من ادّعى، قبل غيرها، وجود فيديوهات لتوفيق بوعشرين، التي اعتُبرت كأدلة أُدين بسببها بـ15 سنة، قبل أن يحظى بعفو ملكي سامٍ. وهو الأمر الذي قمنا بنفيه بالحجة والبرهان عبر مقالنا ليوم أمس تحت عنوان: “معركة خاسرة ضد سلطان الصحافة الأستاذ توفيق بوعشرين، وإساءة لمؤسسات الدولة”، أصبحت تترنح وتتخبط مع نفسها كالذي يتخبطه الشيطان من المس.
وكما أشرنا عبر مقالنا ، فإنه يستحيل وجود تلك الفيديوهات لأن المحكمة قضت بإتلافها وحرقها. وأي حديث اليوم عن وجود هذه الفيديوهات هو كذب من جهة، ومس خطير جدًا بنزاهة الفرقة الوطنية التي كانت أول من وضع يدها على المحجوزات قبل أن تسلمها إلى النيابة العامة، ثم تُعرض لاحقًا على القضاء الجالس في جلسات سرية، وليس في “محاكمة سرية” كما ادّعت ذلك في ما يشبه المقال الذي نشرته عبر موقع تدير نشره ، وقد كتبت ذلك وهي تحت ضغط الرعب من القادم المجهول مستعينة كما العادة بذكاء chat gpt لأنها لا تستطيع الكتابة .
إن الإشارة إلى “محاكمة سرية” تُعد إساءة بليغة للدولة، فمغربنا الحبيب ليست فيها محاكمات سرية . لكن، ما عسانا أن نقول عن واحدة مندسّة بيننا في مهنة الصحافة ، وهي لا تفرق بين “النعلة” و”اللعنة”، حيث تكتب باستمرار “النعلة” وهي تقصد “اللعنة”.
إن شمطاء الصفاقة تعترف بأنها تتحوز على فيديوهات، أو لنقل إنها شاهدتها. وبالتالي، فمن المنطقي في هذا الباب أن يتم البحث معها من طرف الفرقة الوطنية الموقرة، بعد إشعار النيابة العامة المختصة، حول ظروف وملابسات توصلها بذلك. فإذا كانت تكذب، فإنها نشرت أخبارًا زائفة، وإذا صدقت وكان لديها فعلًا نفس الفيديو الذي عُرض أمام المحكمة، فهذا أمر جلل، لأن الأمر يتعلق بالدليل الجنائي وبالمحجوز الذي لا يخرج عن دائرة ثلاث مؤسسات: الفرقة الوطنية، النيابة العامة، والقضاء الجالس، الذي كما علمنا حينها حكم بإتلاف المحجوزات.
إضافة إلى ذلك، هناك مؤسسة أخرى وهي الدرك الملكي، الذي تكلف بإجراء الخبرة على القرص الصلب والأشرطة. وللتوضيح، فإن أي صحافي في العالم، مهما بلغت حنكته، لن يستطيع الوصول إلى المحجوز بعد وقوعه بين يدي الشرطة. لذا، فإن ادعاء هذه (الصحافية) أنها قادرة على الوصول إلى أشياء من هذا النوع يدخل في إطار الأسرار التي ينبغي تحصينها. وسهولة الوصول إليها تثير الفزع لدى المواطنين والمواطنات.
ولأن ثقتنا كبيرة في مؤسسات بلادنا ورجالاتها، فنحن لن نشك قيد أنملة في أن الدليل المحجوز يمكن أن يُخرج إلى الفضاء العام ليُستخدم أداة لتصفية الحسابات مع شخص حظي بعفو ملكي سام. فهذا العفو من المفترض أن يفتح له مجتمعًا يحتضنه من جديد، لا أن يخرج من السجن الصغير إلى السجن الكبير المليء بالنهش في عرضه جهارًا نهارًا عبر آلة التشهير وأمام أنظار حماة القانون بهذه البلاد الشريفة .
