
الأنباء بوست/ حسن المولوع
في خطوة تثير العجب والسخرية، أقدمت اللجنة المؤقتة لتدبير شؤون الصحافة والنشر، بقيادة الثنائي يونس أمجاهد وعبد الله البقالي، على سنِّ نظامٍ خاص مريب لولوج مهنة الصحافة، سواء بالحصول على البطاقة المهنية لأول مرة أو تجديدها، ما يدفع القطاع نحو أزمة جديدة في وقتٍ يعاني فيه أصلاً من حالة الجمود والارتباك.
هذا الثنائي قرر، بكل جهل تضاف إليه الوقاحة، فرض قواعد تتجاوز حدود العقل والمنطق، منها إلزام مالك المؤسسة الإعلامية بإثبات تلقيه لأجر، وكأن أحدهم يطالب إنساناً أن يُثبت لنفسه أنه يُنفق على نفسه بنفسه، في قمة من التناقض.
لم يقف عبث البقالي وامجاهد عند هذا الحد، بل فرضا كذلك أداء واجبات الضمان الاجتماعي، وكأنهما حارسان لهذه المؤسسات والمسؤولان عن ماليتها وتسييرها، متناسيين أن هذا حق يملكه فقط مالك المؤسسة الذي يقرر إن كان سيدفع أو لا، بحسب مصلحته وإمكاناته. فهل هما فعلاً يجهلان هذا الجانب القانوني أم أنها محاولة لممارسة سلطة غير مشروعة على قطاع لا ينتميان إليه؟
إنّ هذا الثنائي يسعى بكل صراحة للتطاول على حرمة القانون، مدعين صلاحياتٍ تشريعية لا يمتلكانها، وكأنهما في غفلة عن طبيعة اللجنة المؤقتة التي أسندت إليهما فقط لتصريف أعمال المجلس الوطني للصحافة، لا لتأسيس تشريعات جديدة. فهذا السلوك المستهتر يمثل إساءة للدولة المغربية ولقيمها كدولة حق وقانون، بل ويُعد تجاوزاً لمقام الملك بصفته الحامي الأسمى لهذا القانون.
خرق القانون من قبل هذا الثنائي امتد أيضًا إلى إحداث منصة لتلقي طلبات الحصول على البطاقة المهنية وتجديدها، دون أن يشير المرسوم إلى هذه الإمكانية، وهو مرسوم واضح يحدد كيفيات منح وتجديد البطاقة المهنية وقد صادقت عليه الحكومة في عهد الوزير الوصي محمد الأعرج، ولا يمكن تجاوزه. كما أن المنصة المذكورة لا تستجيب لمعايير مدير النشر، التي هي صفة قانونية تختص بها النيابة العامة المختصة.
إنّ المسؤولية تتطلب اليوم من الجهات المختصة، وفي مقدمتها القضاء ممثلاً في السيد عبد النباوي، التحرك بصرامة لحماية حرمة القانون والحد من تجاوزات هذا الثنائي الذي بات يتصرف كحاكم بأمره في قطاع الصحافة، دون رادع أو حساب. فلا يمكن السماح لأي شخص أو جهة أن يستغل موقعه لتشريع قوانين جديدة أو فرض نظم خاصة، بينما تظل مسألة منح بطاقة الصحافة، على سبيل المثال، منظمة بقانون واضح لا يقبل التحايل أو التلاعب.
وعلى المجلس الأعلى للحسابات القيام بافتحاص شامل لمالية المجلس الوطني للصحافة، فهناك حاجة ملحة اليوم لكشف خبايا هذه المؤسسة ومعرفة مدى احترامها لمبادئ الشفافية والنزاهة. كما أن الانتظار الطويل للانتخابات الجديدة، التي ستسمح بانتخاب هيئة شرعية تمثل المهنيين بحق، لم يعد مقبولاً. إذ أن الجمود الذي يعانيه القطاع أصبح يشكل عبئاً على المهنية، والحل الوحيد لإنهائه هو فتح الباب أمام نخب جديدة قادرة على الدفع بالقطاع نحو الأفضل.
لقد حان الوقت لتعزيز الديمقراطية والحوارات البناءة بين المهنيين، لإعادة الدور الحقيقي للمجلس الوطني للصحافة، بعيدًا عن الحسابات الشخصية والضيقة.

شارك هذا المحتوى