
الأنباء بوست / حسن المولوع
ذكر محمد تحفة ، اليوتيوبر المشهور ، المغربي، المقيم بالولايات المتحدة الأمريكية ، أن رئيس إحدى الجمعيات المغربية قام بتقديم شكاية ضده لدى النيابة العامة يتهمه من خلالها بتهم ثقيلة ، من قبيل الإتجار بالبشر والمس بالمؤسسات وزعزعة الاستقرار ، إلى غير ذلك من التهم الخيالية ، التي بطبيعة الحال لن توجد إلا في خيال صاحبها والتي تعوزها الإثباتات وليس مجرد استنتاجات تظهر بمجرد الاختلاف مع الشخص (…) .
الجمعية التي قدمت شكاية بمحمد تحفة ، هي نفسها التي قدمت شكاية باليوتيوبر محمد السكاكي المعروف بمول الكاسكيطة ، والذي حكم عليه بالسجن النافذ لمدة أربع سنوات بعد متابعته إثر نشره شريط فيديو تضمن ما اعتبرته النيابة العامة إهانة للمغاربة ومسّاً بالمؤسسات، على الرغم من الاعتذار الذي قدّمه السكاكي في الجلسة الأخيرة من محاكمته، إذ قال إنه يعتذر للملك وللشعب، وإنه يوجه اعتذاره إذا ما أحسّ المغاربة بأن كلامه تضمن إساءة إليهم، رغم أنه لم يكن يقصد التعميم.
ومن المحتمل أن تتم متابعة محمد تحفة عن طريق تلك الشكاية التي قدمها رئيس الجمعية المذكورة ، والذي حسب متتبعين فإنه لا يتحرك من تلقاء نفسه ، وأن هناك أطرافا ما ، ربما ألمحت إليه بتوجيه هاته الشكاية بتهم معينة عن طريق الجمعية التي باتت تسيء للملك أكثر مما تخدمه ، وأصبحت تلعب أدوارا أكبر من الأدوار المنوطة بالعمل الجمعوي ، إذ أضحت كفزاعة يتم تحريكها في أمور معينة عندما تعجز تلك الأطراف عن متابعة الشخص بطريقة مباشرة ، حتى لا تظهر بالصورة ، خصوصا وأن تحفة مارس في الأيام الأخيرة ضغطا بفيديوهاته التي من دون شك أنها باتت تشكل إزعاجا ، والتي يظهر فيها بشكل مستمر على خلفية الملف الشهير المسمى إعلاميا بملف حمزة مون بيبي .
متابعة تحفة عن طريق هاته الشكاية إن تم قبولها من طرف النيابة العامة ، أو عن طريق شكايات أخرى ، ستذكرنا بمتابعة زكريا بلقاضي “كابو” جماهير الرجاء البيضاوي، الملقّب بـ”السكوادرا” الذي جرى اتّهامه بإثارة الشغب في المباراة التي جمعت فريق الرجاء البيضاوي بضيفه شباب الريف الحسيمي، سنة 2016، فيما أطلق عليه “السبت الأسود” وراح ضحيته مشجعان “رجاويان” ، وقد اعتبر آنذاك أنه هو أنه المسؤول عن اندلاع الشرارات الأولى للشغب ، وبسبب اعتقال “كابو” إلترا الرجاء، زكرياء الملقب ب “السكوادرا” ، تم تحريك النقاش العمومي بخصوص قانون رقم 09/09 المتعلق بالعنف المرتكب في المباريات و التظاهرات الكروية ، نظرا لتزايد ظاهرة الشغب بالملاعب الكروية حينها ، ولأن السكوادرا كان من أبرز المشجعين ، فإن اعتقاله جاء مباشرة بعد تعديل قانون شغب الملاعب لردع الجماهير الكروية به ، والحد من ظاهرة الشغب ، وبالفعل ، لم تعد تلك الظاهرة بتلك الحدة ، وهذا هو ما يسمى بالردع العام .
