
الأنباء بوست / حسن المولوع
لم يكن اعتقال محمد المديمي ، رئيس المركز الوطني لحقوق الإنسان ، صدفة ولا سقط فجأة من السماء ، بل تم التخطيط له بشكل مدروس من طرف أناس تكالبوا عليه ، بحكم أنه أصبح يشكل ازعاجا لأطراف لها نفوذ قد يكون اسمها مرتبط بملف حمزة مون بيبي .
لقد أصبح المديمي بالنسبة إليهم عنصرا خطرا يهدد مصالحهم عندما فجر هذا الملف وقام بالنبش فيه وعرضه على الرأي العام ، ثم فك الكثير من الألغاز والغموض الذي يحيط بهذه العصابة التي أصبحت تسمى اعلاميا ” عصابة حمزة مون بيبي” ، وأصبح له تأثير بالغ في الساحة الإعلامية بظهوره المتواصل من أجل أن يحيط الرأي العام علما بمجريات القضية ، وهو الأمر الذي أصبح يشكل إحراجا وورطة لكل العصابة ، ولهذا السبب فكروا في التخلص منه عبر البحث عن محامين كبار متضلعين في القانون ولهم تاريخ ومسار مهني طويل ونظيف من أجل تنظيف المغنية باطما ، بالإضافة إلى قدرتهم على إتقان فن الخطابة والخروج إلى الإعلام والتأثير على الرأي العام ببعض الخرجات التي يمكن أن تحول مسار القضية وتؤثر في القضاء ، والبحث عن ثغرات الخلاص من الورطة التي سقطت فيها المغنية دنيا باطما والتي أصبحت الغالبية العظمى متأكدة من أنها هي المسير الرئيسي للحساب المثير للجدل ،أو على صلة مباشرة بصاحبه ، ولم يجدوا غير تحريك شكايات ضد المديمي للإطاحة به وإزاحته من الملف لعدة أسباب نذكر منها الآتي :
- من أجل عدم حضور المديمي للجلسات وعدم ظهوره إعلاميا ليترك المجال للطرف الذي يمثل المغنية باطمة من أجل الظهور والتأثير على الرأي العام وخلط الأوراق قصد طمس معالم القضية وجعلها مجرد قضية عادية أمامه، وإعطائه معطيات بلغة سلسلة ومنمقة تظهر على أنها هي الحقيقة حتى يتراجع المتتبع عن حكمه في حق باطما ويصبح من دون شعور يقول مع نفسه إنها بريئة ولا علاقة لها بالملف .
- تخويف كل اليوتيوبرز والذين يتابعون القضية وكأنهم يرسلون لهم رسائل مشفرة بأن كل من اقترب من هذا الملف أو تكلم فيه فإن مصيره سيكون مثل مصير المديمي أو أكثر من ذلك، وقد فعلوا نفس الشيء مع السيد محمد تحفة بخلق مناورة خبيثة قصد إرهابه ليتراجع ، لأن أكثر ما تخشاه العصابات هو تناول القضايا إعلاميا لأنها تصبح صعبة على الحل ولا يمكن التفاوض مع أطراف بشأنها بسهولة ، وبالتالي فإن أي عصابة كيفما كان نوعها تعمد إلى تلك الأساليب حتى يتم تسهيل باقي الأمور في الكواليس (…)
- ضرب مصداقية المركز المغربي لحقوق الإنسان الذي يترأسه السيد محمد المديمي وتشتيت انتباه أعضائه ليشعروا بالإحباط ، وينشغلون بالبحث عن مخرج من أجل الإفراج عن رئيسهم، ليتسنى للطرف الآخر البحث عن طريقة لطي ملف المغنية باطما بأقل الأضرار من دون أن يزعجهم أي أحد ، وبعد الشعور بالإحباط من طرف أعضاء المركز الحقوقي يتراجع المركز الحقوقي بأكمله ، ويتناسى الرأي العام القضية، وبالتالي تنجح الخطة (…) .
- التشكيك في مصداقية المديمي عبر زرع فكرة لدى الرأي العام بأنه مجرد شخص فاسد يدعي محاربة الفساد ، والقيام بحملة تشهير ممنهجة ضده لتتهاوى شعبيته ويفقد مصداقيته .
هاته النقط الأربع التي ذكرناها الآن بدأت معالمها تظهر من خلال تسخير إحدى الجرائد الورقية اليومية لهذا الغرض ، هاته الجريدة يقال أنها بيعت أسهمها مؤخرا لشخصيات قد يكون لها نفوذ وقد تكون لها شبه صلة بالملف ، ذلك أن صحافيا يوجد بها استغل المرحلة الانتقالية للجريدة من مالكها إلى الجهة التي اشترتها، وبدأ يشن هجوما على السيد محمد المديمي والدفاع عن دنيا باطما ، والسر في ذلك هو أن هذا الصحافي له علاقة بمحامي المغنية وله علاقة أيضا بشخصيات بمراكش تقوم بتسيير بعض العلب الليلية وأماكن أخرى ترتبط بملف حمزة مون بيبي، إذن هناك علاقات متشابكة في هاته القضية ، ما يؤكد أن اعتقال السيد المديمي ليس مجرد صدفة (…) وأنه فعلا هناك عصابة كبيرة لا تظهر في الواجهة.
إن خطة الدفاع عن دنيا باطما ترتكز على عنصرين :
العنصر الأول : عدم ظهور قضايا أخرى مرتبطة بالقضية الجوهرية ، وحصر القضية في نقطة معينة حتى لا تتوسع دائرة المتهمين وتسقط رؤوس أخرى ، وسقوطها سيؤدي إلى إثارة ضجة كبيرة ليس في المغرب فحسب ، بل على النطاق الدولي .
