
الأنباء بوست / حسن المولوع
من الأكيد أنك قرأت العنوان ودق قلبك دقا عنيفا وشعرت بوخز الضمير للوهلة الأولى ، ومرت أمام عينيك صور ومشاهد الصحافي سليمان الريسوني وانت تحاول الدخول لقراءة مضمون هذا العنوان التضليلي، الذي تعمدت نشره ليكون وخزا لأي ضمير حي، وسليمان يقترب من الثلاثة أشهر على إضرابه المفتوح عن الطعام ، نتمنى له عمرا طويلا تحت سماء الحرية عاجلا …
تصوروا معي لو حدث هذا واستفقنا ذات يوم على هذا الخبر المفجع لا قدر الله ، فأول من سيشعر بتأنيب الضمير هو المشتكي الذي ستتحرك انسانيته وسيصنف نفسه في عداد القَتلة ، ويكون هو القاتل المباشر لنفس بغير حق ، حينها ستسقط الدعوى، ويصبح المشتكي متهما من طرف المجتمع والتاريخ، بأنه هو المتسبب في الفاجعة وستتبعه روح سليمان في منامه ويقظته ..
سيشعر بتأنيب الضمير كل الذين يجلسون وراء شاشات هواتفهم الذكية وحواسيبهم ويتذكرون كل تدوينة كتبوها تقربا من الآلهة وتزلفا إليها، وهم يقولون بأن سليمان هو المسؤول عن إضرابه وأن هذا يدخل في نطاق الانتحار دون أن يفكروا بأن من تجرع مرارة الظلم يمكن أن يفعل بنفسه أي شيء مقابل رفع الظلم عنه ، سيقول هؤلاء ليتنا طالبنا بمتابعته في حالة سراح تحقيقا للمحاكمة العادلة التي هي مطلب الجميع ، أحرارا وعبيدا ، او سيقولون ، ليتنا صمتنا ما دمنا أننا لم نقل خيرا …
وحدهم أعداء الوطن في الداخل والخارج ، من سيفرحون بموته، لانهم سيستعملون موت صحافي كورقة للإساءة الى المغرب الذي خاض ويخوض تحديات على كافة المستويات والأصعدة ، حين ذاك سيبدأ المسؤولون يتقاذفون المسؤولية فيما بينهم، وسيقول أي أحد منهم ، نفسي ثم نفسي ثم نفسي ، لأنه لن ينفع اي تبرير ما دام أن هناك انسانا مواطنا غادر الحياة وهو يحمل في قلبه غصة، تاركا زوجته وفلذة كبده الذي سيكبر ناقما حاقدا ، ولن تنفع معه كنوز الدنيا أمام فقدان والده الذي مطلبه الوحيد ، يتلخص في جملة بسيطة بقرار حكيم “أريد محاكمة عادلة ، أريد أن اتابع في حالة سراح ، لا تبرؤوني فأنا أستطيع الدفاع عن براءتي ،لكن، امنحوني العدل بين من اشتكى بي وبيني، لنتساوى أمام محراب العدالة “.
سيبكي الجميع بدون استثناء ، سنبكي جميعا على الجبن الذي تسرب الى قلوبنا ولم نستطع قول كلمة حق، لا لشيء سوى أننا اختلفنا معه ذات يوم او لم يرق لنا ، سنقول مع أنفسنا وسيقول معنا أي لابس لرداء السلطة أو المسؤولية ، ما أحقرنا، كل هاته الأشياء مجرد هوامش وجزئيات أمام هذا المصاب الجلل ، ها قد رحل ، يا ليتنا تجاوزنا ، يا إلهي لقد استرخص حياته، ما يعني أنه فعلا مظلوم والا بقي متشبثا بالحياة …
سيضحك باكيا ذاك الذي كتب يوما تدوينة يقول إن سليمان يأكل العسل والثمر متخفيا، وأن إضرابه مجرد ابتزاز واخضاع لرقبة القضاء ، وسيقول مع نفسه ما أحقرني ، ماذا لم كنت مطالبا بإطلاق سراحه وأحضر للجلسات، وأسمع ما يقوله المشتكي مجيبا على كل التساؤلات ، وما يقوله المشتكى به، حينها أكون قناعتي، هل فعلا سليمان بريء أو مدان.
هذا عنوان زائف ، تضليلي، هدفه صحوة الضمير المستتر والضمير الغائب ليكون متصلا مع واقع لا يمكن اخفاؤه ، وأيضا لطرح السؤال، ماذا سيُستفاد من موت سليمان او الإبقاء عليه رهن الاعتقال ؟ هل هو أمر صعب أن تتم متابعته في حالة سراح ؟ الجواب عن هذا السؤال ليس صعبا على كل من له انسانية وضمير ..
أعتذر عن هذا التضليل البعيد كل البعد عن المهنية ، وأدعوا كل من قرأ هذه السطور أن يفكر ويطرح السؤال ، ماذا لو مات سليمان فعلا ؟ كيف ستكون ضمائرنا ؟
نتمنى قرارا حكيما في القريب العاجل

شارك هذا المحتوى