شوف تيفي بين الهجوم عليها وقدرة التنافس معها
الأنباء بوست / حسن المولوع
طفا على السطح هاته الأيام نقاش حول الخط التحريري للقناة الإلكترونية الشهيرة شوف تيفي والمحتوى الذي تقدمه لمتابعيها ، والواقع أن هذا النقاش ما كان ليكون لانه غير ذي جدوى وغير مبني على أسس منطقية وواقعية تجعل منه نقاشا صحيا يفيد الساحة الإعلامية ، خصوصا وأنه نقاش أثارته مجموعة تلاحقها العديد من علامات الإستفهام ، أهمها يتمركز حول حنكتها المهنية وتاريخها المهني وأيضا الجهة او الجهات التي تزاول فيها المهنة وطبيعتها ووظيفتهم التي يؤدونها بقناع الصحافة ، فشتان بين أن تكون صحافيا محايدا وموضوعيا وبين أن تكون موظفا مكلفا بمهمة في إطار “لكل خادم أجرة “(…).
وسواء حصل الإتفاق او لم يحصل ، حول المحتوى الذي تقدمه شوف تيفي ، فلا يمكن لأي أحد أن ينكر بأن هاته القناة الإلكترونية أسست لما يسمى بصحافة القرب ، في الوقت الذي عجزت فيه قنوات إلكترونية أخرى عن ذلك ، ولا يمكن تبرير هذا العجز بدفع واه ، كون أن شوف تيفي قريبة من السلطة ، لأن الذين يقولون بهذا وهم الذين أثاروا هذا النقاش ، هم في الاصل لهم علاقة بجهات أخرى ، ويشتغلون لحساب منظمات خارجية وهذه حقيقة لا يمكن حجبها ، وإلا كيف يمكن تبرير ما ينفقونه من أموال موجودة بحساباتهم البنكية وهم لا يشتغلون بأي منبر إعلامي ولا تجد لهم موادا إعلامية على محرك غوغل يمكن أن تكون وثيقة أو مرجعا يتم الإستناد عليه ليستفيد منه الصحافيون المبتدؤون حتى لا ينساقوا فيما أصبح يسميه هؤلاء بصحافة التشهير ، والحقيقة أن بعضهم ممن يتكلمون اليوم هم من صنعوا هذا النوع من الصحافة وتجدهم أول المتباكين .
لم يكن أي أحد من هؤلاء يلتفت لمحتوى شوف تيفي إلا عندما ظهرت مقالات فاضحة ، موقعة باسم أبو وائل الريفي ، تلك المقالات بالطبع قابلة للنفي من طرف المعنيين بالأمر والسكوت عن مضامينها يعني التأكيد عليها ، إذ أنه لا يجوز في مثل هاته الحالات اعتناق مذهب التباكي ، فالمذهب الوحيد هو الدحض بشتى الوسائل ، بل هناك وسيلة أنسب وهي مراسلة ذات القناة والبوح عن طريقها بالمباشر حينها سيساهم الجميع في تنوير الرأي العام ، وأما التباكي على حائط المبكى الفيسبوكي فلا يعتبر صنوا لاي حجة ولا معطى داحضا لما كُتب .
وما يثير الإستغراب ، هو عندما ترسم جريدة فرنسية او ألمانية كاريكاتيرا عن سيد الخلق، محمد رسول صلى الله عليه وسلم أو تكتب جريدة ما مقالا تطعن فيه الرسول الكريم ، فإن هؤلاء تجدهم أول من يدافعون عن حرية اسيادهم ، حتى إنهم يصفون كل مدافع عن سيد الخلق بالمتطرف والارهابي ، وذلك إرضاء لمن يستعبدونهم ويمارسون عليهم العبودية المقنعة، أما إذا تعلق الأمر بهم فإنهم يخرجون لإعطاء الدروس في الصحافة ويسمون ما يكتب عنهم تشهيرا وهلم جرا من الكلام الغارق في الكلام بدون معنى ولا أساس .
