
الأنباء بوست/ حسن المولوع
في قلب إمارة المؤمنين، حيث تُرفع رايات القيم الأخلاقية والتقاليد المحافظة، تنشط شبكات الدعارة والاتجار بالبشر في وضح النهار، مستفيدة من أدوات التكنولوجيا الحديثة لتسهيل عملها غير المشروع.
موقع “Afribaba”، الذي يهدف ظاهريًا إلى توفير منصة للإعلانات المجانية، أصبح واجهة لأنشطة غير قانونية تشمل الدعارة والاتجار بالبشر، حيث تعرض عبره فتيات أجسادهن مقابل المال.
يتم استخدام شقق مفروشة معدّة خصيصًا لاستقبال الزبائن، وكل ذلك تحت أنظار الأجهزة الأمنية، التي لا يمكن القول إنها لا تعلم، لأن معرفتها بما يجري واردة. وإن كانت تعلم ولم تتحرك، فتلك طامة، وإن كانت لا تعلم، فتلك مصيبة كبرى.
في مدينة الدار البيضاء، مثلًا، تنتشر هذه الشقق في مناطق مثل الألفة، بوركون، البرنوصي، عين السبع، بيلفيدير، ودرب عمر، ومنها شقة في ساحة النصر، عمارة B، خلف وكالة وفاكاش، حيث أضحت معروفة لكل المحيطين بها، بمن فيهم السكان الذين لا يستطيعون التبليغ، رغم صعود ونزول أشخاص غرباء صباح مساء عبر العمارة، خاصة بالطابق الثالث. فهذه الأماكن ليست سوى جزء صغير من شبكة أوسع تنتشر في مدن عديدة، مستغلة ثغرات قانونية وصمتًا غريبًا من الجهات المسؤولة.
موقع “Afribaba”، المتاح للعديد من الدول الأفريقية بما فيها المغرب، يُستخدم أيضًا للإعلان عن بيع السيارات، إيجار الشقق، والوظائف. ورغم كونه منصة مشروعة في ظاهرها، إلا أنه أضحى يثير جدلًا واسعًا بحكم الإعلانات المرتبطة بخدمات التدليك والأنشطة المشبوهة الأخرى التي قد تكون واجهة لأنشطة إجرامية. فالتساهل الرقابي مع محتوى هذا الموقع يفتح الباب أمام تساؤلات عميقة حول دور الأجهزة الأمنية والسلطات المختصة، هذا إن لم يكن هناك تواطؤ في الأمر أو ضمانات تُركت لهذه الشبكات لتعمل دون أن تمسسها أيادي العدالة.
إلى جانب الشقق المشبوهة، تروّج المنصة لصالونات تدليك يُفترض أنها بريئة، لكنها تُستخدم كغطاء لأنشطة جنسية. حيث يتم استدراج فتيات صغيرات للعمل في هذه الصالونات، ليجدن أنفسهن ضحايا لشبكات استغلال منظمة تُديرها أطراف نافذة تتحكم فيهن عبر التهديد أو الإغراء المالي. فهذه الانتهاكات تُشكل خرقًا فاضحًا للقانون وللقيم المجتمعية، في ظل غياب أي تحرك فعلي لوقفها.
القانون المغربي يجرّم بوضوح الدعارة والاتجار بالبشر، إلا أن تطبيقه يبقى مجرد حبر على ورق. والسؤال المحير هو: هل يعود هذا الوضع إلى ضعف الإمكانيات، أم إلى تغاضٍ متعمد من الجهات المسؤولة؟
ما يثير الاستغراب أكثر هو أن هذه الأنشطة تُدار بشكل علني دون أي خوف من الرقابة أو الملاحقة. خاصة وأن موقع “Afribaba” يقدم تفاصيل دقيقة حول الخدمات والشقق والصالونات، مما يعكس ثقة شبكات الدعارة بعدم وجود رد فعل حقيقي من السلطات.
وفي السياق ذاته، إذا ثبتت صحة ما يروج حاليًا عن الجرائم المروعة التي ارتكبها المدعو “رضى ولد الشينيوية”، فإن الأنشطة التي تُدار عبر هذا الموقع قد تكون أخطر وأوسع نطاقًا. وفتح تحقيق دقيق وشفاف في هذا الشأن قد يكشف عن شبكات معقدة تضم أطرافًا نافذة، بعضها قد يكون مشاركًا في هذه الجرائم أو يوفر لها الحماية.
اليوم، ما يتم تداوله بخصوص صالونات التدليك يستوجب تحقيقًا عاجلًا وشاملًا، ليس فقط لكشف الحقائق، بل أيضًا لمعاقبة كل المتورطين، من المتسترين إلى المستفيدين. فالتغاضي عن هذه الظاهرة يُشكل تهديدًا خطيرًا للمجتمع بأسره، ويُشوه صورة المغرب كدولة تُعلي من قيمها وأخلاقها.
ونؤكد هنا أننا لا نقوم بالإشهار لهذا الموقع حتى يتمكن من لم يكن يعرفه من الولوج إليه، بل نقوم بالتبليغ عن هذه الظاهرة المقلقة، ووضع كل مسؤول أمام مسؤولياته، لأن الوضع أصبح لا يحتمل الصمت أو التجاهل.
الكرة الآن في ملعب الأجهزة الأمنية: هل ستتحمل مسؤوليتها كاملة وتتحرك بحزم، أم ستبقى صامتة أمام هذا الواقع المأساوي؟

شارك هذا المحتوى