الأنباء بوست / حسن المولوع
تباينت ردود الأفعال ، بمجرد أن قرر قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء ، إيداع الصحافي عمر الراضي سجن عكاشة ، وذلك للاشتباه في ارتكابه لجنايتي هتك العرض بالعنف والاغتصاب المنصوص عليهما في الفصلين 485 و486 من القانون الجنائي ، وزادت ردود الأفعال في تباينها وحدتها على مواقع التواصل الاجتماعي ، عندما تقدم الوكيل العام لدى نفس المحكمة بتاريخ 28 شتنبر من السنة الجارية، بملتمس لقاضي التحقيق في مواجهة صديق عمر ، المسمى عماد استيتو، بتهم المشاركة في هتك عرض أنثى بالعنف والمشاركة في الاغتصاب .
ردود الأفعال تلك ، وإن كانت متباينة ، إلا أنها مندفعة وغير عادلة ، كونها سارت في اتجاه القسوة على طرف ونصرة طرف آخر ، دون سلك طريق التحري والتمحيص، للخروج بنتيجة تمكن من الاصطفاف مع طرف للتضامن معه ، أو اتخاذ الحياد سبيلا آمنا في انتظار الكلمة الفصل للقضاء ، دون التناسي بأن المتهم بريء حتى تثبت إدانته ، وأن أي متضرر أو متضررة لها الحق في التوجه للقضاء قصد الإنصاف ، والحال أن كل هذا لم يكن ، حيث أنه تمت تعبئة جيش من “الفسابكة” والمواقع الإلكترونية ، وبعض الجمعيات لنصرة الصحافي عمر الراضي ، لا لشيء إلا لكونه صحافي له علاقات كثيرة داخل المغرب وخارجه ، والتي قام ببنائها منذ سنوات ، وهاته النصرة تقابلها القسوة على الطرف الأضعف الذي هو الأنثى، وهي المسماة حفصة بوطاهر .
حفصة بوطاهر من متضررة إلى متهمة
أمام خذلان الجمعيات النسائية التي تعنى بمناهضة العنف ضد النساء، وكل ما يتعلق بالقضايا النسوية، تحولت حفصة بوطاهر من مشتكية إلى متهمة من طرف الجيش الفيسبوكي الذي تم تجييشه لهذا الغرض، وكذا بعض المنظمات الحقوقية ، ولم تجد من يدافع عنها أمام الرأي العام ، فما وجدت غير النقابة الوطنية للصحافة المغربية من أجل إسماع صوتها، وقامت النقابة المذكورة بهذا الدور، وأصدرت بلاغات في الموضوع ردا على ادعاءات أمنيستي وبلا حدود عبر بلاغاتهما التي غاب عنها الطابع المهني والموضوعي، وحضرت فيها السياسوية والاستهداف والشيطنة لمؤسسات الدولة المغربية .
تحرك النقابة الوطنية للصحافة المغربية جاء في هذا الإطار، على اعتبار أن حفصة بوطاهر زميلة صحافية تعرضت لأبشع الاتهامات والتشهير بها، و قيل أنه تم استغلالها من طرف جهة ما قصد الإيقاع بعمر الراضي والذي بدوره ساندته نفس النقابة بشكل عادل واستمعت إليه بخصوص ذات الموضوع ، وكانت قد وفرت له مقرها من أجل القيام بندوة صحفية بخصوص بحث كانت تجريه معه الفرقة الوطنية للشرطة القضائية .
عمر الراضي يدعي مراقبته من طرف الأجهزة الأمنية ويمارس الجنس (…)
اعترف عمر الراضي بأنه مارس الجنس مع حفصة بشكل رضائي وهو الأمر الذي تنفيه المشتكية حفصة جملة وتفصيلا، مع العلم أن عمر ظل طوال شهور يقول بأن الأجهزة الأمنية تراقبه وتترصده ، وهو يعلم علم اليقين حسب روايته ورواية من يناصرونه ، أن تلك الأجهزة تحاول دائما الإيقاع بالمزعجين بتهم جنسية ، فالمنطق في هاته الحالة يستلزم تطبيق المقولة الشهيرة لعمر بنجلون، والتي تقول” اللي بغا يدير السياسة يهز سنسلة سروالو ” ، والمنطق يقول أيضا ، أن الذي له عقل سوي لن يفكر في ممارسة الجنس والمشاكل تحيط به من كل جانب ، علما أن عمر كان قيد البحث معه من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية ، حول الاشتباه في تلقيه أموالا من جهات أجنبية بغاية المس بسلامة الدولة الداخلية ومباشرة اتصالات مع عملاء دولة أجنبية بغاية الإضرار بالوضع الديبلوماسي للمغرب ، وهما الجنحتان المنصوص عليهما في الفصلين 191 و206 من القانون الجنائي ، ما يعني أن أي شخص كيفما كان نوعه لن يفكر إلا في البحث عن منفذ للخروج من الورطة ، أما إن كان عقله تحت تأثير كل ما من شأنه أن يخدره ويسكره ، فيمكن له أن يفعل ما لا يخطر على بال أحد (…)
علاقة جنسية رضائية أم اغتصاب وهتك للعرض بالعنف ؟
استطعنا في صحيفة الأنباء بوست أن ننبش في هذا الملف قصد الحصول على المعلومات التي من شأنها أن توضح الصورة للرأي العام ، دون أن نمس بقرينة البراءة للمتهم وأيضا مع الاحترام التام لسرية التحقيق ، وذلك من أجل تفنيد كل المغالطات التي يروجها الفسابكة وبعض المنظمات الحقوقية ، ونحن نحترم سرية التحقيق رغم أننا لا ندخل في إطار من تحدثت عنهم المادة 15 من قانون المسطرة الجنائية .