بطبيعة الحال الجميع ضد المس بالحياة الخاصة وضد السب والقذف لكن ليس عن طريق الإنتقائية ، فكم من شخصية تعرضت للحملات الممنهجة ولم نر أي أحد من هؤلاء تكلم أو استنكر ، وقال اللهم إن هذا منكر ، لكن عندما يتعلق الأمر بجوقتهم وبدل أن يردوا عن الحجة بصنوتها ، يهربون إلى الأمام متباكين ليصنعوا من أنفسهم ضحايا مضطهدين .
عندما كنا نناضل من أجل صحافة تحترم أخلاقيات المهنة ومن أجل المجلس الوطني للصحافة قصد تنظيم المهنة ، كان هؤلاء في العدم ، لم يكونوا موجودين في الساحة ، لأنهم كانوا منشغلين بجمع المعلومات والمتاجرة فيها لصالح تنظيمات معينة تحت رداء الصحافة المفترى عليها ، اليوم ، ظهروا كطفيليات نبتت فجأة بين فتحات “الزليج ” بدون خجل لتعطي الدروس، تماما كفقهاء النكاح الذين لا يستطيعون فعل شيء يذكر ، سوى إصدار فتاوى النكاح والتناكح (…)
فما الذي منع هؤلاء من تأسيس منابر إعلامية تضاهي شوف تيفي وتخلق جوا تنافسيا ، ويبقى الحكم في النهاية للمتابعين الذين لهم الحق في الاختيار وليس ممارسة الوصاية عليهم ، أليس الاختيار يعتبر حرية من الحريات ؟؟ فلماذا إذن المطالبة بإغلاق منبر وشن حملة ضده لا لشيء سوى أنه لا يروق لك ولا يغني بلحنك ؟ فماذا نسمي هذا ألا يعد تشهيرا في حق مؤسسة إعلامية تشغل ما بين ال 60 وال 100 شخص بين صحافي وتقني طبقا لما تقتضيه مدونة الشغل والاتفاقية الجماعية ؟ إن هذا يعتبر قمة الأنانية والخبل في نفس الآن (…)
إن شوف تيفي ليست مؤسسة من مؤسسات الدولة حتى يتم عتابها وشن هجوم عليها بهذا الشكل ، فالدعم الذي تحصل عليه ليس على المحتوى الذي تقدمه لأنه في الاصل ليس هناك محتوى نموذجي متفق عليه ، بل الدعم المحصل عليه يدخل في إطار مصاريفها وأجور أجرائها ، فلقد اختارت شوف تيفي طريقتها وطريقها ، وكل صحافي منا له طريقته ووجهة نظر ، وفي النهاية المشاهد او المتابع هو الحكم الفصل ، وليس لنا الحق ان نحكم أو نقيم بعضنا البعض ونمارس الأستاذية ، لنا الحق في منافسة بعضنا منافسة شريفة ، وأتمنى صدقا أن يحمل هؤلاء المشعل ويؤسسوا لنا مواقع إلكترونية تكون نموذجا يحتذى به ، أما بضاعة الكلام فمن السهل ترويجها ، علما أن الكلام لا يسمن ولا يغني من جوع .
يقولون بأن شوف تيفي قريبة من السلطة ، وهذا طبعا حقها واختيارها ، لا يحق لأحد أن ينازعها فيه ، لكن أليس هناك من هو قريب من قطر او الامارات او منظمات ببريطانيا وبعض المنبوذين في امريكا ؟ لماذا لا يجرؤ أي أحد من هؤلاء التكلم عن هذا الوباء ؟ اكاد أجزم بأن لا احد مستقل في الإعلام سواء في المغرب او خارجه ، كل اعلام ينفذ أجندة ما (…) هذا هو الواقع .
إن مدير شوف تيفي ، إدريس شحتان ليس واحدا من الذين سقطوا سهوا على قطاع الصحافة والنشر ، فالرجل له تاريخ مهني طويل ، ربما بعض الصبية لم يكونوا يقرؤون الصحافة آنذاك ، واليوم نبتوا فجأة بين الزليج ليتنطعوا وهم غير قادرين على كتابة مقال أسبوعي ، ألسنتهم خليط من الرطنات واللكنات ، فرنسيون تارة ، أمريكيون تارة ، وبدويون تارات أخرى .
كفى من الخواء والكلام، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون .
إرسال التعليق