
الأنباء بوست
توجهت سيدة طاعنة في السن تدعى فاطمة أغفور اليوم الجمعة زوالا إلى المصلحة الإدارية الخاصة بتسليم البطائق الوطنية بالمنطقة الأمنية الرابعة بابن امسيك بالدار البيضاء ، لتتفاجأ أن بطاقتها الوطنية غير جاهزة رغم مرور 15 يوما على القيام بكل الإجراءات المتعلقة بذلك ، بل الأكثر من ذلك تم ضياع ملفها الخاص بالبطاقة من طرف الموظفين المكلفين بذلك
بقيت السيدة العجوز تنتظر ما يقارب الساعة الا ربع رفقة حفيذتها ، وكان الموظف في حالة من الارتباك والشرود الذهني قبل أن يقرر احالتها على موظفة أخرى من أجل البحث عن ملفها ومدها بمعلومة عن مآل بطاقتها الوطنية ، دون أدنى مراعاة لسنها ولا لحالتها الصحية المتدهورة نتيجة تقدمها في السن ، وأيضا لعدم اعتيادها على دخول الإدارات .
وبعد بحث طويل من طرف الموظفة وانتظار قاهر للسيدة ، تم العثور على الملف ، ومن أجل تبرير الخطيئة أخبرتها أن المشكل يتعلق بالبصمات التي لم تكن واضحة ، وظهرت بوضوح في تمام الساعة التاسعة صباحا من يومه ، والواقع أن مثل هذا التبرير الساذج يحيل إلى وضع عدة علامات استفهام كبيرة ، ويحيلنا إلى الأزمنة الغابرة ، التي كانت الإدارة فيها لم تدخل عالم التكنولوجيا ونحن نشهد في المغرب ثورة رقمية غير مسبوقة ، لا يمكن معها تصديق كلمة ضياع الملف او عدم وضوح البصمات ، لأنه لو كان الأمر صحيحا لتم الاتصال بالسيدة هاتفيا أو احد أبنائها أو أحفاذها ليتم استقدامها من أجل القيام بعملية وضع البصمات من جديد ، وليس تقديم تبريرات ساذجة تعبر عن أن هذه المصلحة الإدارية بالضبط ما تزال تشتغل خارج الزمن الرقمي و لم تطور من طريقة تواصلها مع المواطنين والمواطنات و ما زالت تشتغل بمنطق مخلفات زمن البصري بالرغم من الثورة التي أحدثها السيد المدير العام للأمن الوطني عبد اللطيف الحموشي فيما يتعلق بتبسيط المساطر طبقا للقانون وسلك طرق تواصلية راقية ، لكن وللأسف دائما نجد موظفا صغيرا يفسد ما يبنيه الكبار .
ويبدو أن بعض الموظفين بالمصلحة الإدارية المذكورة لا يحترمون الأحكام والقرارات القضائية ، إذ كل واحد منهم ينصب نفسه قاضيا او ضابطا للشرطة القضائية ويطرح أسئلة بعيدة عن تخصصه ولا علاقة لها بالبطاقة الوطنية ، وبدون علم النيابة العامة ، فما دخل بعض الموظفين في طرح سؤال توبيخي من قبيل ، لماذا لم تقم السيدة بإنجاز البطاقة طيلة هذه السنواتا ؟ وهذا السؤال لم تطرحه حتى القاضية التي تكلفت بالملف ، وما دخل أي موظف في طرح سؤال من قبيل هل لديها ممتلكات ؟ وهذا السؤال بالضبط يحمل ضمنيا في طياته اتهاما للعائلة التي مكانتها الاجتماعية والعلمية أكبر من أي سؤال يمكن طرحه ، بل الأكثر من ذلك لا حق للموظفين طرح مثل هاته الأسئلة ، لأن الأساسي هو انجاز البطاقة الوطنية لتحديد الهوية بقوة القانون ، وإن تم القيام بما يدور في دماغ أي طارح لأسئلة من هذا القبيل ، فهناك قانون ، وليس كل واحد “فاق الصباح بكري ينوض يحكم ويدير فيها قاضي او محقق “
إن أسئلة مثل هاته جعلت السيدة العجوز تفضل عدم التوجه من جديد الى المصلحة الإدارية الخاصة بالبطاقة ، قائلة ” مالي على هاد الحالة ما خاصني بكارني ” تقصد البطاقة الوطنية ، وفي هذا السياق على رئيس المصلحة القيام بفتح بحث في الموضوع وإعطاء تعليماته للموظفين والموظفات بأن يقوموا بتحسين مستوى تواصلهم مع المواطنين والمواطنات ، وكل واحد يلتزم تخصصه ، ولا كلام فوق كلام القضاء ، وإن كان هناك بحث في أي شيء فإن الشرطة القضائية هي المؤهلة للقيام بذلك تحت إشراف النيابة العامة وطبقا للقانون ، فالموظف الإداري عليه أن يلتزم بتخصصه فقط، وليس بالقفز على تخصصات الآخرين، وفي النهاية هناك قانون يضبط الجميع ، من الغفير الى الوزير وما وقع اليوم بالمصلحة الإدارية الخاصة بالبطاقة الوطنية التابعة للمنطقة الرابعة ابن امسيك ، يعبر عن التهاون واللامبالاة ، واهانة المواطنين والمواطنات بتعامل أكل عليه الدهر وشرب ، فالمؤسف له أن العالم أصبح قرية صغيرة والمغرب يوجد تحت مجهر العالم ، ومازال فيه موظف او موظفة تقدم تبريرات ساذجة عن ضياع ملف ، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد فلقد قالوا لها باستهتار ” يلا مكنتيش مزروبة عليها دوزي من هنا لعشرة أيام ” وهذا يعبر عن استهتار منقطع النظير يلزمه فتح بحث من طرف المسؤولين ، فلا يعقل أننا نسمع في الاعلام أن الإدارة المغربية تطورت ، لكن عند الوقوف عن كثب نكتشف العكس ، نكتشف أنها ما زالت جامدة في مكانها منذ زمن ، نتيجة موظف لم يطور نفسه ولا يلتزم تخصصه .

شارك هذا المحتوى