الأنباء بوست / حسن المولوع
أوصدت جميع الابواب في وجوه أربع أسر كانت تعيش بسكن مشترك آيل للسقوط بالشطر 06 زنقة 45 رقم 71 ق.ج بالبيضاء ، التابع إداريا للملحقة الإدارية 57 مكرر العثمانية بتراب عمالة مقاطعات بن امسيك ، قبل أن يتم إفراغهم منه من طرف السلطات التي امرتهم بذلك، بدعوى أن المنزل بعد اجراء الخبرة التقنية عليه ، أنه من المنازل الآيلة للسقوط ويستلزم الأمر هدمه فورا.
استجابت الأسر لأوامر السلطات ، وقاموا بافراغ المنزل بتاريخ ال 17 من يناير من السنة الجارية ، ولم يتم إعطاؤهم أي بديل ، لا سكن يأويهم ولا تعويضا ماليا يمكنهم من الكراء ، وتم تركهم لمواجهة المجهول ، والصراع مع شبح التشرد المضني والشاق ، دون أي التفاتة من أي أحد ، ولا اي احساس بروح الوطنية تجاه هؤلاء الذين هم من الرعايا الأوفياء لملك البلاد الذي يوصي أي مسؤول كيفما كانت درجته ورتبته بالعناية برعاياه وحفظ كرامتهم ، إذ قال في خطاب له من خطاباته الإنسانية الشهيرة “فطموحنا من أجل إسعاد شعبنا، ليس له حدود. فكل ما تعيشونه يهمني: ما يصيبكم يمسني، وما يسركم يسعدني. وما يشغلكم ، أضعه دائما في مقدمة انشغالاتي”.
لقد طرقت هذه الأسر جميع الأبواب ولا من يعطيها الجواب الشافي والكافي، ويتم ايهامهم بأن هذا الملف لن يجد طريقه للحل الا بعد الانتخابات، وهذا فيه استغلال ضمني بشع للناس وتوجيههم بطريقة غريبة من أجل منح أصواتهم لمرشح معروف، وهذا يعد ابتزازا بشكل مقنع ، صوتوا على المرشح “المعلوم” فهو الذي سيقوم بحل هذا الملف، فما علاقة الانتخابات بوضعيتهم المزرية إذن ؟ والمنزل الذي قيل لهم يجب أن يهدم فورا ، بقي على حاله ولم يهدم وإلى اليوم، وبقي مغلقا ولا يحق لأي أحد الدخول إليه ، فاذا كان فعلا هو منزل آيل للسقوط حسب الخبرة التقنية ، فإن ذلك يشكل خطرا على المارة وعلى السكان المجاورين لأنه قد يسقط في أي لحظة، فلماذا لم يتم هدمه بعد الافراغ مباشرة على غرار باقي المنازل الآيلة للسقوط ؟ أما إن كانت السلطة مطمئنة من أنه لن يسقط، فلماذا تترك هذه الأسر خارجه ، فالأجدر أن تعود لمنزلها حتى يتم ايجاد حل لها ، بدل حالة التشرد التي يعيشونها .
ظروف قاسية تعيشها هذه الأسر الذين لم يجدوا مالا للكراء ، وهم الآن يعيشون متنقلين بين عائلاتهم لظروفهم المزرية ، فأسرة بشرى المسكي وهي ربة بيت وأم لطفلين ، زوجها عبد النبي ابو سوكة مياوم، يبحث عن قوت يومه لتوفير لقمة العيش لزوجته الحامل ولطفلته وطفله ، وبسبب افراغهم للمنزل ومواجهة التشرد، فقد أثر ذلك سلبا على طفلتهم في نتائجها الدراسية التي كانت جد ممتازة في السابق، وذلك بسبب أنها لم تعش طوال السنة في استقرار ، وأصبحوا يعيشون هنا وهناك ، ليلة هنا وليلة هناك ، فهل عامل عمالة مقاطعات بن مسيك يرضى لاطفاله ان يعيشوا نفس هذه الوضعية التي لا ذنب لهم فيها ؟ علما أن الملك محمد السادس يضع أطفال المغاربة في مقام أبنائه ، ومن دون شك أن العامل يعرف هذا الخطاب الملكي جيدا ، الذي مضمونه يسير في هذا الاتجاه (…)
أما ربيعة الصوفي فهي امراة كبيرة في السن وتشتغل بائعة جائلة وتعاني امراضا ، لكنها تقاوم الحياة بحثا عن لقمة العيش ، كانت تعيش في منزلها في هناء الى أن اتاها قرار السلطات بإفراغ منزلها وهي لا تقوى على أداء مصاريف الكراء ، وبدورها مرة هنا ومرة هناك ، لتشعر بالضجر مما تقاسيه في حياتها اليومية ، فهل هكذا يتم تكريم النساء بتركهن عرضة للتشرد والضياع؟ وبخصوص أسرة أومهاني وأسرة محمد اختي فإنهما لا تقلان بؤسا وفظاعة عما سلفهما من ذكر ، فالأسرتان تعيشان حياة أقل ما يقال عنها قاسية ولا ذنب لأي أحد منهم جميعا في هذا الطارئ المفاجئ الذي هو مسؤولية الجهات المسؤولة ذات الصلة وعلى رأسهم عامل عمالة مقاطعات بن مسيك في ايجاد حل عاجل وفوري ، وأن ايهام الناس بالانتخابات، فهو حجة لا تستقيم ، والا سيتم تأويل الأمر على أن ذلك فيه استغلال سياسي و توجيه مبطن حتى يصوتوا على مرشح معين ويصبح في نظرهم انه هو الذي أنقدهم من شبح التشرد ، وكأنهم يتسولون شيئا هو في الاصل في ملكهم وحق من حقوقهم الدستورية والكونية والانسانية .
إن العيب كل العيب ، أن يستمتع عامل عمالة مقاطعات بن مسيك بعطلته مع أطفاله ، ويكون مرتاح البال دون أدنى شعور بوخز الضمير تجاه رعايا صاحب الجلالة الملك محمد السادس، وهم في حالة بؤس وتشرد لن تستطيع هذه السطور وصف فظاعتها المؤلمة، فإذا مس ضر برعايا الملك فكأنما هو مساس به شخصيا طبقا لما جاء في خطابه السامي السالف الذكر .
إن الكل مسؤول في هذا الباب ويتحمل المسؤولية التي تصل إلى وزير الداخلية ، ومن المحتمل ان تعمد هذه الأسر على نصب خيام أمام منزلها الآيل للسقوط في الأيام المقبلة لأنها لم تعد تقوى على العيش في بيوت عائلاتهم وليس لهم مال لكراء شقق ، فالحل موجود وممكن ، وما ينقص هو التسريع والتعجيل به، بدل محاولة اقناع الناس بحجج واهية وغير منطقية ، والأنكى من ذلك، أن هناك من المسؤولين من يجيبونهم شفويا ولا يجرؤون على جوابهم كتابة لأنهم متاكدين من أن جوابهم لا أساس ينبني عليه، ويفضلون حوابهم شفاهيا خلافا للمساطر الادارية المعمول بها .
أنقدوا الرعايا الأوفياء لجلالة الملك ، لأنه من العيب جدا ، أن يعين الملك مسؤولين لخدمة الوطن والمواطنين ، ولا يقومون بأداء واجبهم على أتم وجه وبعد ذلك يصبح الشعب يطلب من الملك مباشرة التدخل من أجل حل مشكل صغير جدا .
شارك هذا المحتوى