الأنباء بوست / حسن المولوع
في الوقت الذي يسعى فيه حكماء وحكيمات مهنة الصحافة إلى تجميع أهلها ووقايتها من التشتث لتكون كالجسد الواحد ، طفا على السطح نقاش قديم /جديد يتعلق ببطائق القطار المجانية الخاصة بالصحافيين والصحافيات .
ولئن كان هذا النقاش في شكله جيدا ، إلا أن عمقه خلق تصدعا بين أهل المهنة وتمييزا بين القطاعات المهنية (قطاع الصحافة والنشر”مطبوع والكتروني” ، قطاع السمعي المرئي “إذاعة وتلفزيون” ، وصحافة الوكالة ) ، إذ خرجت أصوات تستنكر منح بطاقة القطار للصحافيين والصحافيات العاملين بالقنوات والاذاعات التابعة للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، ووكالة المغرب العربي للانباء بحجة أن هؤلاء ينتمون لهاته المنابر التي لها ميزانية خاصة ، وأنه لا يحق لها الحصول على تلك البطاقة لأنها حق مكتسب للعاملين بالصحافة المطبوعة والالكترونية وللمنابر التي تعاني وضعية هشة (…)
وجهة نظر محترمة وفيها جزء من الصواب ، لكن مبرر الاستنكار لا يستند على أي اساس واقعي ومنطقي ، لأن هاته الاصوات تغافلت بشكل مفضوح عن الصحف الحزبية (كالاتحاد الاشتراكي والعلم ولوبينيون ، ورسالة الأمة ، والبيان …الخ ) التي لها دعم سنوي ويستفيد صحافيوها وصحافياتها من تلك البطاقة ، فيما صحافيون وصحافيات لمقاولات هشة يتم إقصاؤهم بالرغم من أن ليس لديهم أي دعم ، ما يدل ان مبرر الاستنكار على تلك القطاعات مردود على تلك الأصوات ، وان غايته احداث انقسام بالجسم الصحفي ليس إلا ، لأن البطاقة المهنية تجمع كل المهنيين تحت مظلة المجلس الوطني للصحافة .
وما دام صحافيوا قطاع السمعي المرئي وصحافة الوكالات يخضعون لنفس القانون فمن حقهم الاستفادة من أي امتياز ممنوح ، لأن بطاقة القطار تمنح باسم حاملها وليس باسم المؤسسة ، معناه أنها في ملكية الصحافي وليس في ملك المؤسسة التي ينتمي إليها (…)
سيكون من المفيد جدا لو أعيد فتح نقاش رصين وهادئ بهذا الخصوص دون اتخاذه كوسيلة لتصفية الحسابات وخلق اصطفافات قبيل انتخابات المجلس الوطني للصحافة ، فالتفكير السليم هو إعادة توزيعها بمنطق من يستحقها ، فمن غير المنطقي أن يكون هناك صحافي يشتغل بمؤسسة ما، ولها سيارات وتمنحه تعويضات التنقل وفي نفس الآن يستفيد من تلك البطاقة ، في الوقت الذي توجد هناك مقاولات صحفية في امس الحاجة إليها ، فالتوزيع يجب ان يبدأ من الهش ثم الصغير الى المتوسط وهكذا …
إن النقاش الذي اثير مؤخرا هو نقاش خطير وغير مقبول تحت أي ذريعة ، لأن زملاء وزميلات المهنة ، جسم واحد لا ينبغي تفييؤه ، ولا خلق التمايزات فيه ، بل يجب تجميع الجسم وخلق نقاش مفيد للجميع بغاية المصلحة العامة ، وليس المصلحة الانتخابية .
وتجدر الإشارة إلى أن المجلس الوطني للصحافة ليس من صلاحياته توزيع بطاقات القطار لأنه لا وجود لاي نص قانوني يخول له ذلك، فبطاقة القطار تمنحها الوزارة الوصية ، والمجلس له صلاحيات محدودة أهمها توزيع البطاقة المهنية والتنظيم الذاتي للمهنة ، وحتى أخلاقيات المهنة فصلاحياته جد محدودة لا تشمل كل الصحافيين والصحافيات ، لأنه لا يمكن له أن يبث في الخروقات التي تقع بالاذاعات والتلفزيون لأن ذلك من صلاحيات الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري ، وفي هذا الصدد فالمجلس وطبقا للقانون فهو يخص فقط الصحافة المطبوعة والالكترونية ومع ذلك فإنه يمنح البطاقة المهنية لقطاع الإذاعة والتلفزيون وليس له اي سلطة عليه ، والأكثر من ذلك حتى تراخيص التصوير بخصوص الصحافة الإلكترونية ليست له اي صلاحية فيها بما في ذلك الاستفادة من النطاق الذي ترخص له الهيئة العليا لتقنين المواصلات ، ما يدل على أنه حتى بطائق القطار ليست له صلاحية منحها او اتخاذ اي قرار بشأنها ، فالقرار بيد الوزارة الوصية .
وفي هذا السياق ، ينبغي فتح نقاش عميق في هذا الباب بدل خلق نقاشات هامشية لن تفيد المهنة ولا المهنيين ، وذلك عبر التفكير في تعديل القانون وتوسيع صلاحيات المجلس الوطني للصحافة ليكون مؤسسة تجميع وليست مؤسسة تفرقة .
شارك هذا المحتوى