
الأنباء بوست
في سابقة لم يشهد لها مثيل في تاريخ القضاء المغربي ، وقعت صباح اليوم الاثنين بالقاعة 3 بالمحكمة الابتدائية الزجرية بالدار البيضاء ، حيث حضر الضحية الذي تعرض لمحاولة السرقة والضرب والجرح بواسطة سيف،و الذي أفضى لعجز مدته 26 يوما، فيما لم يحضر أفراد العصابة وعددهم ثلاثة أشخاص/ احداث ، متابعون في حالة سراح رغم خطورة فعلهم الجرمي ، والأكثر من ذلك تم اعفاؤهم واولياء امورهم من طرف رئيسة الجلسة من حضور الجلسات .
الضحية جاء مرفوقا بالمحامي الذي ينوب عنه ، وبدا كما لو أنه هو المتهم وسط القاعة، وليس ضحية، فيما العصابة الإجرامية بدت وكأنها تتمتع بتساهل واستسهال ، يجعلهم يقترفون الجرم ويتابعون في حالة سراح، والأكثر من ذلك يتم إعفاؤهم من الحضور في الوقت الذي نشهد فيه حالات كثيرة تتم متابعتها في حالة اعتقال، لا لشيء إلا لأنهم كتبوا تدوينة على الفيسبوك .
المحامي الذي ينوب عن الضحية وجه ملاحظة للسيدة القاضية بهذا الخصوص ، وأشار إلى أنه يجب أن يتساوى الضحية مع من اعتدوا عليه وانه من غير المنطقي أن يحضر المعتدى عليه فيما من اعتدوا عليه لا يحضرون ، وأضاف انه سيتم الدفع بعدم الاختصاص كون أن الفعل الجرمي المقترف يتعلق بعصابة اجرامية تستوجب احالتها على القضاء المختص ، لهذا ينبغي تاخير الملف و العدول عن القرار السابق واستدعاء الأحداث رفقة أولياء أمورهم لمناقشة الملف ، فكان رد السيدة القاضية بعد نقاش ساخن أن هذا الملف تأخر مرات ومرات ، وأن الضحية في كل مرة ياتي بمحام آخر ، وأنه لا يمكن لها أن تتسبب في غيابهم عن فصول الدراسة (…)
السيدة القاضية ربما قالت ذلك في إطار زلة او فلتة لسان ، لأنها لم تنتبه إلى كون أن الضحية هو صحافي / مدير نشر ومالك لمؤسسة إعلامية ، وصحافي متعاون مع مؤسسة إعلامية رسمية بعقد لا يرحمه إن تأخر عن إنتاج مواد إعلامية يومية ، ومع ذلك يحضر للجلسة بحثا عن الانصاف، وأن مبرر الدراسة كان يجب أن تتأكد من معدلاتهم داخل القسم وسلوكهم بالمدرسة ، حينها سيكون الامر منطقيا ، فليس كل من يوجد في المدرسة فهو يدرس، فمن يكون مجتهدا لا يتسكع في الشوارع بعد التاسعة ليلا ويتعرض للناس بالأسلحة البيضاء وسلبهم ما يملكون ، فمن هو مجتهد لا يرافق الالترات ويحدث الفوضى بالشارع العام.
أحس الضحية حينها باعتداء معنوي من طرف السيدة القاضية التي من المفروض عليها الحكمة وان كل كلمة تقولها في غير محلها كرصاصة قاتلة للغير ، وأن واجبها هو العدل والانصاف وليس التساهل تحت ذريعة الدراسة ، وكأن الضحية عاطل عن العمل ومتفرغ لينتقل الى المحكمة من أجل حضور الجلسة ويتحول وسطها كمتهم .
تناست السيدة القاضية ، أن الضحية لم يشتغل لمدة شهر مع المؤسسة التي هو متعاقد معها “بالقطعة” بسبب الاعتداء الذي تعرض له وتراكم عليه الانتاج الذي من الواجب أن يتم بثه في شهر رمضان بشكل يومي ، وبالتالي عندما تماثل الضحية نسبيا للشفاء أصبح يضاعف جهده من أجل إنتاج ماهو مطلوب منه ، فالعقد لا يعرف شهادة طبية ، يعرف الانتاج في الوقت وكفى ، هذا بالنسبة للشق المتعلق به كصحافي متعاون ، اما بصفته مدير نشر ، فلقد توقفت المؤسسة الإعلامية عن انتاج موادها الإعلامية ، ونظرا لحالته الصحية فقد تعذر عليه الانتقال الى شفشاون حيت شهد واقعة الطفل ريان الذي توفي وسط بئر وهنا أخلف الضحية / الصحافي موعده مع الحدث ومع متابعيه ، وللاشارة فليس هو من الصحافيين الذين دخلوا المهنة “بالجبهة وتخراج العينين ” وأنه ليس ممن يطلق عليهم بصحافة الرصيف وصحافة “اللايفات والميكروفونات ” ، إذن من هو الاحق بالتساهل في هذا الباب ؟ هل الضحية أم عصابة اجرامية روعت الساكنة والعائلة والرأي العام ، ففعلهم الجرمي كان بمحيط منزل الضحية ، ومع ذلك يتم استسهال خطورة الفعل والتعامل بمنطق عاطفي متساهل.