ثقتنا في المؤسسات تستلزم بالضرورة فتح تحقيق في الموضوع، خاصة وأن هذه (الصحافية المقتدرة) ذكرت، وهي تناقض نفسها، عبر مقال نشر على موقع إلكتروني تديره، ما يلي:
“حديثك عن الفيديوهات يكشف جهلك التام بأبسط معايير العمل الاستقصائي. لو كنت تملك الحد الأدنى من الفهم، لطرحت السؤال الصحيح: من له المصلحة في نشر هذه الفيديوهات؟ الإجابة واضحة، لكنها تغيب عنك بسبب أجندتك المريبة. الزوجة الأولى تسعى لاستخدام الفيديو وسيلة ضغط للحصول على ما تبقى من أملاكه، أما بطلة الفيديو فمعلوم أنها تسعى للانتقام من الزوجة، وهي تعمل على ترتيب أمورها معه كي يلتحق بها في أمريكا. لكن غرضك ليس كشف الحقائق، بل ممارسة هوايتك المفضلة في “تقطار الشمع” على المؤسسات وتشويه من يخالفون أجندة مريديك”.
هذا الكلام، وإن دل على شيء، فإنه يكشف حجم المغالطات التي يتم ترويجها، وهي مغالطات مسيئة لمؤسسات الدولة ورجالاتها، ويستدعي تدخل الجهات المختصة لتوضيح الحقيقة للرأي العام.
إنه وحسب ما علمناه في وقتها من موقعنا الصحفي، بحكم تتبعنا للملف، أن ضباط الفرقة الوطنية، عندما تصادفوا مع توفيق بوعشرين في الطابق السفلي من العمارة يوم الاعتقال، طلبوا منه، بعدما عرّفوه بصفتهم، الدخول إلى مكتبه. وأوضحوا أنهم جاؤوا ليبحثوا عن كل ما يفيد التحقيق، وذلك بناءً على ثلاث شكايات كما تتبعنا حينها: شكاية من مجهولة، وشكاية من امرأة تدعي أنه اغتصبها، وأخرى تدعي أنه حاول اغتصابها.
عندما طلب الضباط من توفيق بوعشرين الدخول إلى مكتبه، لم يتردد وتعامل مع الطلب بكل عفوية. وعندما دخلوا إلى المكتب، وفقًا لما جاء في تصريحات بوعشرين وفي المحضر، قاموا بإخراج تلك التجهيزات ووضعها. إذ يُذكر أن مكتبه كان دائمًا مفتوحًا وتدخله المنظفة، والتقني، والصحفيون، بحسب ما أكده الشهود حينها، حيث عُثر على جزء من تلك التجهيزات خلف التلفاز.
قام أفراد الفرقة الوطنية بتجميع تلك المحجوزات وإخراجها، ثم عرضوها على بوعشرين، وقالوا له: “هذه لك”، لكنه أنكر بأنها تخصه. ونحن هنا لا نريد الرجوع إلى تفاصيل القضية أو النبش فيها مجددًا، احترامًا لمهنتنا، ولحكم المحكمة، وللعفو الملكي. لكن هذا المقال يهدف فقط إلى فضح غباء البعض الذين ورّطوا أنفسهم في تناقضات تعرّضهم للمساءلة القانونية.
