الأنباء بوست / حسن المولوع
تتصاعد وثيرة الجدل داخل بيت الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية عقب صدور تقرير المجلس الأعلى للحسابات الذي رصد مجموعة من الاختلالات التي على اثرها وجه مؤاخذات وملاحظات لحزب عبد الرحيم بوعبيد بخصوص تدبيره للدعم الإضافي المخصص للأبحاث والدراسات .
وقد تم تفويت صفقة انجاز هذه الدراسات البالغ عددها 23 دراسة من المال الذي حصل عليه الحزب بمبلغ اجمالي يقارب ال 200 مليون سنتيم لمكتب يعد القيادي الاتحادي المهدي مزواري مسيره وأحد شركائه ، بمعية نجل الكاتب الأول للحزب الحسن لشكر ، وابنة مدير الفريق الاشتراكي ريم العاقد.
وفي الوقت الذي اثارهذا التقرير وما رصده من اختلالات ضجة إعلامية كبيرة وجدلا واسعا سواء من طرف الرأي العام او البيت الداخلي للحزب ، فضل المهدي المزواري الاختفاء عن الأنظار وعدم التعليق على الموضوع باعتباره هو الرجل الثاني بحزب الوردة على الرغم من أنه سياسي مغمور ، وعلى اعتبار أيضا أنه هو المسير لمكتب الدراسات الذي استحوذ على الصفقة وانشيء خصيصا من اجل تفويتها له وبدون علم أعضاء المكتب السياسي للحزب
وبدل أن يمتلك المهدي المزواري الشجاعة ليدافع عن قائده إدريس لشكر وعدم تركه لوحده امام فوهة البركان ويقطم توضيحات ويجيب عن الاختلالات المرتبطة بالدراسات التي ابدى تقرير المجلس الأعلى للحسابات ملاحظاته بشأنها ، اكتفى بنشر صورة على حسابه الخاص على موقع الفيسبوك ، يظهر فيها والده الى جانب الزعيم عبد الرحيم بوعبيد ، وذلك من أجل أن يقول للرأي العام أنه يمتلك الشرعية التاريخية بالحزب عن طريق والده ، متناسيا أنه مجرد فاعل حزبي مغمور وانه ليس الفتى من يقول كان أبي ولكن الفتى من يقول ها أنا ذا ، وتناسى ايضا الزعماء الذي مروا بحزب الاتحاد الاشتراكي لم يكن الجشع يحركم ولاتجرؤوا على المال العام .
وخلف تقرير المجلس الأعلى للحسابات صدمة قوية في صفوف الاتحاديين والاتحاديات إثر ما تضمنه من ملاحظات ، دون أن تقدم القيادة الحزبية أي توضيحات ، مفضلة الهروب الى الأمام من خلال التهجم على مجلس زينب العدوي والخوض في نقاش قانوني والتلاعب بالمصطلحات القانونية لاعطاء المشروعية لما تم تأسيسه على باطل ، دون أن تستطيع هذه القيادة فتح نقاش أخلاقي يرتبط بالعمل السياسي النبيل ، وبمن يمتلك مكتب الدراسات وكيف تم إنشاؤه ، على اعتبار ان حزب الوردة له شرعية تاريخية وان كل الشبهات تسيء الى تلك الشرعية وتضرب في صميم مرجعيته الأخلاقية التي تأسست على نكران الذات ورفض تحويل السياسة الى وسيلة للاسترزاق ونشر ثقافة الريع التي ناضل ضدها الحزب في فترات سابقة .
وكانت جريدة الاتحاد الاشتراكي قد نشرت افتتاحية مطولة تحت عنوان ” حتى لا تتحول مجالس الحكامة الى آلية للتحكم ” تضمنت انتقادا شديدا للمجلس الأعلى للحسابات ، متهمة إياه بانتهاك الدستور خاصة حمايته لحرية الأحزاب السياسية في ممارسة أنشطتها ؛ ووصفت الافتتاحية ذاتها أن الأسلوب الذي اعتمده المجلس ب ” الغريب ” والخارج عن القانون والدستور..
ويحاول إدريس لشكر الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وباقي مقربيه الانحناء حتى تمر العاصفة من أجل الخروج من دائرة الشبهات بأقل الأضرار عبر انتهاج سياسة الصمت واللعب على الوقت حتى يلف النسيان ” فضيحة اختلالات الدراسات” التي رصدها تقرير المجلس الأعلى للحسابات .