لم يتوقف زلل السيدة القاضية المحترمة عند هذا الحد الذي تسبب للضحية في اعتداء معنوي ، وذلك حينما قالت أن الملف تأخر مرات ومرات لأنه في كل مرة يأتي بمحام ، والواقع ليس كذلك ، بل كانت هناك محامية فقط ، والضحية لم يكن يقوى على الحضور نظرا لحالته الصحية والنفسية المتدهورة نتيجة الاعتداء الذي تعرض له ، حيث انه كان يشعر بالالم والدوار ، حتى إن ما وقع في الملف لا يعرف تفاصيله، لأنه كان مهتما فقط بألمه ، حتى تفاجأ بعد ذلك من المحامية أن العصابة كلها متابعة في حالة سراح ، حينها طلب منها سحب نيابتها لتكليف محام آخر من أجل النيابة عنه ، وقد حضر الضحية في الجلسة الماضية وكانت هي اول مرة يحضر فيها وطلب من السيدة القاضية تاخير الملف الى حين التكليف الرسمي للمحامي، وبالفعل هذا ما حصل ، وليس ما حصل هو أنه في كل مرة ياتي الضحية بمحام.
إن متابعة عناصر العصابة الإجرامية في حالة سراح ، هو بمثابة تشجيع آخرين أمثالهم للقيام بنفس الفعل ما دام أنه هناك تساهل مع الأحداث وخصوصا اذا تعلق الأمر بفصيل ينتمي الى الالترات ، وهذا التساهل يدق ناقوس الخطر نتمنى من القضاء أن ينتبه إليه في كل محاكم المملكة، إذ سنشهد مستقبلا القيام بتحريض الكبار للقاصرين على القيام بفعل جرمي في حق آخرين ولن تتم متابعتهم في حالة اعتقال ، وينبغي التذكير في هذا الباب بما وقع سنة 1965 وسنة 1984 حينما تم الدفع بالتلاميذ للقيام بمظاهرات بعدما تم تحريضهم ، وقد ألقى جلالة المغفور له الحسن الثاني خطابا شديد اللهجة وتوعد التلاميذ بأنه “سيسري عليهم ما سيسري على الكبار لو خرجوا من جديد الى المظاهرات والقيام بأعمال تخريبية” ( جزء من الخطاب موجود على اليوتيوب )، بطبيعة الحال السياق يختلف ، وما نود من خلال هذا التذكير هو ايصال الفكرة ، لأنه أحيانا يلزم الردع العام حتى لا تنفلت الأمور عن عقالها …
كان بود الضحية أن تأمر المحكمة الباحث الاجتماعي بالقيام ببحث حول ما يتم تداوله بين سكان الحي حينما علموا أن العصابة خارج اسوار السجن ، لقد تناسلت التاويلات المسيئة لقضاء بلادنا الذي ندافع عنه نحن رجال الإعلام بشراسة وأن لا تلحقه أي إساءة ، حيث أضحى يروج بأن أولياء أمور العصابة الإجرامية لهم علاقات او ان الأمر سار في اتجاه ما (…) وبطبيعة الحال فالضحية بصفته من النخبة المثقفة لن يكون له أي تاويل في هذا الباب ولن ياخذ بكلام العوام ،بل سيسير في اتجاه القانون وفي احترام تام للقضاء ، وبالاخص السيدة القاضية التي ربما غلبت عليها عاطفة الأمومة اتجاه العصابة ، وهذا أمر عادي جدا لأننا في النهاية نحن بشر ، لكن أحيانا التساهل والاستسهال يكون أفظع واشد مرارة .
بعدما وجه محامي الضحية ملاحظته للمحكمة الموقرة ، قررت السيدة القاضية استدعاء الأحداث رفقة أولياء امورهم في جلسة الثامن والعشرين من شهر مارس الجاري ، التي سيبسط فيها الضحية كل الامور الغامضة رفقة محاميه ، ومن المحتمل أن تكون العصابة الإجرامية قد تم تحريضها لاقتراف الجرم ، وهذا اللغز سيتم حله في النقاش وسط الجلسة حتى يظهر للمحكمة الموقرة أن الأمر يتعلق بعصابة اجرامية خطيرة وان التساهل لم يكن في محله وان متابعتهم هي متابعة جنائية وليس كما هو حاصل حينما تم تقسيم المتابعة .

شارك هذا المحتوى