فتيات بالهلال الأحمر المغربي يتعرضن لأبشع أنواع الاتجار بالبشر بالدار البيضاء …لماذا ؟ وكيف ؟ وأين ؟
الانباء بوست / حسن المولوع
لم تتوقع مجموعة من الفتيات بمدينة الدار البيضاء أن يتحول انخراطهن بالهلال الأحمر المغربي/ فرع بن مسيك ، التابع لتراب عمالة مقاطعات بن مسيك ، من أجل نيل نصيبهن من حصص التدريب على الاسعافات الاولية ، إلى استغلال بشع لهن تحت غطاء التطوع المفترى عليه .
فبعدما مررن بمراحل مختلفة من التدريب النظري والتطبيقي ، تم إلحاقهن بأحد المراكز المسماة “جوادي ” بتراب العمالة ذاته ، وذلك في إطار تنظيم عملية التلقيح ضد كوفيد 19 ، ومساعدة الأطباء والممرضات في مهامهن ، لكن ستتفاجأن بأنهن يتعرضن للاستغلال ، وتحول إلحاقهن إلى تطوع إجباري يدخل في نطاق الاتجار في البشر بمعناه العام ، كما أنهن يتعرضن للتحرش من طرف مجموعة من الأطر التي تشتغل داخل مراكز التلقيح و خصوصا بعض أعوان السلطة حسب ما روته لنا مصادرنا .
بشكل يومي يدخلن لمركز التلقيح ، وينخرطن ضمن عمل مضني وشاق من الممكن ان يعرضهن لخطر الإصابة للامراض المعدية، دون الحديث عن الوباء المنتشر ، ابتداء من الساعة الثامنة والنصف صباحا الى حدود الساعة الرابعة عصرا دون توقف، وطيلة أيام الأسبوع، من الاثنين إلى الجمعة، واحيانا ينضاف يوم السبت ، كل ذلك بدون مقابل مادي حتى ولو كان رمزيا ، على الرغم من أن وثيرة ما يقدمنه لا يدخل في إطار التطوع بل في إطار الشغل الذي من المفروض ان يحكمه قانون الشغل ، وهنا يطرح السؤال الجوهري ، أين هو عامل عمالة مقاطعات بن مسيك من هذا الذي يقع في واضحة النهار ؟ إذا تعرضت فتاة منهن لحادثة ، ماذا يمكن تسميتها ؟ هل تسمى حادثة شغل أم حادثة تطوع ؟ وفي هذا الصدد لا تصح الإجابة بالقول أن هناك تأمين عن الحوادث من طرف الهلال الأحمر المغربي الذي وعلى ما يبدو أنه أصبح مكانا للاتجار بالبشر تحت قناع التطوع ، فمتى كان التطوع يكون طيلة أيام الأسبوع مع إجبارية الحضور في الوقت المحدد ، واذا تأخرت أي فتاة تتعرض للتوبيخ والشتم والانذار .
وفي هذا الصدد تحكي مصادر الأنباء بوست ، أن واحدة منهن ، ونظرا لالتزامات عائلية اجبرتها على عدم المجيء في يوم من الأيام ، لتتفاجأ بإنذار شفوي من طرف مسؤول عن المركز ، قائلا لها ، إن تم تكرار عدم الحضور يوم الجمعة المقبل فإنها ستتعرض للطرد ، وتضيف المصادر ذاتها ، أن هذه الفتاة لها أقدمية ضمن الفريق الموجود حاليا ، ابتدأت منذ شهر فبراير ، ورغم ذلك فإنها بكلمة واحدة يمكن أن تطرد وبدون اي تعويض ، لا لشيء ، وحدها المزاجية المقيتة للمسؤول عن هذا الاستغلال ، الذي من المفروض فيه هو من يقول للمسؤول الاكبر منه اداريا ان يجب تخصيص تعويض للفتيات التابعات للهلال الاحمر نظير ما يقدمنه من مجهودات .
مصادر الأنباء بوست تحكي على أن جميع الفتيات يصرفن من جيوب آبائهن او إخوانهن او اخواتهن من أجل القيام بهذه المهمة ، اعتقادا منهن أنه سيأتي وقت ليتم تسوية وضعيتهن وتعويضهن ماديا ، لأن اغلبهن من العوائل الفقيرة ، لكن الانتظار طال ، ولا أحد يحس بهن ، في المقابل هناك من يوجد في المركز و يتقاضى أجرته الشهرية وهو في راحة لأنه محسوب عن وزارة الصحة ، فيما الفتيات يقدمن جهودا وتضحيات وطنية جسيمة لا تقدر بثمن ، والأكثر من ذلك عندما تقديم أي حصيلة ، سيقولون بأن العملية التنظيمية تم انجاحها ، لكن لا احد سيجرؤ على القول ، بكيف نجحت ومن أنجحها ومقابل ماذا ؟ وبالتالي فإننا نستنتج أن هناك من يقدم مجهودات من أجل الوطن بدون مقابل ،وأن هناك من يأتي لالتقاط الصور على أنه خدم الوطن ويتلقى مقابل ، وهذه مفارقة عجيبة وغريبة .
ونظرا لأعباء الحياة القاسية والطموح إلى تحقيق الحلم بالاندماج بالقطاع الصحي ، تنتظر الفتيات تسوية وضعيتهن وتخصيص تعويض لهن ، كتحفيز وتشجيع على ما يقومون به من مجهودات سامية ، ومن الأكيد أنها وطنية ، والتطوع يكون يوما او نصف يوم في الشهر وليس طيلة أيام الأسبوع ، فهل يعقل أن شخصا سيتطوع وهو لا يجد قوت يومه ؟ المرجو استخدام المنطق في هذا الباب .
الغريب في الامر ان المركز استطاع توفير وجبات غدائية ولم يستطع توفير أي تعويض ، وهذا يجعلنا نفسر هذا الامر بأن هناك صفقة ما ، مع صانع الوجبات قصد تمرير ما يتم تمريره تحت الطاولة (…) فلماذا مثلا لا يتم إلغاء هذه الوجبات “الباسلة ” حسب رأي الاغلبية ممن تحدثوا مع الأنباء بوست ، وتحويل مقابلها الى تعويض للفتيات المحسوبات عن الهلال الأحمر او إلحاقهن بخدمة الإنعاش الوطني ؟ سؤال معلق يبحث عن تجاوب على أرض الواقع وليس مجرد وعود كاذبة …
تعليق واحد