جدير بالذكر انه وبحسب الجريدة الرسمية عدد 5705، بتاريخ 2 مارس 2022، تبين أن مكتب الدراسات الذي أثيرت حوله هذه الضجة ، مملوك لكل من المهدي مزواري، عضو المكتب السياسي وهو الذي اصبح الرجل الثاني بحزب الاتحاد الاشتراكي وهو أيضا عضو في الهيئة الوطنية لضبط الكهرباء ، والحسن لشكر، نجل الكاتب الأول للحزب، وريم العاقد ابنة الفريق الاشتراكي أحمد العاقد .
المكتب المذكور تأسس مع مطلع العام 2021، أي في الفترة التي كان ينتظر فيها الحزب الدعم الإضافي الذي طلبه. وقد كانت هذه الصفقات هي الوحيدة التي حصل عليها منذ تأسيسه.
استفاد الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بتاريخ 9 نونبر 2022، من دعم سنوي إضافي قدره مليون و930 ألف درهم، لتغطية المصاريف المترتبة على الدراسات. واختار مكتب الدراسات MELA STRATEGIE ET CONSEIL SARL لإنجاز 23 دراسة في المجال الاقتصادي والاجتماعي والمؤسساتي والبيئي بمبلغ إجمالي قدره مليون و830 ألف درهم.
والمشكلة كما يصورها هذا المجلس، أن كل هذه الموارد لم تفض سوى إلى “عروض تفتقد للمنهجية العلمية ومستقاة من مصادر متوفرة للعموم”.
وتم تحويل المبلغ الإجمالي لتكاليف الدراسات (مليون وألف 835 درهم) للمكتب المعني بتاريخ 28 دجنبر 2022.
أسفرت عملية الفحص التي أجراها المجلس الأعلى للحسابات، عن تسجيل ملاحظتين، قام المجلس بتوجيههما إلى المسؤول الوطني عن الحزب بتاريخ 8 يونيو 2023 من أجل تقديم تبريراته داخل أجل ثلاثين يوما من تاريخ التبليغ.
وقد تبين غياب اتفاقيات تفصل الشروط الخاصة والثمن الأحادي لكل دراسة على حدة. فتعاقد الحزب مع مكتب الدراسات STRATEGIE ET CONSEIL SARL MELA لإنجاز 23 دراسة في المجال الاقتصادي: الإصلاح الجبائي، المقاولات الصغرى والمتوسطة، النقل واللوجستيك، القطاعات المنتجة ونجاعة الاقتصاد الوطني؛ والاجتماعي: الفئات الاجتماعية، التربية والتعليم والتكوين، الحماية الاجتماعية، التشغيل والموروث الثقافي؛ والمؤسساتي: الحكامة، سيادة القانون، الوضع المؤسساتي، إعداد التراب وسياسة المدينة وإصلاح الإدارة؛ والبيئي: قطاعات الماء والطاقة والتعدين).
لاحظ المجلس الأعلى للحسابات، أيضا، إدلاء الحزب بمخرجات لا تحترم المنهجية العلمية المعتمدة لإنجاز الدراسات؛ فقد أدلى الحزب بـ21 وثيقة تتعلق بالدراسات المقررة باستثناء الدراستين المتعلقتين “بمؤشرات قياس الحكامة في المجال المؤسساتي” و”مؤشرات قياس سيادة القانون”)، وهي عبارة عن عروض أو مذكرات موجزة تتضمن معلومات واقتراحات عامة متوفرة للعموم، والتي استنتج المجلس من خلال تحليلها عدم التزام مكتب الدراسات المعني بالمنهجية العلمية المعتمدة في هذا المجال، لاسيما تحري الخطوات التالية: تحديد أهداف الدراسة ، تعريف السياق الذي أجريت فيه الدراسة ومجالها ونطاقها ، صياغة الإشكالية والفرضيات الأولية ، إجراء البحث الوثائقي ، تحديد البيانات والمؤشرات المطلوبة ، اختيار أساليب وأدوات التحقيق وتجميع البيانات (استبيان، بحث، عينة، مقابلات، إلخ)؛ فرز وتصنيف وتحليل المعلومات والبيانات المجمعة واستخلاص النتائج والمؤشرات والدروس؛ تحرير تقرير الدراسة والذي يتضمن المنهجية والنتائج والاقتراحات المتوصل إليها مع الإشارة إلى مصادر المعطيات والمعلومات المقدمة.
شارك هذا المحتوى