رسالة مفتوحة إلى مثلي الأعلى في فن الكتابة الأستاذ والصديق العزيز فضيلة الشيخ محمد الفزازي
من الصحافي حسن المولوع
عنوان الرسالة : اعرف عدوك أولا قبل أن تمسك في جريرة أخيك
الحمد لله والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وعلى آله وصحبه ، وبعد ؛
يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز ” ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ “
سيدي الفاضل ، الشيخ محمد الفزازي
أكتب لك هذه الرسالة ، وانا مطأطئ الرأس وحاني العينين استحياء منكم ومن مقامكم ، فماذا أقول وفمي يفتش عن فمي ؟ وماذا أقول والمفردات حجارة وتراب ؟ ماذا أقول وأنا أمام فقيه وحامل للقرآن ؟ وأمام أسد المناظرات ، الرجل الصادق والصديق الذي تعلمت منه الشيء الكثير خاصة في فن الكتابة والخطابة ؟ ولهذا فلتعذروني سيدي على جدالكم ، ولا تؤاخذوني إن تفلتت مني المفردات وهربت مني الكلمات ، وتاهت عني العبارات وتموضعت الجمل في غير موضعها ، فلا يؤاخَذ التلميذ بزلاته وهو يخاطب شيخا جليلا أفحم كبار الشيوخ و المفكرين ، بالحجة وصنوتها .
استسمحكم سيدي الفاضل في فتح رسالتي لعموم القرّاء والمهتمين لتضمنها ما يتعلق ببعض آراءكم وردودكم المعلنة ، الموجهة للصحافي المقتدر حميد المهدوي ، ولا أخفيكم سيدي انني منذ وقت ليس بالطويل ، كنت قد قررت عدم متابعة اليوتيوب المغربي ، نظرا لكون اغلب قنواته أضحت مثل حمام أو ” جوطية ” ، شعارها ” المعاطية والتشهير وتصفية الحسابات ” ، لذلك قررت القطع مع كل ما من شأنه تلويث مسمعي وفكري ، مقتصرا على البعض من تلك القنوات وانتم من هذا البعض ، فاكتشفت أنكم دخلتم في مواجهة مع هذا الصحافي المعروف والذي يعمل جاهدا من أجل تحريك النقاش العمومي ونشر الوعي بين الناس لتشكيل رأي عام ، وقد يكون مصيبا وقد يكون مخطئا ، لكن الأهم من ذلك أنه يجتهد ، وله أجر اجتهاده ، واني اعلم علم اليقين أنكم سيدي تحترمون الصحافي حميد المهدوي وتقدرونه ، وقد يكون ما وقع بينكما هو مجرد سوء تفاهم ، أفضى إلى ما أفضى إليه ، وصرتما على خشبة مسرح ، يتفرج عليكما من لا يتفقون معكما شرقا وغربا ، واتخذوا من مناوشاتكما سبيلا لتصفية حساباتهم ، سواء معكم أو مع الصحافي المهدوي ، تلكم المناوشات سيدي؛ هي سبيل التفرقة التي تحدث الانقسام بين أبناء وبنات هذا الوطن الواحد ، وتوقد الفتنة ، والفتنة أشد من القتل ، لعن الله من أيقظها .
