الأنباء بوست/ حسن المولوع
ما يكتبه رضوان الرمضاني لم يعد ينتمي إلى الصحافة بمفهومها النبيل؛ بل بات تجسيدًا صارخًا للتحريض الرخيص والإساءات المقصودة التي تتخفى خلف قناع الرأي الحر.
أحدث منشوراته على “فيسبوك”، التي تضمنت وصف حزب العدالة والتنمية بـ”الجماعة” وأمينه العام عبد الإله بنكيران بـ”المرشد العام”، كشفت عجزه عن الالتزام بأبسط قواعد الأخلاق والمهنية، وجعلته يبدو أشبه بمن يمارس الكتابة كوسيلة لتصفية حسابات شخصية بدلًا من تقديم نقد بنّاء.
لا يعنينا الدفاع عن حزب العدالة والتنمية، كما لا يعنينا الدفاع عن أي حزب سياسي في هذا البلد؛ فكلهم “مسقيين بمغرفة وحدة”، يشتركون في العجز عن تحقيق آمال هذا الشعب. لكن، في المقابل، لا يمكن السكوت عن السقوط المدوي لهذا الرمضاني المثير للجدل والمثير للفتنة في مستنقع التشهير والإساءات، حيث أصبح أقرب إلى بوق منبوذ يخدم أجندات صغيرة، ويضحي بالمهنية من أجل حفنة من الإثارة الرخيصة.
إن وصف حزب سياسي معترف به دستوريًا بـ”الجماعة”، وربط قيادته بمصطلحات ذات دلالات سلبية، ليس نقدًا سياسيًا، بل إساءة مباشرة لمؤسسة الملك، التي تعاملت وما زالت تتعامل مع هذا الحزب كمكون من مكونات المشهد السياسي الوطني. والأخطر من ذلك هو محاولة الرمضاني توجيه الاتهامات لبنكيران بطرق ملتوية، عبر إقحام اسم الملك في سياق مهاترات لا تخدم سوى نزعة الرمضاني للتحريض والإثارة.
يدّعي الرمضاني الدفاع عن المؤسسة الملكية واختياراتها الدبلوماسية، لكنه في الحقيقة يسيء لها حين يجعلها طرفًا في نزاعاته الشخصية. فالملك ليس بحاجة لمن يزايد باسمه أو يستخدم مقامه لتصفية خلافات سياسية أو إعلامية.
ما يلفت الانتباه في منشورات الرمضاني هو تناقضه الصارخ. فمن جهة، يُظهر نفسه كمدافع شرس عن “النبل الملكي”، ومن جهة أخرى، لا يتوانى عن استخدام عبارات أقل ما يُقال عنها إنها مليئة بالشعبوية والتحريض المكشوف. فمهاجمته لبنكيران، ووصفه بـ”المتهور”، والتلميح إلى مواقفه الدبلوماسية حول القضية الفلسطينية، ليست سوى محاولة يائسة لتشويه صورة رجل كان يومًا رئيسًا للحكومة، مما يعكس افتقار الرمضاني إلى الحد الأدنى من احترام الخصومة السياسية.
أخطر ما في خطاب الرمضاني ليس فقط تطاوله على بنكيران وحزب العدالة والتنمية، بل زجّ اسم الملك في هذا السياق بأسلوب يفتقر إلى اللباقة والوعي السياسي. فإقحام المؤسسة الملكية في هذه المعركة يظهر استهتاره بالرمزية العالية التي يمثلها الملك للشعب المغربي، ومحاولته الرخيصة لشرعنة هجماته عبر الزج باسم الملك في كل سطر من منشوراته.
وإذا كان الرمضاني يعتبر نفسه صحفيًا، فالصحافة ليست ميدانًا للمزايدات الشخصية ولا منصة لتصفية الحسابات. لأن قلم الصحفي يجب أن يكون منبرًا للحقيقة، لا وسيلة للتحريض أو أداةً لتقوية نزاعات شخصية. وإذا كان مهتمًا بالدفاع عن المؤسسة الملكية، فالطريق لذلك ليس في السخرية من خصومه ولا في استغلال مقام الملك لإخفاء ضعف حججه.
إن المهنية الحقيقية تكمن في الالتزام بأخلاقيات المهنة والارتقاء بالخطاب إلى مستوى يليق بالقراء وبالوطن. أما ما يفعله، فهو سقوط مدوٍّ في مستنقع التهجم والتشهير، الذي لن يعود عليه سوى بالازدراء وفقدان المصداقية.
رضوان الرمضاني نموذج لما يحدث عندما يتحول الإعلامي إلى مجرد متحدث باسم أجندات صغيرة، دون وعي أو مسؤولية. فما كتبه عن بنكيران وحزب العدالة والتنمية يعكس انحدارًا خطيرًا في مستوى النقاش الإعلامي والسياسي في المغرب. وهنا نطرح السؤال : إلى متى سنسمح لأشباه الصحفيين بتشويه صورة الإعلام وجعله ساحة للتجريح بدلًا من التنوير؟
لم يكن رضوان الرمضاني في أي وقت من الأوقات صحفيًا حقيقيًا، بل ولم يكن حتى رجلًا في مواقفه. ففي كل الأزمات التي شهدها المغرب، كان دائمًا في الجهة الخطأ، إذ يختار الوقوف ضد الرأي العام وضد مصالح الشعب.
لقد اختار، طوال مسيرته، أن يكون دائمًا في الجهة الأخرى: ضد الشعب، ضد الحق، وضد أي صوت نزيه يطالب بالعدالة. فإذا كان يرى في نفسه صحفيًا، فالصحافة ليست ساحة للمهاترات، وليست منصة لتصفية حساباته الشخصية.
التاريخ لن يرحم، رضوان الرمضاني. وسيُذكر كشخص اختار في كل المراحل أن يقف ضد الحق وضد الشعب، تمامًا كما ذُكر من سبقوه ممن باعوا أقلامهم وأصواتهم لغايات رخيصة. ولن يبقى منه سوى مثال على ما لا يجب أن يكون عليه الصحفي، وصدى لسقوط مدوٍ في أعماق الانحطاط المهني والأخلاقي.
شارك هذا المحتوى