
الأنباء بوست/ حسن المولوع
ها قد ظهرت الحقيقة بجلاء وطفا إلى السطح ما كنا ننبه إليه لسنوات طويلة: قطاع الصحافة والنشر أصبح رهينة لحزبين سياسيين، هما “الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية” في شخص يونس مجاهد و”حزب الاستقلال” في شخص عبد الله البقالي.
تجلت الفضيحة الأخيرة في البيان المتسرع الذي أصدره عبد الكبير اخشيشن، رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية، بخصوص التوقيف المؤقت للإعلامي وديع دادة من مهامه في رئاسة تحرير وتقديم النشرات الإخبارية على القناة الثانية، إلى حين مثوله أمام المجلس التأديبي للقناة. كان هذا البيان مليئًا بلغة التهجم والتشهير، وأثار موجة استنكار واسعة. وعوض معالجة القضية بشكل حضاري عبر الحوار، تم اللجوء إلى قبة البرلمان لتصفية الحسابات مع خصوم النقابة، مستهدفين حميد ساعدني، مدير الأخبار بالقناة الثانية وعضو اللجنة المؤقتة لتسيير قطاع الصحافة والنشر.
الصراع الخفي بين يونس مجاهد، رئيس اللجنة المؤقتة، وحميد ساعدني بلغ ذروته وأصبح علنيًا، ما أثار المياه الراكدة في القطاع. فطمع مجاهد في الاستمرار في منصبه مع زميله الاستقلالي البقالي أعماه، ليدفعهما إلى استغلال آخر أوراقهما للحفاظ على السيطرة على القطاع، رغم رغبة الأغلبية العظمى من الصحافيين في ضخ دماء جديدة.
المثير للاستغراب هو الفريق الاشتراكي بمجلس النواب الذي ظل في سبات عميق طيلة سنوات عندما كان يونس مجاهد يستغل سلطته في تصفية الحسابات، بما في ذلك حرمان بعض الصحافيين من بطائقهم المهنية. هذا الفريق لم يتحرك إلا في قضية وديع دادة، رغم أنها شأن داخلي للقناة الثانية ولا علاقة لها بالانتقام النقابي. وللتأكيد على ذلك، يشارك دادة وزملاؤه في أنشطة نقابية جنبًا إلى جنب مع ممثلين عن نقابة أخرى خلال عيد الشغل، دون أي إشارة إلى الانتماءات النقابية.
عوض أن يطرح الفريق الاشتراكي أسئلة جادة حول قضايا تشهيرية خطيرة، مثل الحملة الممنهجة ضد قيادية في المكتب السياسي وهي أيضا قيادية بالنقابة الوطنية للصحافة المغربية ، فضَّل التزام الصمت. حتى حين اتهم اليوتيوبر “تحفة” عبد الكبير اخشيشن بالتواصل معه للإساءة لتلك القيادية، لم يصدر أي بيان للنفي أو التوضيح. كذلك، لم يتطرقوا إلى الاتهامات الموجهة لأحد قياديي الاتحاد الاشتراكي بامتلاك شقة باهظة الثمن أو استغلاله للصحافيات.
يذكر أن حميد ساعدني كان وكيل اللائحة التي فازت في انتخابات 2018 لإنشاء المجلس الوطني للصحافة، وكانت تضم أيضًا يونس مجاهد وعبد الله البقالي. ورغم الدعم الذي حصلت عليه اللائحة من الصحافيين والصحافيات، تم الالتفاف على إرادتهم عبر دسائس سياسية، ليتمكن مجاهد من رئاسة المجلس والبقالي من رئاسة لجنة منح البطائق المهنية، وهو ما أدى إلى مشاكل عديدة في القطاع.
تجدر الاشارة ، الى أن استغلال قبة البرلمان لتصفية الحسابات في ملف دادة هو تكرار لسيناريو مماثل عندما كان عبد الله البقالي في خلاف شخصي مع الراحل خليل الهاشمي. لكن في الحقيقة، ما يحتاجه قطاع الصحافة والنشر هو الحوار والتفاوض، وليس الزج بالبرلمان في صراعات لا علاقة له بها.

شارك هذا المحتوى