
الأنباء بوست / حسن المولوع
سيدي الفاضل الدكتور محمد عبد النبوي
الرئيس الأول لمحكمة النقض والرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية
تحية طيبة وبعد
اسمحوا لي أن أكاتبكم بكل احترام وأرجو الا تتساءلوا عن هدفي من وراء كتابتي فلن يغيب عن ذكائكم وفطنتكم ، فقد لاحظت أن القانون في عهدكم يصلب ويجلد ، حتى صار ميتا وتحول الى جثة هامدة يجري التمثيل بها من طرف بعض العناصر الموجودة بالمجلس الوطني للصحافة المنتهية ولايته (اللجنة المؤقتة لتسيير قطاع الصحافة والنشر ) .
يجري كل هذا أمام أنظار القاضي المحترم الذي عينتموه داخل هذا المجلس ، والذي يفترض فيه حماية القانون ، وعدم السماح لمن لا يفقهون حديثا بأن يخرقوه ويتعسفوا بخرقه على غير ، وإن خرقوه أو تعسفوا كان لهم ناصحا وردهم إلى جادة الصواب، ذلك أن هؤلاء صاروا يخلقون البدع في القانون ، وانت تعلم سيدي الفاضل أن كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار كما يقول فقهاؤنا ، او كما تقولون أنتم فقهاء القانون ” لا اجتهاد مع وجود النص ” ، وللأسف صرنا نلاحظ أن بعض عناصر المجلس الوطني للصحافة المنتهية ولايته ( اللجنة المؤقتة لتسيير قطاع الصحافة والنشر ) ، يطبقون القاعدة المغربية ” قال له تتعرف العلم ، قال له تنعرف نزيد فيه ” ، وهذه القاعدة جعلتهم يبتدعون ” فِرية ” اسمها ” نظام خاص بتنظيم الولوج إلى ممارسة مهنة الصحافة ” (يمكنم الاطلاع عليه على الموقع الرسمي الخاص بالمجلس الوطني للصحافة )
وهنا أود سؤالكم سيدي الفاضل باعتباركم رجل قانون محنك مشهود له له بالكفاءة والدفاع عن الحقوق ، هل المملكة المغربية دولة مؤسسات قائمة بالقوانين الملزمة لأي كان أم هي دولة الأهواء الشخصية التي تقوم على مبدأ كل واحد يحكم على هواه وبما يراه مناسبا من وجهة نظره الخاصة والضيقة ، ويشرع قوانين تسير على هواه ؟
هل يمكن سيدي الفاضل للجنة مؤقتة أن تقوم بالتشريع بدلا عن البرلمان وتقوم بإلغاء القانون المنظم للمهنة و الذي نشر بالجريدة الرسمية منذ العام 2016 ولم يطرأ عليه أي تعديل الى حدود الآن؟ وهل يمكن للجنة مؤقتة أن تحل محل المؤسسات الرسمية في البلاد ( النيابة العامة ، الضمان الاجتماعي ، مديرية الضرائب ، وزارة الداخلية /المخابرات على اعتبار أن هذه اللجنة أعطت الحق لنفسها بجمع معطيات خاصة عن الصحافيين والصحافيات والتي يجب أن تكون فقط في علم المؤسسات الرسمية في البلاد وليس لجنة مؤقتة عبارة عن جمعية وليست مؤسسة دستورية ذكرها الدستور بشكل واضح ) ؟
سيدي الفاضل الدكتور محمد عبد النبوي
إن تلك اللجنة المذكورة تضم عناصر لفظهم الزمن المهني، وأساؤوا للعمل النقابي في البلاد وفشلوا في تنظيم القطاع طيلة سنوات ، وطيلة مدة ولاية المجلس الوطني للصحافة المنتهية ولايته طبقا للقانون ، ونحن نعتبرهم هم الذين خلقوا العبث بالمهنة وصاروا الآن يتابكون ويدعون أنهم هم الذين سيقومون بالتنظيم ، ونصبوا أنفسهم أوصياء على القطاع ضدا في إرادتنا نحن الصحافيين ، وشعارهم كن معي ، واذا لم تكن معي فأنت ضدي وبالتالي سأضايقك وأمتنع عن منحك حقك المشروع لتدخل في عداد منتحلي الصفة …
