
الأنباء بوست/ حسن المولوع
تُسدل سنة 2024 ستارها، ونستقبل عامًا جديدًا بأمل أن يحمل 2025 تغييرات جذرية تضع حدًا للسلوكيات السلطوية التي لا تزال تنخر في الإدارات المغربية. غير أن ما يقوم به فؤاد عارف، المدير العام لوكالة المغرب العربي للأنباء، يعكس استمرارية عقلية متجذرة ظن المغاربة أنهم تخلصوا منها مع نهاية عهد إدريس البصري. فهذا المسؤول، الذي عُلقت عليه آمال كبيرة فور تعيينه كونه “ابن الدار”، أصبح يمثل نموذجًا صارخًا لمن يمارس الاستبداد تحت غطاء القانون، في انتهاك صارخ للقيم المهنية والأخلاقية.
من بين أبرز ممارساته التي تفضح هذا النهج السلطوي، قراره الجائر بقطع راتب صحفية شابة تعمل في مكتب الوكالة بألمانيا. فهذه الصحفية، التي تم تعيينها في عهد المدير الراحل خليل الهاشمي الإدريسي، أدت عملها بكفاءة منذ التحاقها، ولم تطلب سوى قرار مكتوب يوضح وضعيتها القانونية لتتمكن من الدفاع عن حقوقها. إلا أن فؤاد عارف رفض الاستجابة، مفضلًا اللجوء إلى أساليب الترهيب والتسلط لإرغامها على العودة إلى المغرب دون أي سند قانوني، مما يعكس استهتارًا بمصالح العاملين وتغليبًا لمنطق الاستبداد على احترام القانون.
تأتي هذه الواقعة في سياق دبلوماسي حساس، حيث جددت ألمانيا مرارًا موقفها الداعم لمخطط الحكم الذاتي المغربي المقدم سنة 2007، واعتبرته حلًا جادًا وذي مصداقية. فهذا الموقف تأكد في الإعلان المشترك الصادر في 25 غشت 2022، ثم أعيد تأكيده خلال المفاوضات الحكومية المغربية-الألمانية في ديسمبر 2023. في هذا الإطار، تكشف تصرفات فؤاد عارف عن غياب الحس الاستراتيجي وتجاهل واضح للمصلحة الوطنية.
لم يتوقف فشل عارف عند هذا الحد. فمنذ توليه إدارة الوكالة، لم يتمكن من تحقيق أي إنجاز يُذكر. وحتى الآن، لم يتم الإعلان عن الهيكل التنظيمي للوكالة، ما يعكس حالة من التخبط والارتجال الإداري. فضلًا عن ذلك، يتسم أسلوبه الإداري بعقلية ذكورية متجذرة، حيث يتعامل مع الصحفيات وكأنهن عبء أو أدوات يمكن التلاعب بهن، بدلًا من دعم حقوقهن المهنية. كما أثبت عجزه عن الدفاع عن الثوابت الوطنية، بما في ذلك قضية الوحدة الترابية، من خلال ضعف الأداء الإعلامي لمديرية وسائل الإعلام، التي تضم قناة M24 وإذاعة ريم راديو. هاتان المؤسستان تعانيان من غياب رؤية استراتيجية وهدر المال العام عبر منح تعويضات كبيرة لمسؤولي المديرية دون جدوى ملموسة.
لقد أجهز فؤاد عارف على ما بناه السابقون من قامات إعلامية مثل ياسين المنصوري، ومحمد الخباشي، وخليل الهاشمي الإدريسي، الذين جعلوا من الوكالة منبرًا إعلاميًا استراتيجيًا يعكس صورة المغرب داخليًا وخارجيًا. أما اليوم، فقد أصبحت الوكالة غارقة في الفوضى الإدارية، وعاجزة عن أداء دورها الأساسي.
لا يدرك فؤاد عارف أن وكالة المغرب العربي للأنباء ليست مؤسسة عادية، بل هي مؤسسة استراتيجية تلعب دورًا حاسمًا في تعزيز صورة المغرب والدفاع عن مصالحه. إذ أن تصرفاته، التي تعكس فشله الشخصي، تعرض سمعة المؤسسة للخطر، وتهدد مكانتها كأداة للدبلوماسية الموازية. واستمرار هذه العقلية السلطوية في إدارتها ليس مجرد إخفاق إداري، بل تهديد مباشر للجبهة الداخلية وضرب لثقة المواطنين في مؤسسات الدولة.
لقد حان الوقت لتتدخل الجهات العليا في البلاد لوضع حد لهذه الممارسات التي تسيء إلى صورة الإدارة المغربية، وتعيد الأمور إلى نصابها بما ينسجم مع قيم الإصلاح والتقدم.
إن ما يقوم به فؤاد عارف يجب ألا يمر دون محاسبة، فالحفاظ على مصداقية المؤسسات الإعلامية الوطنية هو جزء أساسي من مشروع الإصلاح الذي يحتاجه المغرب في هذه المرحلة الحساسة ، ولا زال الرأي العام ينتظر تدخل المجلس الأعلى للحسابات لافتحاص مالية وكالة المغرب العربي للأنباء خاصة مديرية وسائل الإعلام في فترة مرض مديريها السابق الراحل خليل الهاشمي الإدريسي.

شارك هذا المحتوى