
الأنباء بوست/ حسن المولوع
ما زال “الكُوَيْتب” المختار لغزيوي يحاول إثبات حضوره الإعلامي المتهاوي، إذ نشر من جديد ما يشبه مقالًا بعنوان “زملاء و(زملاء)!!”، والذي لم يكن سوى إعادة اجترار مملة لإنشائيته المعتادة، ذلك الاجترار يفتقر كما العادة إلى أي رؤية فكرية أو تحليل منطقي يحترم عقول القراء.
أظهر لغزيوي مرة أخرى أنه لا يمتلك سوى أدوات لغوية سطحية وشعارات جوفاء لا تلامس جوهر القضايا التي يطرحها. فـ”مقاله” الأخير، كغالبية “خربشاته”، يكشف عن “صحفي” لم يستطع ترك أثر يُذكر في الساحة الإعلامية سوى من خلال استقوائه بلوبي إعلامي يعزز مكانته المصطنعة ويُخفي ضعفه الفكري.
حاول لغزيوي تقديم نفسه كمحامٍ عن الحقيقة ومدافع عن المهنة، لكنه وقع في فخ التناقضات المتكررة والتملق المكشوف. ففي الوقت الذي ينتقد فيه زملاء المهنة، يعرض نفسه كشخصية استثنائية دون أي دليل عملي يبرر ذلك. فهو يتحدث عن النزاهة المهنية، لكنه لم يُعرف يومًا سوى بكتابة مقالات سطحية ومتصابية تقدم للقارئ انطباعات شخصية مغلفة بالكلمات المنمقة.
ما نشره عبر أوراق “أخباث” يفتقر إلى هيكلة منطقية تُظهر تسلسلًا فكريًا متماسكًا. فبدا وكأنه كتب المقال كجزء من حملة استعراضية تستهدف إثبات الولاء لمصالح محددة. ففي الوقت الذي يدّعي فيه الحديث عن القيم المهنية، يناقض نفسه بتحويل مقاله إلى هجوم شخصي غير مبرر على زملاء المهنة، في محاولة لاستعراض شجاعة زائفة. والأسوأ من ذلك أنه ينتقص من الآخرين دون تقديم بدائل أو رؤى لمعالجة الإشكالات التي يدّعي معالجتها.
وعندما نتحدث عن صحفي مؤثر، نتحدث عن شخص يترك بصمة في النقاش العمومي، يكتب مقالات تبقى في أذهان القراء وتُحدث تغييرًا في وعيهم. فأين هذا الكُويتب من ذلك؟ في الواقع، هو مجرد صوت عابر في المشهد الإعلامي، معروف بالتكرار وإعادة صياغة محتوى سطحي. فكيف لشخص لم يكتب مقالًا ذا أثر يُذكر أن يجرؤ على انتقاد زملائه؟ الحقيقة أنه ليس سوى انعكاس لحالة الإفلاس الفكري التي تعاني منها بعض المنابر الإعلامية التي تعتمد الولاءات بدل الكفاءات.
حاول المختار لغزيوي أن يقوم عبر خربشته بالتضليل الإعلامي لكنه فشل، إذ أن فيديو النائبة البرلمانية موجود على اليوتيوب، وما تطرقت له كان واضحًا. لكن الوزير بنسعيد بدا شارداً وكأنه “كالأطرش في الزفة”، حاول أن يتذاكى على النائبة وتملّص من أسئلتها الحارقة التي تحتاج إلى أجوبة واضحة، وليس إلى مقالات متصابية تدافع عن وزير يقوم بأدوار “بنعرفة”.
وبالحديث عن الإفلاس الإعلامي، لا يمكن تجاهل الأدوار التخريبية لبعض الساسة الذين يساهمون في خنق حرية الصحافة وتشويه المشهد الإعلامي. فالمهدي بنسعيد، وزير الشباب والثقافة والاتصال، نموذج صارخ لاستبداد ناعم يُمارَس بغطاء ديمقراطي زائف. إذ أن قراراته الأخيرة، خصوصًا فيما يتعلق بدعم الصحافة، أظهرت ازدراءً واضحًا للدستور ومبادئ التشاركية وهذا ما حاول الكويتب المختار تجاهله حماية لأطروحته واطروحة من يريدون التحكم في الإعلام المغربي عبر الاستقواء .
فعلى سبيل المثال، القرار المشترك بينه وبين وزير الميزانية، فوزي لقجع، حوّل “رقم المعاملات” إلى معيار لتوزيع الدعم، مما يعني إقصاء المؤسسات الصغرى والمتوسطة وإضعاف التعددية الإعلامية. فهذه الخطوة ليست فقط هجومًا على الصحافة المستقلة، بل إعلان صريح لإعدام التعددية وتحويل القطاع إلى أداة دعائية تخدم أقلية موالية.
أما قرار الوزير بإطلاق “اللجنة المؤقتة لتسيير قطاع الصحافة والنشر” بعد انتهاء ولاية المجلس الوطني للصحافة، فهو يعكس نهجًا استبداديًا مكشوفًا يهدف إلى إبقاء ثنائي مثير للجدل، يونس مجاهد وعبد الله البقالي، في مواقع نفوذهم، رغم رفض الجسم الصحفي لهما.
إن هذا النهج، المدعوم بصمت وتواطؤ من وزير الميزانية، لا يهدد فقط الصحافة الحرة، بل يمس أسس الديمقراطية المغربية. فهو يعكس إرادة ممنهجة لخنق الصحافة الجهوية والمستقلة، وتحويلها إلى أداة خاضعة لإملاءات السلطة، حيث تستفيد القلة بملايين الدراهم، بينما تُترك المؤسسات الصغرى والمتوسطة تواجه الإفلاس والإغلاق.
إن المختار لغزيوي ومهدي بنسعيد ليسا سوى وجهين لعملة واحدة، تمثل حالة الانحدار الفكري والاستبداد المموّه الذي يخنق الصحافة الحرة. والتصدي لهذا الواقع بات ضرورة وطنية، ليس فقط لحماية حرية الإعلام، بل لضمان مستقبل ديمقراطي يحترم كرامة المواطن المغربي.

شارك هذا المحتوى