أيعقل هذا سيدي الفاضل ؟ ألا يعتبر استغلالا للسلطة حينما يتم التحكم في منصة خاصة بطلبات تجديد البطاقة المهنية ويتم حذف أسماء صحف بطريقة انتقامية ، وبطرق ابتزازية يطالبون مدراء نشرها ببيانتهم الخاصة عبر بريد إلكتروني لشخص جرى توظيفه بطريقة لا نعلم تفاصيلها ، علما أن تلك الصحف خاضعة لمقتضيات القانون الجاري به العمل وحاصلة على تصريح بالملاءمة، ومدراء نشرها يحصلون على بطائقهم المهنية لسنوات طبقا للقانون الذي لم يطرأ عليه أي تعديل منذ العام 2016 ؟ فكيف يعقل أنه وفي كل سنة يتم ابتداع شروط جديدة مبالغ فيها ، الهدف منها التضييق وليس التنظيم ؟ وكيف يعقل أن تضع مؤسسة إعلامية تصريحا بالملاءمة ومع ذلك هذه اللجنة تطالب مدراء النشر بوضع وثائق وبيانات هي في الأصل موجودة لدى النيابات العامة المختصة الموجودة بمختلف ربوع المملكة ، وان تلك الوثائق لو لم تكن ، ما قامت النيابة العامة بالتصريح بإصدار الصحف المعنية ؟ فماذا يريد هؤلاء بالضبط ؟ وما هي الرسالة المشفرة التي يودون إرسالها لوكلاء الملك ؟
سيدي الفاضل
الا يعتبر هذا تشكيكا في نزاهة وكلاء الملك تقوم به تلك اللجنة المؤقتة التي تريد ان تحل محل النيابة العامة المؤهلة لذلك عبر آلياتها ؟ فعندما لا يتم الاعتراف بتصاريح اصدار الصحف من طرف النيابة العامة ، فهذا في نظرنا يعد تشكيكا واهانة لمؤسسة دستورية ، إضافة الى ان تلك الوثائق التي تتم المطالبة بها فهي توجد أيضا بأرشيف الوزارة المكلفة بقطاع الاتصال ، فلماذا إذن يطالبون بها من جديد ؟ وما الغاية من ذلك ؟ ومن حق أي كان أن يتساءل خصوصا وأن اللجنة المؤقتة لتسيير قطاع الصحافة والنشر ليست بمؤسسة دستورية ، ومن حق أي صحافي ان يخشى على بياناته الخاصة لأن أعضاء اللجنة المؤقتة و المستخدمين بها ، هم ليسوا بمحلفين ، ولا يسري عليهم قانون الوظيفة العمومية حتى يشعر الصحافيون والصحافيات بالأمان على معطياتهم الخاصة ، وبالتالي فإنه لا يجوز في هذه الحالة أن تجمع هذه اللجنة البيانات الخاصة للصحافيين خاصة في ما يتعلق برواتبهم لأن الراتب هو شأن خاص وتعاقد بين الأجير وبين المشغل (…)
سيدي الفاضل الدكتور محمد عبد النبوي
كثيرون هم من سيتساءلون عند قراءتهم لهاته الرسالة المفتوحة الموجهة إليكم ، ويقولون ما علاقة الرئيس الأول لمحكمة النقض ، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية بمؤسسة التنظيم الذاتي لمهنة الصحافة التي تسمى بالمجلس الوطني للصحافة ؟
ويقولون أيضا كان من المفترض أن أتوجه برسالتي إلى الوزير المسؤول على قطاع الاتصال أو إلى أعضاء البرلمان
وانا أقول لهم ، هل سأخاطب وزيرا تواطأ مع هؤلاء لمحاربة أصحاب المقاولات الصغرى وأعطى الضوء الأخضر للباطرونا وساعدهم على خلق بدعة تسمى اللجنة المؤقتة لتسيير قطاع الصحافة والنشر بدلا من اجراء الانتخابات؟ أم أخاطب أعضاء البرلمان الذين أغلبهم لا يفقهون في مهنتنا شيئا ويصوتون على مشاريع قوانين امتثالا للقرار الحزبي خوفا على مصالحهم ؟
إنني أتوجه اليكم سيدي محمد عبد النبوي بصفتك مواطنا يريد أن يرى صحافة قوية تصنع الراي العام وتساهم في البناء الديمقراطي للبلاد ، صحافة تخبر وتساهم في نشر الثقافة و الوعي ، وليس صحافة ريعية تجارية أو صحافة فضائحية مائعة …
أتوجه إليكم أيضا بصفتكم فقيها في القانون ومعينا من طرف جلالة الملك على رأس المجلس الأعلى للسلطة القضائية يسهر على حماية القانون
واتوجة إليكم أيضا بصفتكم المسؤول عن تعيين قاض باللجنة المؤقتة لتسيير قطاع الصحافة والنشر والذي من المفترض فيه أن يحمي القانون ويمنع أي تعسف على بعض الصحافيين والصحافيات ، ويصد كل تجاوز للسلطة وتدخل في اختصاصات مؤسسات دستورية أخرى كما سبق وأشرت إليه آنفا ، وللإشارة فأنا لا أحمل أي مسؤولية للسيد القاضي ولا أنتقده ، ولكن اعاتبه على الصمت ، وهذا عتاب الابن او الأخ أو المواطن الصالح العاشق الولهان في مهنته فليختر السيد القاضي ما يشاء منها ، ومن الاكيد أنه يعرفني ويقرأ كتاباتي
سيدي الدكتور محمد عبد النبوي
