
الأنباء بوست/ حسن المولوع
لا يزال عبد الله البقالي، الرئيس السابق للنقابة الوطنية للصحافة المغربية، الذي يُعد “ابن عرفة” زمانه، يُصر على تقديم نفسه بريئا بلا تهمة، بارعا في الرقص على كل الحبال، ومتقنا لفن التملص من المسؤولية وإلصاق فشله بالآخرين. فهذه السلوكيات جعلته نموذجًا صارخًا للقيادة التي تعيش على الريع وتتقن ارتداء قناع الضحية، بينما الحقيقة أنه الجلاد الأول الذي يتسبب في الأزمات التي تعصف بقطاع الصحافة والنشر.
الصحافي توفيق بوعشرين فجّر تصريحا مدويا في لقاء صحفي مع حميد المهدوي، كاشفا عن تواطؤ النقابة في قضيته. إذ قال بوعشرين إن النقابة، خلال محنته، اختارت تكليف محامٍ لعب دور “المغرق”، بينما اعترف البقالي لاحقا بأن “إحدى نائباته” هي من دفعته لهذا الخيار.
هذا الاعتراف لا يعكس سوى هشاشة قيادة البقالي، فهو رجل افتقر إلى الشجاعة لتحمل تبعات قراراته أو تقديم استقالته في وقتها. وبدلًا من ذلك، لجأ إلى التحريض في الخفاء كما اعتاد، ولعب دور الضحية عبر الهاتف، محاولا التهرب من حقيقة كونه السبب الرئيسي فيما حدث ويحدث .
ما يزيد من حدة الموقف هو صمت البقالي المطبق بعد تصريحات بوعشرين، في وقت كان من المفترض أن يخرج ليوضح موقفه أو يدافع عن نفسه. فهذا الصمت يتناقض تماما مع مواقف آخرين، مثل المحامي عبد الصمد الإدريسي، الذي لم يتردد في الخروج بتوضيح حول تصريحات مشابهة. فصمت “ابن عرفة” يكشف ضعف موقفه وغياب الشجاعة التي ينبغي أن يتحلى بها أي قائد يتحمل المسؤولية.
البقالي اليوم يشغل منصب رئيس لجنة منح وتجديد بطائق الصحافة بالمجلس الوطني للصحافة، واللجنة المؤقتة لتسيير قطاع الصحافة ومع ذلك يتجاهل أنه جزء رئيسي من الأزمة التي تضرب القطاع. فقراراته المزاجية وغياب المعايير الواضحة ساهمت في تعميق مشاكل الجسم المهني. ومع ذلك، يصر على البقاء في منصبه، متجاهلًا المطالب الواضحة برحيله. فلو كان يملك ذرة من الحياء، لكان فهم الرسالة ورحل، لكنه اختار الاستمرار في الاستفادة من الريع، محاولًا ترقيع صورة فقدت مصداقيتها منذ زمن بعيد.
ومع اقتراب نهاية ولاية اللجنة المؤقتة لتسيير قطاع الصحافة والنشر، ليس من المستبعد أن يخرج البقالي مجددًا متباكيًا، مدعيًا أن الأزمة ليست من صنعه بل من صنع الآخرين. فهذه المسرحية المكررة التي يصر على أدائها تعكس حقيقة رجل يرفض مواجهة مسؤولياته، مفضلًا التستر وراء روايات الضحية التي لم تعد تنطلي على أحد.
إن عبد الله البقالي، باسمه وأفعاله، أصبح رمزًا للفشل والتواطؤ في قطاع يحتاج إلى قيادة حقيقية، قيادة تحمل هموم الصحافيين بدلًا من التسبب فيها.

شارك هذا المحتوى