العنصر الثاني : هو البحث عن ثغرات من أجل البحث عن تخفيف الحكم عن دنيا باطما ، فمن الأكيد أنه ستكون هناك عقوبة في حقها قصد تمويه الرأي العام، لكن ليس بالشكل الذي يتصوره الجميع ، وسيتم الحكم عليها ابتدائيا ثم استئنافيا ، ثم الانتظار حتى الوصول إلى النقض ، ومن يدري قد يكون الحكم عليها موقوف التنفيذ ، ما دامت أن هاته المغنية تم تمتيعها بامتيازات غير مفهومة ، ونحن هنا لا ندينها ولا نبرئها لأن هذا من اختصاص القضاء ، لكن لا يجب استحمار المغاربة وايهامهم بأن التعامل مع باطما كان تعاملا عاديا كسائر المواطنين والمواطنات رغم أنه نفس القانون الذي يسري على جميع المواطنين الموجودين بالمملكة المغربية ، ومسألة حملها تدخل في صميم الخطة لإخراجها من الورطة ، فالحمل له مشقة ، ووضع المولود يأخذ وقتا فيما يتعلق بالنفاس ، وبعد وضع المولود تأتي مسألة الرضاعة ، وكل ذلك سيتطلب ما يقارب الثلاث سنوات ، ما يعني أن هناك من يفكر باللعب على عامل الزمان أيضا ، وطول الزمن يؤدي حتما إلى النسيان (…) .
لا أحد يمكن له أن يقول بأن هذا الملف هو ملف عادي وأنه ليست هناك أطراف خفية تحركه ، كما لا يمكن لأي أحد أن يصدق بأن اعتقال المديمي جاء بدون تخطيط ، ونحن هنا لا نتهم أي طرف أو أي جهة ، نحن نقوم بالتحليل بناء على المعطيات المتوفرة لدينا ، حيث أننا رأينا أن الاعتقال تم قبل جلسة دنيا باطما ، فهل هي إشارة لخطة كانت مدروسة بين دفاع المغنية والمغنية نفسها أو من يريد انقاد المغنية من الورطة حتى لا تتورط أطراف أخرى ؟ أم هي فعلا شكايات كانت قديمة وتم تحريكها ضد المديمي في هذه الظرفية الحساسة التي يعيشها المغرب في زمن كورونا ؟
إن القضاء المغربي على المحك وهو أمام اختبار تاريخي ، ونحن نشهد تضامنا ليس له مثيل مع السيد المديمي من جميع المغاربة داخل الوطن وخارجه ، لذلك أصبح ملحا بل مطلبا أساسيا ،ونحن نثق في القضاء المغربي ثقة عالية ، بأن يحسم في هذا الملف الذي شغل الرأي العام داخل المغرب وخارجه ، ويكون منصفا لكل ضحية تم تخريب بيتها وحياتها المهنية والتشهير بها ، لنعرف الحقيقة ولغز ملف حمزة مون بيبي ، وهل كما في اعتقادي واعتقاد جميع المغاربة أن الحساب كان هدفه الأساسي هو الإساءة بالدرجة الأولى لصورة المغرب في الخليج وأيضا استعمل لأهداف أخرى وكانت المغنية المشهورة تشتغل لصالح جهة غير معلومة ضد المصالح العليا للدولة المغربية .
هذا هو مطلبنا ونتمنى أن نجد الجواب حتى يطوى هذا الملف ويتم حذف الحساب المشؤوم الذي أساء لبنات المغرب وللشعب المغربي ككل، وارجاع حق الضحايا الذين تضرروا منه .
وما يحز في النفس أن الجمعيات النسائية اختفت عن الأنظار بخصوص قضية حمزة مون بيبي ، ومعلوم أن أغلب ضحايا هذا الحساب هن نساء فلماذا لم نرى تحرك هاته الجمعيات ؟ كما أننا لم نشهد تضامن الجمعيات الحقوقية مع السيد المديمي باعتباره حقوقيا ، ومؤخرا رأينا الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تتضامن مع منظمة العفو الدولية ، لكننا لم نراها تتضامن مع السيد المديمي ، ومن هنا يتأكد لنا أن التضامن أصبح بالانتقائية ، وأصبح التضامن فقط في اشياء تسيء للمصلحة العليا للوطن ، فلو كان المركز الحقوقي الذي يرأسه السيد المديمي يسير عكس الدولة المغربية لوجدنا تلك الجمعيات تعلن تضامنها وتنظم وقفات احتجاجية بهذا الخصوص ، لكن ، ولأن السيد المديمي رجل وطني ويحب وطنه ،وقد فجر ملفا من أكبر الملفات، لم تتضامن معه تلك الجمعيات التي تدعي الدفاع عن حقوق الإنسان وعن الحقوقيين مثلها ، لكن الحقيقة أنهم يدافعون عن مصالحهم الخاصة وأهدافهم السياسية التي يتلقوا تعليمات بشأنها من جهات خارجية ، وفي المقابل رأينا تضامن أبناء وبنات الشعب المغربي مع السيد المديمي من الشمال إلى الجنوب ، ومن الشرق إلى الغرب ، ومن داخل المغرب وخارجه ، لأن الجميع متأكد من أن السيد المديمي تكالبت عليه أطراف خفية، ليس همها الوصول إلى الحقيقة بل هدفها هو الحصول على المال مقابل إخراج باطما من الورطة وعدم اعتقالها.
إن الحقيقة التي يراها أغلب المغاربة الآن هي أن من يجب أن يعتقل هي باطما التي زرعت الفتنة بين الناس وكأنها اكتشفت لنا لقاح كورونا حتى يتم التعامل معها معاملة استثنائية .
فمن يحميها يا ترى ؟ سؤال ستكشف عنه الأيام القادمة من دون شك .

شارك هذا المحتوى