الأنباء بوست/ حسن المولوع
في خضم المعركة القضائية التي يخوضها الصحافي حميد المهدوي ضد وزير العدل عبد اللطيف وهبي، تبرز أسئلة جوهرية حول أخلاقيات المهنة، وصمت غير مبرر من طرف الشخصيات التي كان يُنتظر منها موقف واضح ومساند للصحافة الحرة.
لقد وُضع المهدوي أمام القانون الجنائي بدلاً من قانون الصحافة والنشر، واستُغلت وسائل الإعلام العمومي لتوجيه الرأي العام والتأثير على القضاء، ومع ذلك، التزم يونس مجاهد، رئيس اللجنة المؤقتة لتسيير قطاع الصحافة والنشر، صمتًا غريبًا، مُظهراً أنه أبعد ما يكون عن الوقوف في صف حرية التعبير.
هذا الصمت المطبق من طرف يونس مجاهد لم يكن مجرد موقف خجول؛ بل فضح المصلحة الذاتية التي تغلبت على واجبه الأخلاقي والمهني في الدفاع عن الصحافيين والصحافيات. إذ كان من المنتظر أن يتخذ مجاهد موقفًا صريحًا ضد هذا الاستغلال السافر للإعلام العمومي وضد محاكمة زميله المهدوي بقوانين لا تمت لحرية الصحافة بصلة، ولكنه، للأسف، فضل أن يبقى في الظل، حريصًا على التعويضات المالية التي يستلمها من المال العام دون تحقيق أي أثر يُذكر، ومن دون أن يترك بصمة تُشرف مهنة الصحافة وتنصف من يُمثلهم.
لا يمكننا سوى أن نرى في هذا السلوك خذلانًا جسيمًا من قبل يونس مجاهد الذي استغل منصبه لخدمة مصالحه الخاصة فقط. فما كان منه إلا أن أظهر تعاطفاً مع بعض الأسماء الإعلامية التي تخدم مصالحه، مثل رضوان الرمضاني، مدافعًا عنه حين أُثيرت تساؤلات حول مؤهلاته العلمية وبطاقة الصحافة المهنية، ليظهر متحيزاً بشكل فاضح على قنوات إعلامية مختلفة. هذا التحيز لصالح بعض الأشخاص المقربين يكشف عن ازدواجية المعايير وعن تفضيل المصالح الشخصية على حساب شرف المهنة.
لقد وقف حميد المهدوي وحيداً في ساحة المعركة، ينادي بحرية الصحافة ويتصدى للظلم حين كان غيره يتكالب على مصالحه الشخصية. أما زملاؤه، فقد آثروا الصمت المريب؛ لم نرَ منهم كلمة دعم أو تدوينة تضامن، وكأنهم يخشون التضحية بامتيازاتهم الوظيفية ومكانتهم العامة. خذلوا زميلهم في ساعة الحقيقة، وتركوه يحارب وحيداً دفاعاً عن قضية وطنية.
لقد اختار المهدوي أن يناضل في الداخل ولم يسعَ إلى تدويل قضيته، وهذا ما قد يفسر عدم صدور بيانات من جمعيات كانت عادةً ما تدعم قضايا حرية التعبير. لكن هذا الاختيار يعكس شجاعة ونبلًا لدى الصحافي الذي يرى أن معركته هي معركة وطنية، ولا تحتاج إلى استعطاف دولي.
إن هذا الصمت وذاك الانحياز يعكسان فشلًا واضحًا في تحمل المسؤولية الأخلاقية والمهنية، وتكشفان وجهًا آخر للفساد والخذلان في المجال الإعلامي. ولا شك أن هذا الخذلان أقسى من الظلم ذاته، خاصة حينما يأتي من زملاء المهنة الذين كان يُفترض بهم أن يكونوا صوتًا واحدًا في وجه الاستبداد.
شارك هذا المحتوى