
الأنباء بوست
اهتزت كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالمحمدية، التابعة لجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، على وقع فضيحة مدوية تُهدد ما تبقى من مصداقية الجامعة المغربية.
وفي ظل هذا الزلزال الأخلاقي والقانوني المتعلق بشبهة التزوير، تبرز الحاجة الماسة إلى تدخل النيابة العامة المختصة، خصوصاً في غياب أي بيان رسمي من إدارة الكلية ينفي أو يوضح ما يُتداول بشأن هذه القضية.
تتداول الأخبار حاليا عن تورط عميد الكلية في منح شهادتين، إحداهما وُصفت بأنها غير قانونية، لشخص يُقال إنه كان الكاتب العام السابق لكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالمحمدية، ولا يزال يشغل منصباً وظيفياً في ذات الكلية.
وتشير الوثائق المتداولة بين الطلبة عبر تطبيق “واتساب”، والتي وصلت إلى الصحافيين، بمن فيهم فريق “الأنباء بوست”، إلى حصول المعني بالأمر على شهادة دكتوراه أولى بتاريخ 1 أكتوبر 2018، ثم شهادة دكتوراه ثانية بتاريخ 11 شتنبر 2023. الفارق بين الشهادتين يكمن فقط في تغيير التخصص من “القانون العام قسم عربي” إلى “القانون العام قسم فرنسي”، وهو ما يثير الشكوك حول الطريقة التي تم بها هذا التحول الغريب وغير المألوف.
هذا التطور يكشف عن اختلالات خطيرة في التدبير الأكاديمي والإداري، مما يضع مصداقية الشهادات الجامعية المغربية على المحك في سياق دولي يتطلب تعزيز سمعة مؤسسات التعليم العالي.
والأغرب من ذلك أن العميد الحالي، الذي ارتبط اسمه بهذه الفضيحة، مرشح لولاية ثانية على رأس عمادة الكلية. فهذه الخطوة تطرح علامات استفهام عريضة حول المعايير التي تُعتمد في اختيار القيادات الأكاديمية، خاصة مع استمرار الصمت الرسمي من إدارة الكلية، وعدم تقديم أي توضيح للرأي العام.
إن السؤال الذي يطرحه الطلبة الآن: أين المحاسبة؟ إذ كيف يمكن لجامعة يُفترض أن تكون نموذجاً للشفافية والعدالة الأكاديمية أن تبقى صامتة أمام فضيحة بهذا الحجم؟ فهذا الصمت يُعمق إحباط الشباب المغربي الذين يرون أن الجهد والعمل الجاد يُقابله فساد إداري وأكاديمي يهدد مستقبلهم.
الأدهى من ذلك أن هذه الفضيحة تتزامن مع تحقيقات مفتوحة من قبل المفتشية العامة التابعة لوزارة التعليم العالي وقضاة المجلس الأعلى للحسابات، الذين كانوا بصدد النظر في ملفات فساد أخرى شابت تسيير الكلية على مدى سنوات.
الصمت الرسمي من إدارة الكلية يُضاعف أزمة الثقة في الجامعة المغربية، ويُثير تساؤلات جدية حول مستقبل التعليم العالي في البلاد. فما قيمة الكد والاجتهاد الذي يبذله الطلبة للحصول على شهاداتهم إذا استمر العبث بمصداقيتها؟
إن عميد الكلية يجب أن تتوفر فيه شروط النزاهة والكفاءة والقدرة على قيادة المؤسسة بشفافية واحترام لمبادئ العدالة الأكاديمية، وهو ما تفتقده الكلية اليوم في ظل هذه المعطيات الصادمة. المطلوب اليوم ليس مجرد بيانات تبريرية لتجميل الصورة، بل محاسبة صارمة لكل من تورط في هذه الفضيحة، سواء بالصمت أو التواطؤ. كما أن حماية صورة الجامعة المغربية وسمعتها تبدأ من المحمدية، حيث ينبغي أن يُطبق القانون بحزم ضد كل من تسول له نفسه العبث بمستقبل أبناء هذا الوطن، لأن التعليم والبحث العلمي هما أساس نهضة الأمم، وأي تساهل مع الفساد في هذا القطاع هو تساهل مع خراب المستقبل.

شارك هذا المحتوى