سيدي الفاضل الشيخ محمد الفزازي
اسمحوا لي أن أقول لكم أنكم حدتم عن الجادة ولم يحالفكم الصواب في محاورتكم المفتوحة مع الصحافي حميد المهدوي ، إن لم أقل في حربكم المعلنة ، مما يفرض نصحكم وتذكيركم بآيات قرآنية من باب قوله تعالى “وذكر فإن الذكرى تنفع المومنين “
قد نلتمس لكم العذر سيدي فنعذركم لما يصيب النفس أحيانا من الخبث والدناءة ،وهذا من شأن البشرية والنفس الأمارة بالسوء . لكن كيف نعذر من يوصف بالشيخ المربي والفقيه الجليل ؟ وكيف نعذر من هو محال في حقه الاضطراب النفساني وهو يعيش في طمأنينة ولذة روحية مع نفسه بفضل اشتغاله بتلاوة القرآن والذكر ” ألا بذكر الله تطمئن القلوب “
فأول المجاهدة عند أهل الحق هي محاربة النفس الأمارة بالسوء وتزكيتها وتطهيرها والسمو بها إلى معارج الكمال البشري ” قد أفلح من زكاها ” ، إذ انه من اوجب الوجبات عليكم سيدي وانتم داعية للحق واتباع سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أن تكونوا قدوة للناس حتى لا يتيهوا في غياهب الظلمات ، وان تبتعدوا عن رعونات الناس ومعايبها ، فالشيخ يربي قولا وفعلا وحالا وسلوكا ، ولا تصدر عنه الالفاظ الغليظة ولا الكلمات المنفرة والتعابير المتعالية ، وينظر الى نفسه باستمرار وكيفما كان الحال بعين التواضع ، لا بعين الرضى عن النفس وتزكيتها ” فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى “
سيدي الفاضل الشيخ الجليل محمد فزازي
إن حسن؛ المكنى بنصر الله قد توفاه الله على يد عدونا ، وأفضى إلى ما قدم من عمل وأسلم الروح إلى بارئها ، وهو الآن ميت كبقية الموتى ، فهل يسمح بذكر مساوئه أو التنقيص من شخصه وتحقيره ؟
فبحسب التعاليم التي استقيناها من الشريعة السمحة والسنة المطهرة فإننا نجد أن موقف الإسلام صريح ، فهو ينهى عن سب الموتى والتعرض إليهم بما يقدح فيهم ويسيء إلى شخصهم . وعدم ذكرهم بسوء ، ففي صحيح البخاري هناك باب ما، ينهى عن سب الأموات، فعن عائشة رضي الله عنها قالت : قال النبي صلى الله عليه وسلم ” لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا “
وفي سنن النسائي عن امنا عائشة أيضا قالت : ذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم هالك بسوء فقال لا تذكروا اهليكم أي مواتكم الا بخير رواه ابو داود
لقد علما الإسلام يا سيدي الفاضل كيف نتعامل مع الميت ، فنتجنب ما يسيء إلى شخصه ، ويحث على ذكره بالخير ، وحتى ان اردنا انتقاده ، فلا يجب أن يخرج ذلك عن دائرة اللباقة وان يكون النقد سالما من التجريح والقدح .
سيدي الفاضل الشيخ محمد الفزازي
لقد صدمني خطابكم وانتم تردون على الصحافي حميد المهدوي ، وللإشارة فأنا هنا لا أدافع عليه ، بل اناقشكم نقاش الود والمحبة لشخصكم الموقر وذلك من باب التناصح الشرعي والحوار الفكري البناء ، واني اكتشفت في خطابكم ، نوع من الاستعلاء ولهجة استئصالية فيها الكثير من الغمز واللمز بما يشبه سلوك العوام الذين اتخذوا من التهجم على هذا الصحافي وسيلة للاسترزاق عبر قنواتهم، ولا أدل عن ذلك هو واحدة تشبه إلى حد ما امرأة ابي لهب ، حمالة الحطب و التي لا موضوع لها تناقشه سوى المهدوي وزملاء لها من الصحافيين والصحافيات الذين سبقوها في الميدان ، وذلك عبر التهجم عليهم صباح مساء دون ان تستطيع بناء تاريخها المهني بعيدا عن الشخصنة ، مع غض بصرها وكغيرها من العوام على ناهبي المال العام ، واهل الفساد والافساد .
لا اخفيكم سيدي الفاضل مدى استغرابي وحيرتي ، في كوني لم استطع ان استسيغ منكم انخراطكم – من دون ان تشعروا – في التوجه الاستئصالي القائم على روح العداء والكراهية والاحتقار وسلوك الاقصاء الذي ينهجه البعض في حق الصحافي حميد المهدوي ، ولكم ان تكتبوا اسمه على اليوتيوب فتجدوا ما قيل فيه ويقال عنه ، اكثر مما قاله مالك في الخمر ، واني اراك سيدي ان ذاكرتكم ربما نسيت أن هذا التوجه هو صاحب محنتكم وأصل بلائكم بالسجن بضع سنين ، كما اني اراكم تتخذون السلوك ذاته الذي اعتمده معكم الشيخ محمد المغراوي حين كان يقوم ضدكم بسلوك ” التشكامت ” ، وقد قمتم بالرد عليه بكتاب قرأته يحمل عنوان ” عملاء لا علماء ” ، وحاشا أن تكونوا سيدي مثلهم .
