
الأنباء بوست/ حسن المولوع
تشهد وكالة المغرب العربي للأنباء منذ تعيين فؤاد عارف مديرا عاما لها في ماي 2023 سلسلة من القرارات الإدارية التي أثارت جدلاً واسعاً في الأوساط المهنية، وطرحت تساؤلات عميقة حول معايير الكفاءة والشفافية داخل واحدة من أبرز المؤسسات الإعلامية الرسمية في البلاد. فبدلا من تعزيز صورة الوكالة وضمان استمرارية الأداء المهني الذي أسس له المدير السابق الراحل خليل الهاشمي الإدريسي، اتجهت الإدارة الجديدة إلى إحداث تغييرات وُصفت من طرف كثيرين بأنها تصفية حسابات أكثر منها تدبيراً مؤسساتياً قائماً على أسس موضوعية.
عدد من الصحافيين الشباب الذين تحملوا أعباء العمل الدولي سنوات طويلة، وتمكنوا من تثبيت حضور المغرب المهني في عواصم القرار الدولية، وجدوا أنفسهم في مواجهة قرارات مفاجئة تعيدهم إلى المغرب دون مبررات واضحة سوى حجج مرتبطة بسنهم وحداثة تجربتهم. فهؤلاء المهنيون الذين استثمرت فيهم الوكالة طيلة سنوات بفضل أدائهم النوعي والتزامهم بالمعايير المهنية الصارمة، باتوا اليوم في وضعية مادية ومهنية صعبة بعدما تم تخفيض أجورهم بشكل حاد بسبب إنهاء مهامهم بالخارج بطريقة مباغتة.
واحدة من أبرز علامات هذا النهج المستجد، كانت في قرار تعليق أجرة مراسلة الوكالة في ألمانيا التي راكمت سنوات من العمل الميداني بتقدير داخلي وخارجي لافت. وبذريعة واهية تتعلق بسنها، في خطوة قرأها كثيرون في الوكالة على أنها استمرار لنفس منطق التصفيات الداخلية التي طبعت عدداً من التعيينات.
الجدل لم يقف عند هذا الحد، بل تعزز عقب قرار إعادة تعيين صحافي سبق أن أمضى سنوات طويلة في مكتب واشنطن، ثم أُبعد على خلفية أخطاء إدارية خطيرة سُجلت في عهد الإدارة السابقة، ليعود مجدداً إلى المنصب نفسه بعد فترة قصيرة من بقائه في المغرب، بذريعة إتقانه اللغة الإنجليزية. مبرر وُصف داخل المؤسسة بأنه استخفاف بذكاء العاملين، خاصة وأن العديد من صحافيي الوكالة يتقنون الإنجليزية بكفاءة. وذهب بعض الصحافيين إلى اعتبار هذه الخطوة محاولة مكشوفة لإرضاء اعتبارات شخصية تتجاوز معيار الكفاءة المهنية المفترض أن يكون المحدد الوحيد لمثل هذه التعيينات الحساسة.
وفي تطور آخر، انتقلت شبهة المحسوبية إلى تعيينات أخرى كان آخرها الانتقال المثير للجدل لأحد الصحافيين من مكتب بكين إلى مكتب لندن دون وجود مبررات مهنية واضحة، ما فتح الباب واسعاً أمام تساؤلات بشأن خضوع هذه التعيينات لتدخلات ذات طابع شخصي وعائلي في محيط المدير العام الجديد. تداولات داخل الوكالة تحدثت عن وجود رغبة مسبقة لتسهيل ظروف الإقامة والدراسة لأحد المقربين من الإدارة الحالية، وهو ما زاد من منسوب الاستياء وسط العاملين.
هذه التطورات الخطيرة التي تعرفها الوكالة تهدد بشكل مباشر صورة المؤسسة داخليا وخارجيا، في وقت يُنتظر منها أن تضطلع بدور استراتيجي في تعزيز الحضور الإعلامي المغربي في الخارج وفق معايير المهنية والجدارة لا وفق حسابات ضيقة. ويخشى عدد من المتابعين أن يتحول هذا المسار إلى أزمة أعمق تهدد الاستقرار المؤسساتي للوكالة، وتنعكس سلباً على سمعة المغرب الإعلامية في المحافل الدولية.
وتبرز في هذا السياق دعوات متصاعدة تطالب بتدخل الجهات الوصية لوضع حد سريع لهذه الممارسات التي تسيء إلى المؤسسة وتنسف المبادئ الدستورية لمبدأ تكافؤ الفرص داخل المرافق العمومية. ويؤكد كثير من المراقبين أن استمرار هذا العبث في تدبير التعيينات سيؤدي لا محالة إلى مزيد من تآكل مصداقية وكالة المغرب العربي للأنباء، ويدفع نحو فقدان الثقة في مؤسسة من المفترض أن تكون واجهة إعلامية رسمية تعكس صورة الدولة بحياد ومسؤولية واحتراف.

شارك هذا المحتوى