الأنباء بوست/ حسن المولوع
أصبحت النقابة الوطنية للصحافة المغربية، تحت قيادة عبد الكبير اخشيشن، رمزاً للانتقائية الفاضحة واستغلال السلطة لتصفية الحسابات السياسية، على حساب المبادئ والقيم التي يُفترض أن تُدافع عنها.
ففي الوقت الذي يُنتظر من النقابة أن تكون خط الدفاع الأول عن الصحافيين الذين يتعرضون للتضييق والاعتداء، نجدها تُظهر ازدواجية صارخة في مواقفها، متجاهلة تماماً حقوق الصحافيين الذين لا تربطهم بها مصالح أو ولاءات سياسية.
على سبيل المثال، عندما أهان رئيس الحكومة السابق عبد الإله بنكيران صحافياً، سارعت النقابة إلى إصدار بلاغ تضامني يشجب تصرف هذا المسؤول السياسي، رغم تقديمه اعتذاراً علنياً، في محاولة لإيهام الجميع بأنها تدافع عن كرامة الصحافيين. لكن هذا التحرك لم يكن سوى استعراض يخفي تصفية حسابات سياسية بغطاء نقابي، إذ اختارت النقابة صمت القبور عندما تعلّق الأمر بمتابعة الصحافية حنان بكور من طرف حزب رئيس الحكومة الحالي، عزيز أخنوش، وكأن القضية لا تعنيها.
هذا الصمت المتعمد يُبرز أن النقابة تُمارس انتقائية فاضحة في الدفاع عن الصحافيين، مُفضّلة الاصطفاف مع الجهات القوية على حساب من يُفترض أن تكون لهم درعاً وسنداً.
الأمر نفسه ينطبق على قضية الصحافي حميد المهداوي، الذي حُوكم بناءً على شكاية من وزير العدل، في قضية أُشرف عليها رئيس الحكومة، وانتهت بالحكم عليه بالسجن النافذ وتغريمه مبالغ مالية قاسية. فكيف لنقابة يُفترض أنها تدافع عن حرية التعبير أن تلتزم الصمت أمام مثل هذه الانتهاكات؟
قضية أخرى تُظهر هذا النهج الانتقائي هي الحكم على الصحافي ياسين الحسناوي بغرامة 60 مليون سنتيم، في دعوى رفعها ضده يونس مجاهد، رئيس اللجنة المؤقتة لتسيير قطاع الصحافة والنشر. ولم تصدر النقابة أي بلاغ في هذه القضية، رغم أن يونس مجاهد يُفترض فيه حماية الصحافيين باعتباره رئيس مؤسسة التنظيم الذاتي للمهنة. ومع ذلك، اختار الصمت حتى في مواجهة اتهامات أخلاقية طالته شخصياً عبر فيديو شاهده مئات الآلاف. وبدلاً من تقديم توضيحات للرأي العام، فضّل ملاحقة “الحائط القصير” الذي نقل فقط ما يُتداول في الكواليس. وما ذكره اليوتيوبر “تحفة” هو جزء يسير مما يُقال بين الصحافيين والصحافيات، ولا يزال الرأي العام ينتظر توضيحات حول ما أورده “تحفة” في تصريحاته.
حتى القيادية في النقابة، الصحافية حنان رحاب، التي تعرضت لهجمة شرسة وصلت حد التشهير بعائلتها، لم تجد دعماً حقيقياً من النقابة. فالبيان الصادر عنها جاء خجولاً، بلا حزم أو قوة، مما يعكس افتقاد النقابة للجرأة اللازمة للدفاع عن أعضائها.
الأدهى أن تصريحات اليوتيوبر المعروف بـ”تحفة” كشفت أن عبد الكبير اخشيشن كان يتواصل معه ويحرضه ضد حنان رحاب، في تصرف مشين ومخزٍ لرئيس نقابة يُفترض أن يدافع عن الصحافيين، لا أن يُشارك في محاربتهم.
تبرير النقابة بأن بلاغها التضامني مع الصحافي المُهان من بنكيران جاء بناءً على شكاية تقدّم بها المعني، لا يُقنع أحداً. فدور النقابة هو التحرك تلقائياً للدفاع عن كرامة الصحافيين وحقوقهم، دون انتظار طلب أو إشعار.
النقابة الوطنية للصحافة المغربية، تحت قيادة عبد الكبير اخشيشن، لم تعد تمثل جميع الصحافيين. بل تحولت إلى منصة تخدم من تربطهم بها مصالح مشتركة أو تحالفات خفية. فالصحافيون الذين يُفترض أن يجدوا فيها ملاذاً آمناً من الظلم والتشهير، تُركوا يواجهون مصيرهم وحدهم.
هذا الوضع يُؤكد أن النقابة لم تعد تُدافع عن الصحافيين أو حرية التعبير، بل أصبحت جزءاً من المشكلة. واليوم، أصبحت الحاجة ملحة لإعادة النظر في طريقة تسيير النقابة، والعمل على استعادة مصداقيتها ودورها الحقيقي بعيداً عن الحسابات السياسية والمصالح الفئوية. فالصحافة المغربية تستحق نقابة تُدافع عنها بصدق وجرأة، لا كياناً يُكرّس الظلم والتهميش.
شارك هذا المحتوى