إن ما هو مؤكد أن العلاقة الجنسية بين عمر الراضي وحفصة بوطاهر تمت بينهما ، وما هو غير ثابت هو أن تلك العلاقة ، هل هي تمت بتراض بينهما أم بدون رضا حفصة وبالتالي سنكون هنا أمام مواقعة رجل لامرأة بدون رضاها.
عمر الراضي يقول بأنه مارس الجنس مع حفصة برضاها لكنه لم يقدم أدلة تثبت ذلك، خصوصا وأن الرضائية لا تكون في مسكن بيت المشغل إن لم يكن هذا المشغل يعد بيته للفساد ، في مقابل ذلك فإن حفصة قدمت أدلة تدحض ما رواه عمر وما يروجه من يناصرونه ، حيث تقول أنها كانت في تلك الليلة على اتصال بالفيديو عبر تقنية الواتساب مع خطيبها المتواجد بأمريكا، وفجأة ارتمى عمر عليها لدرجة أن هاتفها سقط أرضا ، محكما قبضته على يديها و رجليها لتحس بين فخديها أنه لا يرتدي سروالا و فقط تبانا ، لتعرف انها تتعرض للاغتصاب ، وبنفس الصالة كان عماد ستيتو نائما .
ترجت حفصة عمر بأن يكف عن هذه الممارسات، و خافت من الصراخ حتى لا توقظ العائلة استحياءا من فعله و خوفا من أن يسمع صراخها كل من يوجد بالفيلا ،إلا أنه أصر على ادخال عضوه الذكري بالقوة وهو يحاول انزال تبانها ، وأدخل يده اليمنى في فرجها ثم أصابعه بالقوة مما اصابها بجروح وإيذاء بليغ ، حتى كاد أن يغمى عليها، و قد كان عمر آنذاك في حالة سكر طافح و تنبعث منه روائح كريهة جدا.
في تلك اللحظة ، ظلت حفصة تترجاه وتتوسله وهي ترتجف كي يثوب إلى رشده ، لكنه أبى أن يسمع توسلاتها، فأخبرها بأنها ستستمتع بذلك ، وسينادي على ستيتو لمعاشرة جنسية ثلاثية ، هنا وجدت نفسها في ورطة لم تستطع الخروج منها ، وتملكها رعب شديد ، وفي الوقت الذي نهض من فوقها بعدما كان جاثما على أنفاسها ، وذلك من أجل المناداة على ستيتو ، هربت من تحته متجهة إلى المرحاض ، وظلت مختبئة لمدة تناهز ال 45 دقيقة .
وبعدما أحست الهدوء في الصالة ، توجهت الى المطبخ و راحت تحاول مكالمة خطيبها الذي رفض الرد على اتصالاتها .
خطيب حفصة يقدم دليلا على أن العلاقة لم تكن رضائية بين عمر وخطيبته
عندما قدم خطيب حفصة من أمريكا إلى الدار البيضاء ، وحسب ما استطعنا الوصول إليه من معلومات ، فإنه قدم شهادته في هذا المضمار ، قائلا بأنه في الوقت الذي كان يتحدث مع خطيبته حفصة على كاميرا الواتساب ، رأى شخصا وراءها يمر دون سروال، لابسا فقط تبانا ، و بعدها مباشرة تشوشت الصورة حتى اصبحت سوداء ، وما يعزز هذا القول ، هو أن حفصة قالت بأنه في اللحظة التي ارتمى عمر عليها سقط هاتفها أرضا، وبالتالي سقوط الهاتف على الأرض وكامرته مشغلة ، طبيعي أنها ستتعرض للتشويش وستظهر للمتلقي فقط شاشة سوداء أمامه وبعدها يقطع الاتصال (…) .
ما علاقة عماد استيتو بالواقعة ؟
أياما بعد الواقعة ، أحست حفصة بالمهانة جراء ما أقدم عليه عمر في تلك الليلة في بيت مشغلها ، خصوصا بعدما تناهى إلى علمها بأنه يطوف في الحانات ويتفاخر بما اقترفه في حقها ، ويستتبع تفاخره قهقهات ونشوة بالانتصار، لأنه وطأها بعدما كان يتمنى مجرد لمسها ، وكان متأكدا من أنه يستحيل أن تقبل حفصة بعلاقة جنسية معه ، لأنها مخطوبة ، لذلك قرر وفي لحظة سكر طافح أن يفعل بها ما فعل .