أمام عرض هذه المعطيات الموثقة، نتساءل: من أين جاءت هذه (الصحفية) بهذه المعطيات الجديدة التي تورطها حتمًا؟ فهي تدعي أن أحد الفيديوهات يُستخدم من طرف الزوجة للضغط والحصول على ما تبقى من أملاك بوعشرين، بينما بطلة الفيديو، حسب زعم الصحفية، تسعى للانتقام من الزوجة، وتعمل على ترتيب أمورها معه كي يلتحق بها في أمريكا. يا له من سيناريو غير محبوك يعبر عن غباء كاتبته، التي لم يستطع خيالها الواسع توضيح من يمتلك الفيديو، هل الزوجة أم البطلة، حسب زعمها؟
هذا السيناريو الغبي، الذي تمّت كتابته تحت ضغط الرعب ومحاولة الخروج من الورطة، يُسائل كاتبته باسم مستعار : من أين حصلت على كل هذه المعلومات “الهامة”؟ هل هي معلومات صحيحة أم زائفة ومن إنتاج بنات الأفكار؟ علمًا أن القرص الصلب لم يتم فتحه إلا بمقر الفرقة الوطنية، فكيف يمكن أن تحصل الزوجة أو البطلة على محتواه، خاصة أن المحجوزات كانت موجودة خلف التلفاز ولم يسبق لاحد ان رآها ؟
ولنفترض أن المشتكيات كُنّ يتوفرن على تلك الأشرطة قبل انفجار الملف، أليس الأجدر أن يضممنها إلى الشكايات؟ أليس ذلك أسهل للبحث، دون اللجوء إلى الطريق الطويل الذي لايسع المجال للتطرق لتفاصيله؟ وللإشارة، حسب ما علمناه حينها، أن من قمن بوضع الشكايات لا وجود لأي فيديو يخصهن حين كان يتم عرض الفيديوهات في جلسات سرية ، وقد قررت المحكمة حينها انعقاد الجلسات السرية بدافع ان المجتمع المغربي هو مجتمع محافظ ومجتمع الوقار والحشمة وحماية لعرض النساء موضوع الملف .
إن هذه الأسئلة تُبرز التناقضات الواضحة في رواية هذه (الصحفية)، وتؤكد ضرورة مساءلتها حول حقيقة زعمها.فالمساءلة القانونية لها تهدف إلى تحصين مؤسسات الدولة من أي مساس بها أو إساءة لرجالاتها، الذين لا نشك في نزاهتهم، بالإضافة إلى الحفاظ على قدسية المحجوزات التي أقامت الدليل القانوني، ومنع استخدامها كأداة لتصفية الأحقاد والضغائن. فليست هذه السيدة بأفضل حالٍ من الملقبة بـ”هيام سطار”، التي تقضي عقوبة سجنية، ولم يشفع لها كونها امرأة ولها أطفال من الخضوع للمساءلة والعقاب.
نتوقع أن يكون مصير “شمطاء الصفاقة” مشابهًا لما وقع لزكرياء بلقاضي، المعروف بلقب “كابو” جماهير الرجاء البيضاوي والملقب بـ”السكوادرا”، الذي وُجهت إليه تهمة إثارة الشغب خلال المباراة التي جمعت فريق الرجاء البيضاوي بضيفه شباب الريف الحسيمي سنة 2016، في حادثة عُرفت بـ”السبت الأسود” وراح ضحيتها مشجعان من أنصار الرجاء. وقد اعتُبر آنذاك المسؤول عن اندلاع الشرارة الأولى للشغب.
اعتقال “كابو” قاد إلى تحريك النقاش العمومي حول قانون رقم 09/09 المتعلق بالعنف المرتكب في المباريات والتظاهرات الكروية، خاصة مع تفاقم ظاهرة الشغب في الملاعب حينها. وبما أن “السكوادرا” كان من أبرز المشجعين، فإن توقيفه جاء مباشرة بعد تعديل قانون شغب الملاعب لردع الجماهير الكروية، وهو ما ساهم في الحد من الظاهرة بشكل كبير، محققًا الردع العام.
الأمر نفسه قد ينطبق على “شمطاء الصفاقة”، في ظل تصاعد النقاش حول مواقع التشهير بالمغرب، وما يثيره وزير العدل عبد اللطيف وهبي بين الحين والآخر بخصوص استخدام شبكات التواصل الاجتماعي وشبكات البث المفتوح والشبكات المماثلة. فقد تصبح هذه السيدة كبش فداء لأنه من الصعب متابعة الجميع في هذا المجال، لا سيما أنها اليوم من أبرز المهاجمين لأولئك الذين حظوا بعفو ملكي، بأسلوب يُفهم منه الطعن في اختصاص من اختصاصات الملك.
إننا نراقب الوضع عن كثب ونحلله دون التدخل في عمل مؤسسات بلادنا، التي نثق تمامًا في نزاهتها. وإن غدًا لناظره قريب.
شارك هذا المحتوى