
الأنباء بوست/ حسن المولوع
وجد عبد الكبير اخشيشن، رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية، نفسه في قلب عاصفة من الانتقادات اللاذعة بعدما أصدر بيانًا مضللًا، بعيدًا عن الحقيقة، بخصوص توقيف الإعلامي وديع دادة من مهامه كرئيس تحرير ومقدم نشرات الأخبار بالفرنسية. البيان، الذي استهدف بوضوح حميد ساعدني، مدير الأخبار بالقناة الثانية، قام بالتشهير به وأبان عن تصفية حسابات، مما أساء بشكل كبير لصورة النقابة، وتاريخها، وأعضائها.
الحقيقة التي تكشفت لاحقًا، بحسب مصادرنا، خاصة بعد حملة التضامن الواسعة مع وديع دادة، أظهرت أن القضية لم تكن كما روج لها البيان، بل كانت مبنية على معطيات دقيقة تتعلق بتضارب المصالح بين المهام المهنية لوديع دادة وأنشطته الشخصية. حيث إنه استغل منصبه داخل القناة الثانية لعقد شراكات لصالح شركته الخاصة، مما وضعه في موقف منافس لمشغله، وهو ما يمثل انتهاكًا للقوانين والأعراف المهنية.
وديع دادة، بخلاف ما يروج عن كفاءته المهنية، يمثل نموذجًا للإعلاميين الذين درسوا في فرنسا وعادوا إلى المغرب بعدما فشلوا في تحقيق مسارات مهنية هناك. هذه النماذج تمكنت من التغلغل في المؤسسات المغربية ليس بفضل كفاءتها ومهاراتها، بل لأنها تتحدث الفرنسية وتحمل ثقافة المستعمر، وهو ما يثير تساؤلات حول مدى ولائها للهوية الوطنية ومدى قدرتها على الدفاع عن قضايا البلاد، وخاصة قضية الصحراء المغربية.
البيان الذي أصدره اخشيشن لم يكن فقط بعيدًا عن الواقع، بل كان بمثابة “بيان حربي” ضد حميد ساعدني، مدير مديرية الأخبار بالقناة الثانية، حيث استغل اخشيشن هذه الأزمة للهجوم عليه. وهذا الهجوم يخدم مصالح بعض أعضاء اللجنة المؤقتة لتسيير قطاع الصحافة، ويعزز حظوظ رضا بنجلون، مدير مديرية البرامج الحوارية والأفلام الوثائقية، الذي يسعى للسيطرة على منصب نائب المدير العام ومدير الأخبار.
وأكدت مصادرنا أن قرار توقيف وديع دادة جاء نتيجة واضحة لمخالفات النظام الداخلي للقناة الثانية، وليس كما زعم البيان الذي روج له اخشيشن في محاولة فاشلة لتحوير القضية نحو صراع نقابي مزعوم. والحملة التضامنية مع دادة، التي انطلقت قبل كشف الحقائق، سرعان ما تلاشت بعد أن تبين أن القضية أبعد ما تكون عن كونه ضحية للانتماء النقابي.
ما يثير الاستياء العميق، ليس فقط فشل النقابة في الدفاع عن مصالح الصحافيات والصحافيين، بل تحولها إلى أداة لخدمة مصالح ضيقة وشخصية. وما إصدار بيانٍ “حربي” من طرف عبد الكبير اخشيشن، الذي استهدف فيه حميد ساعدني بشكل مباشر وشنَّ حملة تشهير به، إلا شهادة إضافية على عدم كفاءته في إدارة النقابة الوطنية للصحافة المغربية.
جدير بالذكر أن هذا البيان أثار حملة واسعة من الاستنكار والتذمر بين الصحفيين الذين يرون في النقابة ملاذًا للدفاع عن حقوقهم، لا ساحة لتصفية الحسابات الشخصية. هذا ما جعل اخشيشن يفشل في تدبير الخلافات بشكل عشوائي، وكشف عن افتقاره للرؤية وبُعد النظر الضروريين لقيادة النقابة في هذه المرحلة الحساسة.
إن هذا الانحراف الخطير عن الأهداف المهنية والنقابية يمثل إساءة ليس فقط لأعضاء النقابة، بل لتاريخها الطويل في الدفاع عن حرية الصحافة واستقلاليتها. فالنقابة، التي كانت في يوم من الأيام صوتًا للصحفيين، أصبحت اليوم أداة تُستخدم لتحقيق مصالح فردية، وهذا ما لا يمكن السكوت عنه.

شارك هذا المحتوى