الأمر نفسه سيقع لمحمد تحفة ، فبعد النقاش الذي كان قد أثير حول مشروع القانون رقم 22.20 المتعلق باستعمال شبكات التواصل الاجتماعي وشبكات البث المفتوح والشبكات المماثلة في ماي الماضي من السنة الجارية ، وهو مشروع القانون الذي تم وصفه من طرف العديد بـ “قانون تكميم الأفواه” معبرين عن قلقهم من تأثيره على حرية الرأي والتعبير، الشيء الذي صاحبه جدل واسع وأعقبه قرار إيقاف مسطرة المصادقة على مشروع القانون المذكور حتى تمر الجائحة، وإعادة النظر فيه عن طريق لجنة تقنية ثم وزارية، انطلاقا من الملاحظات التي أثيرت حوله من قبل القطاعات الحكومية ، إذ ولكل هذه الأسباب ، ومن أجل خلق نقاش من جديد حول هذا المشروع ، لن تكون هناك فرصة مواتية لخلقه ، إلا بمتابعة تحفة ، لأن نشطاء اليوتيوب أصبحوا يشكلون ازعاجا ، وباتوا قوة ضاغطة تؤثر في الرأي العام ، ولأنه يستحيل أن تتم متابعة الجميع ، فإنهم دائما يبحثون عن كبش فداء ، ولا يوجد في هذا المضمار غير اليوتيوبر محمد تحفة لمتابعته ، لأن له قاعدة جماهيرية واسعة ، وبالتالي عند متابعته سيتم ردع الجميع سواء الذين يوجدون داخل المغرب أو خارجه.
واهم من يعتقد بأن من لديه جنسية أخرى ستمنع عنه أي متابعة أو إصدار أي مذكرة بحث دولية في حقه، لأن هناك اتفاقية دولية بين البلدين بهذا الشأن ، وهناك مصالح مشتركة ، وفي حالة تحفة ، نجد أن الانتخابات الأمريكية اقتربت ، وطبعا المغرب قد يدعم مرشحا ما ، كما فعل في السابق عندما منح للمرشحة الديمقراطية للانتخابات الرئاسية الأمريكية هيلاري كلينتون ما قدره 12 مليون دولار ، حسب ما أشارت إليه تسريبات ويكيليكس ، وتطرقت لذلك العديد من المنابر الإعلامية الدولية ، وأيضا كانت كلينتون داعمة دائما بشدة للمغرب ثناء توليها منصب وزيرة الخارجية ، إذن ، هناك مصالح ، وعندما تظهر المصلحة يسهل جدا تسليم مواطن أمريكي من أصل مغربي ، فهل تحفة هو منصف السلاوي حتى تضع أمريكا اعتبارات عديدة لتسليمه للمغرب ، ونحن هنا لا نبخس من قيمته ولكن ليعلم الذين يوهمون أنفسهم بأنهم قد يصدمون ، وكم من تجار مخدرات يحملون جنسيات مختلفة والآن يقبعون بسجن عكاشة وحوكموا على الأراضي المغربية ، بالقانون المغربي لأن هذا الأخير له السيادة الكاملة ، أما الجنسية فلن تنفع صاحبها إلا في معيشه اليومي على الأرض التي يوجد بها .
إننا لا نقول هذا الكلام بدافع بث الخوف ، أو الدعوة إلى التراجع لأن أي أحد مسؤول عن تفكيره وتصرفاته ، ولكن نقول هذا الكلام ، من أجل توخي الحذر وعدم السقوط في الشخصنة ، ففي الايام الأخيرة ، ابتعد تحفة عن المواضيع الرئيسية ، وصار يتكلم عن الأشخاص وغرق في الردود ، وهذا في حد ذاته خطأ فادح يفتح أمامه العديد من الجبهات .
وسواء تم قبول تلك الشكاية أو رفضها من طرف النيابة العامة ، فلا أحد يمكن له أن ينكر بأن تحفة أيضا تعرض للسب والقذف والمساس بالحياة الخاصة ، حتى إن بعض الكتابات قذفت والدته وهو أمر غير مقبول بتاتا ، إضافة إلى أن بعض الكتابات فيها بداءة لا تمت بصلة لأخلاقيات مهنة الصحافة ، ويخجل الإنسان على قراءتها ، وفي هذا السياق وجب على المجلس الوطني للصحافة أن يفعل دوره في هذا الباب ، ولا يجب على أي صحافي أو منبر إعلامي أن يلعب دورا أكبر من دوره ، فالدور الرئيسي للإعلام هو الإخبار والتثقيف والتوجيه ، ولكل مهنة دورها ، ومن لا يعرف دوره داخل المجتمع عليه أن يعود لفصول الدراسة وتعلم أبجديات المهنة .
إن اليوتيوبر محمد تحفة ، بسط العديد من المعطيات عبر فيديوهاته ، وسواء كانت تلك المعطيات صحيحة أم خاطئة ، فإن الجهات المسؤولة ذات الصلة عليها القيام بما يجب القيام به ، وذلك عبر إصدار بلاغات تنفي ما قاله إن كانت معطياته خاطئة ، وهذا يدخل في احترام المؤسسات للرأي العام ، وأما إن كانت صحيحة فيستوجب الأمر فتح تحقيق مع إصدار بلاغ بهذا الخصوص ، وهذا في نظرنا هو التعامل الصحيح مع مثل هاته الأمور ، أما عكس ذلك ، فسيترك الرأي العام في المبهم .

شارك هذا المحتوى