
الأنباء بوست
فجّر القضاء المغربي جدلا واسعا بعد فتحه ثلاث متابعات قضائية دفعة واحدة ضد الحقوقي حسن اليوسفي، رئيس “مركز عدالة لحقوق الإنسان”، في خطوة اعتبرها حقوقيون مؤشرا جديدا على توظيف القضاء في تصفية الحسابات مع الأصوات المنتقدة في البلاد.
وتلاحق هذه القضايا، التي تنظر فيها المحكمة الابتدائية بتيفلت، اليوسفي بناء على شكايات تقدم بها عبد الصمد عرشان، الأمين العام لحزب الحركة الديمقراطية الاجتماعية ورئيس المجلس الجماعي للمدينة، إلى جانب رئيس مصلحة الاستعلامات العامة بمفوضية الشرطة، ورئيسة المركز الاجتماعي للمسنين بسيدي علال البحراوي، في مشهد يعكس ـ وفق مصادر حقوقية ـ “تداخل السلطة السياسية والأمنية في محاصرة العمل الحقوقي”.
المفارقة التي أثارت استغراب المتابعين أن فصول المحاكمة انطلقت دون أن يتوصل اليوسفي بأي إشعار أو استدعاء قانوني، ما اعتبرته منظمات حقوقية انتهاكا صارخا للحق في المحاكمة العادلة المكفول دستورياً وفق الفصل 20 من الدستور المغربي، ومنافياً كذلك للمعايير الدولية المنصوص عليها في المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
مصادر حقوقية وصفت تحريك هذه الملفات دفعة واحدة بأنه “رسالة ترهيب واضحة”، خصوصاً مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية، حيث يُنظر إلى اليوسفي باعتباره صوتاً مزعجاً لجهات نافذة بسبب انتقاداته المتكررة لملفات فساد وتجاوزات في التدبير المحلي بالمدينة.
وفي هذا السياق، حذر “مركز عدالة لحقوق الإنسان” من مغبة استمرار هذا النوع من الممارسات التي “تحوّل القضاء إلى أداة في يد السلطة السياسية”، معتبراً أن ما يجري “ليس سوى جزء من حملة ممنهجة لإسكات الأصوات الحرة، وتكميم الأفواه الحقوقية والإعلامية التي تحاول فضح الاختلالات البنيوية في تدبير الشأن العام”.
ووسط الصمت الرسمي إزاء هذه التطورات، يزداد القلق في الأوساط الحقوقية من تكرار سيناريوهات سابقة شهدتها الساحة المغربية، والتي تقوم على “استدعاء القضاء لتصفية الأصوات الحرجة عبر قضايا جنائية مغلّفة”، في مشهد يهدد بتقويض ما تبقى من هامش التعبير المستقل في البلاد.
المحاكمات المتزامنة التي يواجهها اليوسفي تنذر ـ بحسب مراقبين ـ بإعادة إنتاج آلية توظيف القضاء كسلاح سياسي، في تناقض صارخ مع خطاب الدولة حول الإصلاح القضائي واستقلال المؤسسات، بينما تتجه الأنظار إلى القضاء المغربي ومدى قدرته على إثبات حياده واستقلاله في هذا الاختبار الحرج.

شارك هذا المحتوى