سيدي الفاضل ، الشيخ الجليل محمد الفزازي
إن من بين أدوار الأخ الصحافي حميد المهدوي هو تحريك النقاش العمومي وتنوير الرأي العام ، ودوره أيضا هو ما يسمى بالاستفزاز الإيجابي ، وقد نجح في ذلك وخلق النقاش الذي كان غائبا منذ زمن طويل ، وهذا النقاش حقيقة هو نقاش صحي ، شريطة الا تغلب عليه نزعة الكراهية وسلوك ” قني لية نقني ليك ” ، وجميل جدا ان يستفيد الرأي العام من سلسلة الجدال والمحاورات ، دون ان تغيب عنكم سيدي بأنكم قد تتحولون الى فرجة ينتشي بها من في قلوبهم شيء من حتى ، واني أخشى ان يتحول هذا الجدال الى تفرقة بين أبناء وبنات الوطن الواحد ونترك للعدو فرصة الدخول بيننا ، كما انني اخشى ان يكون هذا الجدال سببا في نسيان مجازر غ@ز&ة واحتلال جنوب لبنان ومن تسبب في ذلك ، فهدف العدو هو الدفع باتخاذ موقف شعبي ضد اي€ر#ا٪ن بدل اتخاذه ضد ا@سر@ا@ئ€ي&ل ، لان أمريكا تخشى من مواجهة عسكرية مباشرة مع أي*را+ن من اجل تغيير الحكم في هذا البلد ، مفضلة خلق الصدام بين ا*ي*ران و اس*را*ئ*يل ، مع جعل العالم العربي والإسلام السني يتخذ موقفا شعبيا ضد كل ما هو شيعي ، فالخطة هي خلق الفتنة بين المسلمين لنشوب صراع بين المذاهب ، وبعدها صراع بين الطوائف ثم القبائل ، وكل هذا من أجل تقسيم المقسم وتجزيء المجزء ، ذلك أن الضعف والهوان يأتي من التفرقة ، ولكم ان تستفيضوا في ذلك باطلاعكم على نظرية المستشرق الص*هي*و*ني برنارد ليوس الذي وضع النواة الأولى لمؤامرة إعادة تقسيم العالم العربي وإعادة تشكيل الخارطة الجغرافية للمنطقة على أسس عرقية أو طائفية أو مذهبية ، وانا حاليا اعتكف على اعداد حلقة من برنامجي العميد بهذا الخصوص .
اعلم سيدي حفظك الله انه لا يجب أن نفرح لان المجرم النتن ياهو اغتال شيعيا هو في الاصل كان مناصرا للقضية الفلسطينية ودفع حياته من اجلها ، واعلم حفظك الله ان هناك قاعدة تقول “عدو عدوي صديقي” ، ونحن لا ولن نكون أصدقاء وحلفاء لمن قتلوا وهجروا الأبرياء واغتصبوا النساء ، فهؤلاء أعداء للإنسانية جمعاء
سيدي الفاضل الشيخ محمد الفزازي
ان دوركم ليس هو الرد على صحافي له موقف وينظر الى الأمور من زاويته المهنية ويتقاسمها مع متابعيه ومحبيه ، بل هو حمل علم هذا الدين الذي أخرج البشرية من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن ظلم الأديان إلى سماحة الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة ..
وكم تمنيت ان تجتهد كما اجتهدت في الصحافي المهدوي ، في موضوع الخطبة الموحدة التي أضحت روتينية ، فلم اسمع لكم حسا ولا ركزا ، على اعتبار انكم من حماة الملة وحراس الفضيلة وامناء الوحي ، تحملون امانة التوجيه والإرشاد .
انكم سيدي الفزازي من حفدة شيخ الإسلام أبي شعيب الدكالي، وحفدة العلامة المجاهد محمد بن العربي العلوي، وحفدة العلامة المصلح عبد الله كنون والعلامة علال الفاسي الذي كتب في النقد الذاتي ” إن الفكر الديني في الإسلام معناه الحرية الكاملة والتفكير المطلق في اعتداد بالمثال الأعلى ومراقبته في كل الشؤون ، وعدم الخضوع لأحد أو لجماعة تريد أن تعطي لنفسها مكان التمثيل الإلهي في الأرض ، وتعبيد الخلق باسم الدين لأهوائها “
اقبلوا مني سيدي هذه النصيحة، وأنا العبد الضعيف، المجل لقدركم، المشفق على نفسي وعليكم، من سؤال يوم الحساب، والموقف العسير بين يدي رب الأرباب .
أسأل الله تعالى لنا جميعا الثبات والصدق وقول الحق في المنشط والمكره ، كما أسأله سبحانه أن يجعلنا هداة مهتدين صالحين مصلحين غير ضالين ولا مضلين ، اللهم وفقنا لفضيلة الاعتدال في غير تحريف، ومنقبة الوسطية في غير تعطيل ولا تصحيف
وآخردعوانا أن الحمد لله رب العالمين
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
كتبه محبكم ومجل قدركم
الصحافي العميد حسن المولوع
شارك هذا المحتوى