
الأنباء بوست/ حسن المولوع
منذ تولي فؤاد عارف منصب المدير العام لوكالة المغرب العربي للأنباء، أصبحت هذه المؤسسة الوطنية العريقة، التي لطالما مثّلت صوت المغرب الحر في الخارج، تعيش حالة من التخبط والعشوائية. عارف، الذي يمارس سلطته وكأنه “فرعون صغير”، يتخذ قرارات مجحفة هدفها السيطرة وإخماد كل ما له علاقة بالمبادئ التي وضعها العبقريان محمد ياسين المنصوري وخليل الهاشمي، رحمه الله، لتثبيت مكانة الوكالة ضمن عهد جديد من المهنية والنزاهة.
وبدل أن يضع فؤاد عارف بصمة تخلده في تاريخ هذه الوكالة، تفرغ لتعطيل أجور الصحفيين الرافضين لقراراته المتعسفة، مكرساً شططه ضدهم بهدف فرض سلطته. واختار أن يحارب حتى ذكرى الراحل خليل الهاشمي، الذي كان بحق رجلاً من طينة الكبار وأحد العقول النادرة التي شكلت القاعدة المتينة لوكالة المغرب العربي للأنباء في عهد جلالة الملك محمد السادس حفظه الله. وعلى ما يبدو، أن اسم الهاشمي ما زال يؤرق عارف، رغم وفاته، وكأن هذا الرجل المتميز والمخلص لمبادئ الوطن والملك يشكل تهديداً لسلطته حتى من قبره.
وبحسب مصادر مطلعة، فإن عارف لم يكتفِ بالتسلط على العاملين، بل انخرط في ممارسات تعكس سوء تدبيره المالي والإداري للوكالة. ولهذا السبب فقد عُرضت على السيدة رئيسة المجلس الأعلى للحسابات شكاية رسمية تطالب بإجراء تحقيق دقيق حول الخروقات المالية والإدارية، التي وُصفت بأنها ضارة بالمصلحة العامة ومسيئة لسمعة المؤسسة (نتحفظ عن ذكر تفاصيل الشكاية التي نحتفظ بنسخة منها نظراً لسرية البحث وعدم التأثير على قضاة المجلس الأعلى للحسابات). كما تتهمه المصادر بإقصاء متعمد لكفاءات كبيرة، لا لشيء إلا لكونها كانت تعمل في عهد الراحل خليل الهاشمي.
في مكاتب الوكالة بالخارج، لا تزال الميزانيات تُصرف بمبالغ ضخمة على تعيينات مبنية على اعتبارات شخصية لا علاقة لها بالكفاءة المهنية. فقد تم صرف أموال طائلة على مكاتب الوكالة في باريس ولندن وبرلين دون معايير واضحة، وأصبحت هذه التعيينات عبئاً على المؤسسة، محطمة لجودة العمل ومؤدية إلى تراجع واضح في أداء الوكالة الإعلامي.
أما بالنسبة لمنصات الوكالة الإعلامية “ريم راديو” و”قناة 24″، فقد تحولت إلى مثال صارخ عن إهدار المال العام. إذ ما زال مدير وسائل الإعلام بهذه المنصات يتلقى تعويضاً خيالياً، رغم أنه لا يمتلك الكفاءة اللازمة، بل استغل منصبه لتشغيل زوجته بعقد مبالغ فيه لإنتاج برنامج لا يتابعه أحد، في وقت تم فيه توقيف عقود صحفيين يتميزون بكفاءات عالية ومعترف بها في المجال.
التبذير طال أيضاً بعض العقود المجحفة الأخرى، ومنها تجديد عقد عمل لصحافية متقاعدة بعقد ضخم لتقديم برنامج ضعيف وركيك، يُطرح على إثره تساؤل جاد عن سبب الإبقاء على هذه العقود البالية، بدل تجديد دماء الوكالة بطاقات شابة قادرة على تقديم محتوى إعلامي يليق بسمعة وكالة المغرب العربي للأنباء.
في ختام هذا المشهد العبثي، لا يمكن إنكار حجم الخيبة التي أصابت الجميع من إهدار المال العام بطرق عشوائية وتفشي المحسوبية والفساد، بينما كان للوكالة في عهد الراحل خليل الهاشمي وقبله السيد محمد ياسين المنصوري مكانة راقية وأداء مشرف.
لقد أصبح تدخل الجهات المختصة، كالمجلس الأعلى للحسابات والسلطات القضائية، أمراً حتمياً لإنقاذ ما تبقى من هذه المؤسسة العريقة، حمايةً للمال العام وإعادة الاعتبار لمفهوم الشفافية والنزاهة.
عهد الوكالة الذهبي، الذي أسسه أمثال خليل الهاشمي ومحمد ياسين المنصوري، يجب أن يُستعاد، ويكون المسؤول عن هذه الوكالة همه الأول رفعة سمعة المؤسسة، وليس العيش على تحطيم إرث العظماء.

شارك هذا المحتوى