الأنباء بوست / حسن المولوع
هذه مقالة متأخرة عن موعدها شهورا أو أسابيع . كان يجب أن أكتبها منذ شهر، على أقرب تقدير، حين تعرّضت الشابة حسناء أبو زيد لحملات شعواء، وإساءاتٍ بالغة، على صفحات بعض الحسابات الفيسبوكية والمواقع الإلكترونية، سعياً إلى الانتقاص من قيمة إعجابٍ شعبيٍّ، وشهرة منقطعة النظير ، حظيت بهما، بعد إعلان ترشحها بحزب الثنائي “BB” ، نسبة إلى الشهيد بنبركة وصديقه الزعيم بوعبيد كما كان يسميان في حقبة رضا كديرة حينما كان صديقا للملك الراحل الحسن الثاني قبل أن يبعده بعدما عادت المياه لمجاريها وعاد عبد الرحيم بوعبيد ليلتقي بالملك الراحل الذي كانت تربطه به صداقة مثينة منذ أن كان وليا للعهد في المنفى مع والده المغفور له محمد الخامس وباقي افراد العائلة الملكية .
لعل من الصدف العجيبة أن يبتدئ اسمها العائلي الاصلي ب B (بيروك ) ، ليصبح بدل الثنائي بوعبيد وبنبركة ، الثلاثي الذي تنضاف إليه الشابة حسناء بيروك التي أعادتنا إلى زمن السياسة بقواعدها ، لم أعشه انا كاتب هاته السطور لكن قرات وسمعت عنه وتمنيت أن أعيش في ذلك الزمن الذي كان فيه زعماء الأحزاب يقام لهم ويعقد، وليس زعماء من كرطون لا تهمتهم سوى مصالحهم الشخصية ومصالح عائلاتهم ومعارفهم .
لم يستطع الذين يهاجمونها بين الفينة و الأخرى أن يروا فيها، غير ملحف صحراوي ومفاتن أنثوية ، لكن لم يلاحظوا بأن وراء ذلك شخصية يسارية شرسة رغم براءة ملامحها ، فرفعوا عقائرهم بالصراخ، محاولين إقامة الحد معنوياً على الأيقونة السياسية الجديدة، أو قل وأدها، بسبب تسليط الأضواء الإعلامية عليها خلال ندوة صحفية عقدتها الاثنين المنصرم ، بالمقارنة مع إهمال مناضلاتٍ أخريات من الحزب ذاته ، الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ، تكلمت حسناء فأقنعت ، ضربت فأوجعت ، واستعملت ذكاءها لتوجيه رسائل سياسية لمن يهمهم الأمر دون مس أو تجريح .
لقد أضحت حسناء أبوزيد بريوك تتمتع بشعبية غير عادية وتفوقت على زعماء كُثر في هذا الباب ، لما تتوفر عليه من خصال امرأة دولة بامتياز ، بل الأكثر من ذلك، فظهورها اللافت لاقى اهتماما كبيرا من طرف فئة كبيرة من المواطنين والمواطنات الذين كانوا الى عهد قريب، قد أصابهم الالحاد السياسي ، وأضحت الأحزاب في نظرهم مجرد دكاكين إنتخابية ، تضم مجموعة من الانتهازيين والوصوليين ، لكن بمجرد اعلان ترشحها لقيادة حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية صارت الاصوات تتعالى مشجعة لها بأن تكون زعيمة تقطع مع العهد القديم والممارسات الحزبية البائدة .
فرضت حسناء اسمها في وقت قياسي بذكائها وبايمانها بالروح الجماعية ، فهي لا تؤمن بالمغامرة الفردية ، تتأنى ولا تستعجل ، وكل كلمة قبل أن تنطقها تحسب لها الف حساب ، تحاور وتناور في نفس الآن، لكنها لا تشخصن أي نقاش ، وتتمتع بمصداقية داخل الحزب وخارجه .
تحركات حسناء بيروك تشبه الى حد كبير تحركات الزعيم بوعبيد ، ولها نفس نظرته ، إذ كان لا يحتكم إلى منطق أعداد المقاعد المحصل عليها في الانتخابات ، ولا يتفنن في تزيين الاشياء ، في حين أن الواقع السوسيولوجي موسوم بالفقر والأمية ، كان حلم بوعبيد أكبر من مقاعد مفبركة ، كان له أمل أن يدخل المغرب غمار تجربة ديمقراطية تحميه من الهزات العنيفة ، وكان يريد تكوين مدرسة اتحادية تكون مشتلا للأطر ، وقد نجح في هذا الدور الكبير ، لكن مرت السنوات وأصبحت المدرسة الاتحادية تشتكي الخراب ، بعدما امتدت أياد لتقتلع كل الأطر ، فاليوم ، تريد حسناء او تطمح حسناء الاضطلاع بهذا الدور وتعيد حلم الزعيم بوعبيد الى الواجهة .
تتميز حسناء أبو زيد بيروك بقوة الاقناع ، تستطيع مخاطبة العقليات الشابة وتصالحها مع السياسة ، وتستطيع أيضا أن تعيد حزب الوردة الى الواجهة ويكون صمام أمان ، فالمغرب حاليا يعاني من فراغ سياسي خطير ، توجد أحزاب كثيرة ، هذا صحيح ، لكنها أحزاب بدون زعامات ولا مناضلين ، زيادة على ذلك فحسناء ، قوتها في تغلغلها وسط صحرائنا المغربية ، الشيء الذي يفتقده أغلب زعماء الأحزاب السياسية راهنا ، كل هاته الاشياء تؤهلها لقيادة حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية.
المؤتمر الوطني الحادي عشر للحزب ذاته سينعقد بعد أيام ، والترقب هو ما يطبع المرحلة ، وبين كل هذا وذاك ، فحسناء أبوزيد كسبت رهان المرحلة بمساندة فئة عريضة من الشعب لها وأيضا رفاقها ورفيقاتها داخل الحزب .
شارك هذا المحتوى