الأنباء بوست / حسن المولوع
عندما أثير النقاش في ماي الماضي من السنة الجارية حول مشروع القانون رقم 22.20 المتعلق باستعمال شبكات التواصل الاجتماعي وشبكات البث المفتوح والشبكات المماثلة ، انتفض غالبية رواد مواقع التواصل الإجتماعي ، معتبرين أو واصفين إياه بـ “قانون تكميم الأفواه” ، والغالبية عبرت عن قلقها من تأثيره على حرية الرأي والتعبير .
وفي خضم الجدل الواسع وردود الأفعال المتشنجة التي صاحبت هذا النقاش ، تم اتخاذ قرار إيقاف مسطرة المصادقة على مشروع القانون المذكور حتى تمر الجائحة، وإعادة النظر فيه عن طريق لجنة تقنية ثم وزارية، انطلاقا من الملاحظات التي أثيرت حوله من قبل القطاعات الحكومية .
اليوم ، وفي سياق التسيب الحاصل على مواقع التواصل الإجتماعي وبخاصة على اليوتيوب ، لم يعد من الممكن أن يبقى مشروع القانون السالف الذكر حبيس الرفوف ، بل أصبح من الضروري إعادة النظر فيه والمصادقة عليه من أجل العمل به ، ليس من أجل تكميم الأفواه بل من أجل ضبط بعض الأفواه التي أضحت تطلع صباح مساء على قنوات اليوتيوب متخذة من السب والقذف والتشهير وسيلة للإسترزاق .
لم يكن ذلك واضحا بجلاء إلا بعد بروز قضية ما بات يعرف إعلاميا ب”حمزة مون بيبي ” ، إذ وبسبب هذه القضية اكتشفنا ميليشيات اليوتيوب التي باتت تشكل خطرا حقيقيا ، وصار الوضع خارج السيطرة ، وأضحينا نرى هذا يتهم ذاك ، والآخر يسب ويقذف ذلك ، والخوف كل الخوف من أن ينتقل هذا العنف والعنف المضاد إلى الواقع ، ونصبح أمام ظاهرة جديدة خلقها اليوتيوب .
المشكل أن هؤلاء اليوتيوبرز لم يعد أي أحد منهم يميز بين حرية التعبير وبين افعال “البعير” ، فأضحى اليوتيوب يشهد حرب عصابات افتراضية قد تنتقل إلى الواقع ونشهد ما لا تحمد عقباه ، صار الغالبية منهم يسبون ويقذفون ويشهرون بالأشخاص دون أدنى احترام للأخلاق ، وصار من يظهر على قناته اليوتيوبية وكأنه يملك الحقيقة المطلقة، ويفرضها على من يخالفه وكل من خالفه يتعرض لوابل من السب والقذف ، ووصل الأمر إلى توجيه الاتهامات لبعض المسؤولين بالدولة بدون دليل ، واصبح المساس بسمعة المؤسسات شيئا عاديا عندهم ، والأخطر من ذلك ، أن ميليشية يوتيوبية أصبحت تتهم ميليشية أخرى إما بخيانة الوطن أو الإنفصال او الاشتغال لحساب أجندة معينة ، فيما الأخرى تنصب نفسها بأنها هي المدافعة عن الوطن ومؤسساته ورموزه وهي وحدها التي تتحلى بروح الوطنية الصادقة ، والغريب أنه وفي إطار ذلك، تسارع ميليشية بتقديم شكاية ضد أخرى ، لنصبح أمام ظاهرة جديدة ربما تستدعي خلق نيابة عامة أخرى ، النيابة العامة اليوتيوب ويتم توظيف جهاز أمني خاص بهم لأننا انتهينا من كل شيء وقمنا بحل جميع مشاكلنا وستتفرغ الدولة لخزعبلات هؤلاء وتصابيهم الذي أساء لأنفسهم اولا ولصورة البلاد ثانيا (…).
إن هذا التسيب وهذا العبث ، حان الوقت لوقفه ، ولست من الذين ينادون باعتقال هذا او ذاك ، ولكن انا مع سن قانون يضبط العالم الافتراضي ويليه التوعية والتحسيس وبعدها تفعيل آليات الزجر والعقاب، ولا شك أن هذا هو الوقت المناسب من أجل فتح نقاش بخصوص مشروع القانون رقم 22.20 الذي أثار الجدل ، فتح النقاش فيه أمر تستدعيه الظرفية شريطة أن يشارك فيه الجميع بإبداء الرأي والملاحظات بخصوصه .
وأستغل الفرصة لتوجيه ندائي لكل اليوتيوبيين وبخاصة الذين يتحدثون في قضية حمزة مون بيبي لأنها هي القضية التي افاضت الكأس ، وأقول لهم عليكم بمراجعة أوراقكم فأنتم تتحدثون عن حساب مارس التشهير والسب والقذف في حق أشخاص، لكنكم من دون أن تدروا فإنكم انتم أنفسمم تقومون الآن بما قام به ذلك الحساب ، لذلك سيكون من الأفضل لو تم الاهتمام بقضايا أخرى ، فليس حمزة مون بيبي هو المشاكل الاجتماعية التي تعيشها البلاد بل هو فقط نقطة صغيرة في بحر المشاكل ، وسواء دخلت باطمة للسجن او بقيت خارجه فإن ذلك لن يغير من الواقع شيئا، ولن يجعل منا دولة متقدمة ، فباطما وجماعتها لهم عالمهم الضبابي ونحن لنا عالمنا ، وللمزيد من التوضيح في هذا الباب أدعوكم لقراءة الموضوع في الرابط الذي يلي ، كنا قد نشرناه في وقت سابق .
حمزة مون بيبي بين عالم ضبابي متصارع وبين واقع معاش ..ماذا سيستفيد الرأي العام ؟
شارك هذا المحتوى
أصلا اليوتوب لم يعد موقعا حياديا و حان الوقت لاستبداله بمنصة اكثر حيادبة و رصانة. ننتظر البديل بكل صبر.