
الأنباء بوست
لم يكن أحد يتوقع بأن الزميل سليمان الريسوني الذي تجمعنا معه البطاقة المهنية، سيرمى في غياهب النسيان، ولن يستذكره إلا من يوجد في دائرتهم الضيقة ، من عائلته أو من كان يشاركهم الموائد والصالونات، يستذكرونه بواسطة تدوينات يتيمة صماء ، تحس أنها فقط مجرد تأدية واجب .
كان من المتوقع بعدما جرى اعتقاله أن تمتليء الساحات بالاحتجاجات ، وصفحات الفيسبوك بافتتاحياته، او اقتباسات من أقواله الخالدة التي تتحدث عن الشعب وبؤسه وعذاباته اليومية ، كل هذا لم يحصل، وما حصل هو النسيان ، رغم المحاولات اليائسة التي روجت اللازمة الشهيرة بمجرد ما تم اعتقاله ، أنه اعتقل لأنه كان مدافعا عن الشعب ، والغريب أن هذا الشعب المسكين أصبح كالقاصر ، الكل يفوض نفسه للدفاع عنه، والحقيقة أن هناك من يدافع عن مصالحه الشخصية، ولحظة وقوعه يجتر لازمة الدفاع عن الشعب ، وأنه كان صنديدا في مواجهة المخزن ، وهذا الأمر روجوه عن سليمان وكأن افتتاحياته كانت تزعزع الكراسي ، وتخطف النوم من جفون المسؤولين ، لأنه قاهر المفسدين وفاضح الفساد .
كل ما تم ترويجه ثبت بالملموس أنه ليس حقيقة ، بل مجرد ادعاءات أريد بها باطل ، ليصبح سليمان نسيا منسيا ، بخلاف المهدوي وبوعشرين وغيرهما ممن يستذكرهم الشعب بمواقفهم الثابتة وبما أبدعه مدادهم ، أما سليمان ربما يتم استذكاره بحملات التشهير التي كان يقودها ضد من لا يروقون لمزاجيته ، ليكونوا عرضة لسلاطة اللسان التي أقحمها عنوة بمهنة الصحافة ، وحملات التشهير تلك ، لم تسلم منها حتى ابنة أخيه الصحافية المهنية ، هاجر الريسوني ، حينما اعتقلت وتم العفو عليها بعد ذلك من طرف الملك ، إذ كان سليمان أول من قاد حملة التشهير ضد هاجر ، قد يبدو الأمر غريبا ومضحكا في نفس الوقت ، لكنه هو الحقيقة التي سجلها التاريخ ولا يستطيع أي أحد انكارها ، إذ وعبر الجريدة التي كان رئيسا لتحريرها قام بنشر خبرة مبتورة وأرفقها باسم صاحبتها والتي لن تكون الا هاجر الريسوني ، ولم يكن أي أحد سيلتفت لموضوع اعتقالها وربما كانت ستخرج بعد مرور 48 ساعة ، لكن ونظرا لتسرعه حاول أن يمتطي امواج الشهرة والكذب بتزييف الحقائق ، وحول ابنة شقيقه على أن اعتقالها جرى بسبب مهنتها ، وهو الأمر الذي يكذبه التاريخ ، فهاجر ليست مناضلة ولم تكن كاتبة رأي او منتقدة للسلطة ، بل هي صحافية جد عادية لم تكن معروفة الا عند قراء الجريدة بتغطيات كباقي الزملاء ، ولأن سليمان روج الكذب ، قامت بعض المنابر آنذاك بالرد والتوضيح، ولم يعجبه الأمر وقام بالتشهير بأصحابها وسبهم وقذفهم والتشهير بهم، فأخذ يسب هذا ويقذف ذاك ويتهم الآخرين بأشياء لا توجد الا في خياله ، وكل من لم يسر في توجهه فهو يعتبره عدوا له ويحرض ضده، وباقي الحكاية بتفاصيلها ، الجميع يعرفها، وكل شيء مازال موثقا (…) ومن الأكيد أن بعض الأصوات المتشنجة عندما ستقرأ هذا المقال لن يروقها الأمر ، ولكن قبل التشنج ، أدعو إلى طرح سؤال يتيم لماذا يتم التركيز فقط على هاجر الريسوني بكونها تم استهدافها من طرف المخزن ولم يتم التركيز على زوجها ؟ أليس زوجها بدوره تعرض للإعتقال ؟ ألم يتم اعتقال أيضا الطبيب ؟ لماذا فقط هاجر علما انها لم تكن منتقدة للسلطة في يوم من الأيام ؟ من يريد صناعة مناضلين قصد تصفية الحسابات عن طريقهم ، ونذكر في هذا السياق أنه جرى مؤخرا تحويل أجيرة كانت تشتغل بجريدة كمنظفة إلى صحافية مضطهدة وقد كتبوا لها مقالا على الواشنطن بوست موقع باسمها وهي لا علاقة لها بالصحافة بل لا تستطيع حتى النطق بالدارجة المغربية فما بالكم بالانجليزية والعربية ؟ إذن ، أترك هذا السؤال مفتوحا قصد التحليل والمناقشة (…)
الزميل سليمان الريسوني سيواجه قاضي التحقيق اليوم الأربعاء ، وربما ستكون هناك مواجهة بينه وبين المشتكي ، ولأننا نؤمن بقرينة البراءة وأن المتهم بريء حتى تثبت إدانته ، فإننا نتمنى له محاكمة عادلة وأن يتابع في حالة سراح ، لأن الأصل هو البراءة ، والاعتقال الاحتياطي هو تدبير استثنائي ، ومنحه السراح ربما سيضمد بعضا من جراحه ، والجرح الاعمق هو عندما اكتشف أنه أصبح نسيا منسيا ، ولم يترك وراءه ما يتم استذكاره به، بكونه من الأقلام التي لا يزول مدادها مهما مرت السنوات (…)

شارك هذا المحتوى