الصحفي مصطفى الحسناوي يعلن إلحاده
الشيخ محمد الفزازي*
الجزء – 1
رأيت من واجبي كداعية إلى الله أن أهرع إلى محاولة إنقاذ أخي مصطفى الحسناوي من وعكته الإيمانية وسقطته الروحية وتلبُّسِهِ بالجهل الفظيع الذي أورده قاع الرَّدى والمهالك…
أقول لك أخي مصطفى – والأخوة هنا أخوةُ الإنسانية فقط بعدما خلعتَ رِبْقَةَ الأخوة في الله التي كانت تجمعنا بروابط التوحيد واليقين والقِبْلة…
إن ما بنيتَ عليه رِدّتَك، وهدمتَ به إيمانك قد استمعتُ إليه بإمعان وإِنْعام ووجدتُ حُجة كفرك بالله مبنيةً على فكرة صبيانية ساذجةٍ لا قيمة لها ولا تستحق منك أن تُفجعنا فيك بها. أنت أكبر بكثير أن ترتدّ عن دين العلم والفكر والتأمّل والتدبّر بمسألة العلوّ تلك. عُلُوِّ السماء، ورفع المؤمنين أبصارَهم وأيديَهم إلى السماء في دعائهم. وهذا الأمر على بساطته وبَدَهيته هو الذي دفعك إلى الإلحاد دفعاً… وسخِرتَ بعبارات الاحتقار والازدراء بمن يقول بعلوِّ السماء وأن الله تعالى أيضاً في السماء (في) هنا بمعنى على. كقوله تعالى (وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ ) أي على جذوع النخل. وكقوله تعالى (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ ۖ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ) ومعنى في مناكبها أي على مناكبها، فالإنسان لا يمشي في داخل الارض بل على سطحها.
وقوله تعالى (أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاءِ أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ أَمْ أَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاءِ أَن يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا ۖ فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ ). (في السماء) أي على السماء لأنه قد عُلم أن الله تعالى على عرشه استوى.
المسألة أخي مصطفى ليست مسألةَ علمِ فلك، ولا علم جيولوجيا، ولا علم كواكب ولا مجرات… هي فقط مسألة لغوية تخاطب الناس بما يرونه هم، ويشعرون به هم، لا فرق في ذلك بين عالمِ فلكٍ متخصص وراعِ غنمٍ في قطيع.
فكلمة (سماء) من السموّ والعلوّ. وفي اللغة كلّ ما هو عالٍ فهو سماء. وفي المعجم: السماء هو ما يقابل الأرض. فالأرض فُرِشَت للإنسان وغيره، والسماء بناءٌ فوقهم. وكلمة فوقهم حسب واقع الحال المحسوس والمشاهد بالعين، لا حسب المنظور العام للكون والنجوم والمجرات كما تفضلت بعرضك للكرة الأرضية حيث حبست رأيك السَّمِجِ في رؤية الأرض من خارجها. وأنك ببساطة لو عدت إلى حيث أنت من هذه الأرض لرأيت أن السماء فوقك وأن الأرض تحتك.
قال الله تعالى (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً)
والسماء كل ما علاك وارتفع فوقك. سقف بيتك سماء لأنه يعلوكَ ويُظِلُّك.
ومن البدهيات أن كل ما يوجد فوقنا فهو في الأعلى وكل ما يوجد تحتنا فهو في الأسفل. إنها الحقيقة التي يتقاسمها كل البشر بكل اللغات. وهي لغة العرب أيضاً. وهي اللغة التي تتحدث بها أنت وأحاججك بها أنا الآن.
ألست إذا انتصبت قائماً يكون رأسك أعلى وقدماك أسفل؟
ألست تقول الحاجب أعلى من العين؟ أليست لك – ككلّ الناس – أسنان عُلوية وأخرى سفلية؟ أليس الأسانسور يصعد إلى أعلى طابق وينزل إلى أسفله؟؟؟ والأمثلة في نفسك وفي الكون لا تعدُّ ولا تحصى.
وهذا يعني أن كل ما علانا فقد سما.
أنت أخي مصطفى نظرت إلى الأرض من خارج الأرض فإذا بك تتخيل بعضنا يمشي ورأسه أعلى وفي مقابله من الجهة الأخرى من الكوكب مَن يمشي ورأسه أسفل ورجلاه أعلى لأن الأرض تبدو فوقه…. وآخرون يمشون على جنب عمودياً… وهكذا العمارات والسيارات والسفن وكل شيء.
إنك لست شيئاً في علم الفلك أمام علمائه المتخصصين… وهؤلاء العلماء لا يفكّرون بتفكيرك البتة، بل يقولون بعلو السماء حتى وبعضهم يدور حول الأرض بالمكوك الفضائي. وبعضهم صعِد إلى القمر (أرمسترونك ورفاقه) مع كون الأرض ماضية في دورانها دون أن يقول أحدهم نزلنا إلى القمر، بل يقولون صعدنا إلى القمر.
إن القرآن الكريم لا يخاطب الناس وهم خارج الأرض يتأملون في الخرائط و”الفيديوهات” بل يخاطبهم حسب واقعهم المشاهد والمحسوس… وكذلك كل علماء الفلك يفعلون. لهذا فالشيوخ الذين جئت بهم ليتحدثوا عن السماء وربّ السماء ورفع الأيدي بالدعاء… كانوا على صواب، وعلى حق.
فما عليك أخي مصطفى إلا أن تعود إلى الأرض وتنظر إلى الكون كما يقول القرآن وكما يقول علماء الفلك: السماء فوق القطب الشمالي وهي في ذات الوقت فوق القطب الجنوبي وجنبات الارض كلها مهما بدا لك الأمر بخلاف ذلك من خلال الخرائط.
شبهتك داحضة والشيطان قد تلبّس بك… أرجو أن تعود إلى رشدك والله هو الهادي إلى سواء السبيل.
هذا وكتبه محمد الفزازي رئيس الجمعية المغربية السلام والبلاغ.
إرسال التعليق