احساساها بالمهانة دفعها إلى اتخاذ قرار التوجه للقضاء قصد انصافها ، معتبرة أن كرامتها وصون عرضها فوق كل اعتبار، بالرغم من أنها كانت متأكدة من نظرة المجتمع القاتلة ، وبأن التهم الجاهزة ستلاحقها بكونها أداة لتصفية الحسابات ، وعلى الرغم من ذلك امتلكت الشجاعة ، وقامت بوضع شكاية في الموضوع سردت من خلالها كل تفاصيل الواقعة ، كون عمر الراضي ، اغتصبها وهتك عرضها بالعنف ، وكان يريد ممارسة الجنس بشكل ثلاثي بعد المناداة على صديقه عماد استيتو ، الذي ظنته نائما في الصالة وما هو بنائم حسب ما أقر به هو نفسه أثناء مثوله أمام الضابطة القضائية ، وقد جاء هذا الاعتراف عبر بلاغ صدر عن جمعية تناصر عمر الراضي .
وبعدما قدم عماد استيتو شهادته أمام الضابطة القضائية كونه لم يكن نائما ، بل مستيقظا ، امتزج مضمون شكايتها بشهادته ، لتخلص النيابة العامة إلى أن الأمر كان تواطؤا بين عمر الراضي وصديقه استيتو ، ولهذا التمس الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء من قاضي التحقيق بالغرفة الأولى بنفس المحكمة ، إجراء تحقيق مع عماد استيتو بتهم المشاركة في هتك عرض أنثى بالعنف والمشاركة في الاغتصاب .
التحقيق مع عماد استيتو ..هل هو تحقيق للعدالة والإنصاف أم تعسف عليه ؟
حاول عماد استيتو بسذاجة بالغة ابعاد التهمة عن صديقه عمر، منصبا نفسه كشاهد نفي ، دون أن يدرك بأن شهادته هي دليل على تورطه ، لأن المشتكية وهي حفصة بوطاهر تتهم عمر بالاغتصاب وهتك عرضها بالعنف ، إضافة إلى أنه وفي اللحظة التي كان عمر يمارس عليها الجنس بدون رضاها ، قال لها بأنه سينادي عماد من أجل ممارسة الجنس بشكل ثلاثي وأنها ستستمتع بذلك ،وبالتالي فإن عمر ورط عماد في هاته القضية وقدمه قربانا ، بل الأكثر من ذلك طلب منه أن يكون شاهدا ، وفي شهادته اعتراف بما سردته حفصة في شكايتها ، وأمام هاته الروايات فإن مسار التحقيق بالضرورة سيسير إلى أبعد مدى ، ضمانا لحقوق الجميع ، وسواء عمر أو عماد، فهما في نظر القانون أبرياء إلى أن تثبت إدانتهما، لأن القضية مازالت في طور التحقيق ، وبالتالي فإن التعسف سيكون عندما لا يتم التحقيق مع عماد ، أما والحال أنه سيتم التحقيق معه فذلك لا يعتبر تعسفا بل إحقاقا للحق ونصرة للعدالة وإظهار للحقيقة التي ينشدها الجميع .
ياسين تابوريكت دليل على مشاركة عماد استيتو في الاغتصاب وهتك عرض أنثى
لو كانت النيابة العامة تريد أن تعتقل أكبر عدد من الأشخاص الذين كانوا في تلك الليلة موجودين ببيت علي عمار ، صاحب موقع لوديسك الذي يشتغل فيه هؤلاء بمن فيهم حفصة بوطاهر ، لما أبعدت عنصرا كان موجودا بالبيت في تلك الليلة ، وهو المسمى ياسين تابوكتيرت ، حيث أن الدرك الملكي كان قد قام باستدعائه من أجل الاستماع إليه لأنه كان موجودا بذات البيت ، وفي آخر لحظة توصل بمكالمة هاتفية من نفس سرية الدرك الملكي الكائنة ب 2 مارس بالدار البيضاء ، تخبره بإلغاء الاستماع إليه ، والسبب في هذا الإلغاء هو أنه قال بأنه لحظة وقوع الواقعة ، كان نائما ولا علم له بأي شيء ، وبالتالي فقد تم استبعاد المعني بالأمر لأن تصريحه لن يفيد البحث في أي شيء ولن يقدم أي جديد .
وهنا نستنتج أن ياسين تابوريكت تم استبعاده لأنه صرح بأنه كان نائما ، فيما عماد استيتو اعترف بأنه لم يكن نائما وأراد أن يقدم شهادته التي تعتبر دليلا على تورطه، لأن الشكاية تضمنت بأن عمر كان يريد المناداة عليه ليمارسا الجنس مع حفصة .