
الأنباء بوست/ حسن المولوع
تقترب الأيام الأخيرة من عمر اللجنة المؤقتة المكلفة بتسيير قطاع الصحافة والنشر، طبقا للقانون ، ومع اقتراب النهاية، تبرز الأسئلة الحارقة: أين النتائج؟ وأين الإنجاز؟ هل تمت معالجة الملفات التي وُعِدنا بها، أم أن الجميع اكتفى بالتظاهر بالانشغال وممارسة التكتيك في الظلال؟
اللجنة التي قيل إنها ستعمل على تحسين الوضع وتحديد معالم المستقبل المهني للصحافة المغربية، هل حققت أهدافها، أم أن الأمل تحول إلى وهم؟ هل تم تنفيذ ما كان يُتراءى لنا من وعود لتصحيح مسار المهنة وإنقاذها من الأزمات التي تمر بها؟ أم أن الأمر كله كان مجرد لعبة شطرنج على طاولة الزمن؟
القانون، منذ البداية، حدد مهامًا واضحة لا تحتمل التأويل: إجراء تقييم شامل للوضعية الراهنة لقطاع الصحافة والنشر، تعزيز التعاون بين مكوناته، والتحضير للانتخابات الخاصة بالمجلس الوطني. لكن من يتأمل المشهد اليوم، لا يسعه سوى التساؤل: هل تم التقييم، أم أننا ننتظر ذلك “في وقت لاحق”؟ هل تم تعزيز التعاون، أم أن التباعد بين الصحافيين بات هو السمة السائدة؟ وأين هي الانتخابات التي كان من المفترض أن تشكّل المخرج الحقيقي للصحافة المغربية؟ أم أن اللجنة نسيت هذه المهام في خضم الانشغال بمناورات من لا يهمهم سوى الحفاظ على نفوذهم؟
الزمن يمر بسرعة، والأيام تتسارع نحو النهاية المقررة، لكن الحصيلة لا تزال خالية. إذ يبدو أن القائمين على هذه اللجنة اختاروا أن يمر الوقت كما لو أنه لا يعنيهم.
لا يمكن إنكار أن الأمل بدأ يتلاشى، وأن الثقة في العملية بأكملها قد تآكلت. فإذا استمر الوضع على ما هو عليه، فإننا أمام فصل جديد من الفوضى، وهذه المرة لن يكون في صالح الصحافة ولا الصحافيين.
لم يعد هناك مجال للمراوغة أو التسويف. فالأيام المتبقية أصبحت قليلة، والفرص تتناقص بشكل متسارع. وبينما يسعى “اللوبي المتحكم” في مفاصل التنظيم إلى الهيمنة على المشهد من جديد، يبقى السؤال الأهم: هل سيظل الصمت هو سيد الموقف؟ وهل سيظل الصحافيون متفرجين على ما يحدث؟ أم أن الفعل الميداني من الفعاليات الشبابية والمثقفين سيعيد الأمور إلى نصابها؟
إن هذا اللوبي، الذي اعتاد اللعب في الخفاء، ما زال يرى في نفسه “الوصي” الوحيد على الصحافة المغربية، مستغلًّا حالة الفوضى التي تعيشها المهنة. فهم يروّجون لفكرة مفادها أنه لا بديل عن القيادة الحالية، ويستمرون في بث الخوف بين الصحافيين، حتى لا يتحرك أحد ضد مصالحهم. لكن لا أحد يمكنه إنكار أن فئات واسعة من الصحافيين، من الشباب الملتزمين بقضايا الوطن، هم من يدافعون عن الوحدة الترابية، وعن قيم المملكة، وهم من يبذلون جهدًا حقيقيًا لتحسين الصورة المهنية رغم التحديات.
ومع كل هذا، يظل هذا اللوبي، الذي يتغذى على الريع ويُتقن لعبة “النضال المؤدى عنه”، هو العقبة الأكبر أمام تطور الصحافة المغربية. فهل ستظل هذه الفئة، التي تعيش على فتات الفوضى، تدير دفة المهنة وفق أهوائها؟ أم أن الأيام القادمة ستشهد تحركًا حقيقيًا من أولئك الذين لا يرضون بالمتاجرة بحلم الصحافة الوطنية؟
نحن أمام مفترق طرق. إن لم يتحرك الصحافيون والمثقفون والغيورون على المهنة لتصحيح المسار، فسنظل محاصرين في دائرة التحكم والفوضى غير الأخلاقية، التي يُراد من ورائها فقط توزيع الريع بشكل “عادل” بين المتحكمين. ونحن، بطبيعة الحال، لن نسكت، ولن نبقى في صفوف المتفرجين، ونحن نرى مهنتنا تُختطف من بين أيدينا بأيادٍ ألفت الولائم.
لقد آن الأوان لكسر هذا الصمت المريب، فالخنوع لم يعد خيارًا، والصبر على العبث أصبح خيانة لمهنة شريفة يُراد لها أن تتحول إلى مزرعة خاصة لثلة تُتقن تدوير المناصب وتقسيم الغنائم.
إننا لا نواجه فقط عجزا في الإنجاز، بل نواجه وقاحة في الاستهتار بمصير الصحافيين ومستقبل المهنة. وإذا استمر الوضع على هذا المنوال، فإن اللجنة ستغادر، لكن الخراب سيبقى، والندم سيتحول إلى لطم جماعي على زمن ضائع. لهذا، إما أن نكون صوتًا يعلو في وجه الرداءة، أو نرضى بأن نُدفن تحت أنقاض مهنة كانوا ذات يوم يسمونها “سلطة رابعة”.

شارك هذا المحتوى