كما تعلم ويعلم الجميع أن مدونة الصحافة والنشر التي صادق عليها البرلمان بغرفتيه في العام 2016 وتم نشرها بالجريدة الرسمية هي نفسها التي نشتغل بها إلى حدود كتابة هاته السطور ولم يطرأ عليها أي تعديل من طرف المشرع المغربي ، لكن نلاحظ أنه وفي كل سنة تقوم لجنة منح البطاقة المهنية بابتكار شروط جديدة لمنحها ، تلك الشروط في مجملها مبالغ فيها و تعجيزية، وفي جوهرها محاربة بعض الصحافيين والصحافيات هذا إن لم نقل فيها تصفية الحسابات مع الأشخاص المنتقدين للأوضاع المهنية والتنظيمية للمجلس الوطني للصحافة المنتهية ولايته ، بدليل أن بعض الصحف تم حذفها من المنصة الخاصة بطلبات تجديد بطاقة الصحافة المهنية بغية مضايقة بعض مدراء نشرها على الرغم من أن تلك الصحف خاضعة لمقتضيات القانون الجاري به العمل وحاصلة على تصريح بالملاءمة من طرف النيابة العامة المختصة، ولكم أن تتأكدوا من ذلك سيدي الفاضل بطرقكم الخاصة لتقفوا على حقيقة الوضع …
سيدي الرئيس الأول لمحكمة النقض والرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسطة القضائية
إن لجنة منح البطاقة المهنية ، تهين المؤسسات الرسمية في البلاد من نيابات عامة مختصة على صعيد محاكم المملكة المغربية ، وتهين مؤسسة الضمان الاجتماعي ، وتهين المديرية العامة للضرائب ، وذلك حين يتم إجبار مدراء النشر بالإدلاء بالوثائق المتعلقة بمدير النشر التي سبق وأن أدلى بها للنيابة العامة المختصة والتي منحت التصريح بإصدار الجريدة ، فرغم وضع هذا التصريح لدى اللجنة المذكورة فإنهم لا يعترفون به ، وبالتالي فهم يشككون في نزاهة تلك النيابة العامة التي أصدرت التصريح ويريدون أن يقوموا مقامها، وهذا يعد إهانة في حق المؤسسة ، علما أن مؤسسة التنظيم الذاتي دورها مقتصر على منح البطاقة المهنية وفق الكيفيات المحددة بمرسوم صادر عن السلطة الحكومية مع إلزام الصحافيين والصحافيات على احترام ميثاق اخلاقيات المهنة وليس جمع البيانات لان هذه الأخيرة هي دور المؤسسات الدستورية الرسمية وهي الوحيدة المؤهلة لذلك ، ومعلوم سيدي الفاضل أن الارشيف يوجد لدى الوزارة الوصية على القطاع بالنسبة للمواقع الالكترونية التي أنشئت قبل احداث المجلس الوطني للصحافة ، ويوجد أيضا لدى النيابات العامة المختصة ، فماذا تريد هذه اللجنة المؤقتة بالبيانات الخاصة بالصحافيين ؟
ولدى اطلاعكم سيدي الفاضل على ذلك النظام الخاص الذي ابتدعته تلك اللجنة ستلاحظون أنها تجاوزت حدود صلاحياتها وأصبحت تحل محل مفتش الشغل الذي من بين ادواره هو مراقبة أرباب كل المؤسسات في ما يتعلق احترامهم لمدونة الشغل ، كما انها أضحت تحل محل مديرية الضرائب وهي الوحيدة المخول لها مراقبة ما اذا كانت المؤسسة تؤدي ضرائبها بشكل منتظم ، وان كان العكس فهناك جزاءات تطبقها على المؤسسة ولا علاقة للجنة المؤقتة بهذه الأمور ، ومنطقيا ليست هناك أي علاقة بين البطاقة المهنية ومدونة الشغل
وفي هذا السياق اود ان أسائلكم سيدي الفاضل ، ما علاقة البطاقة المهنية التي تختص بها مؤسسة التنظيم الذاتي للمهنة بالضمان الاجتماعي وبمديرية الضرائب ؟ هل هذه اللجنة تم تفويضها لتحصيل الضرائب وواجبات الضمان الاجتماعي ؟ هل أداء واجبات الضمان الاجتماعي والضرائب هو معيار من معايير كفاءة ومهنية الصحافي أم احترامه لأخلاقيات المهنة هو المعيار ؟ وما هو السند القانوني وفق القانون رقم 89.13 المتعلق بالنظام الأساسي للصحافيين المهنيين ووفق القانون رقم 88.13 المتعلق بالصحافة والنشر خاصة في مادته 16 بالنسبة لمدراء النشر
أدع لكم الجواب المنطقي والقانوني سيدي الفاضل
سيدي الفاضل الدكتور محمد عبد النبوي
لقد أصبحت مهنة الصحافة رهينة بعض العناصر التي هدفها الأسمى قضاء المصالح الشخصية والاستمرار في الكرسي عن طريق فرض الوصاية على قطاع الصحافة والنشر ، واستغلال لجنة بطاقة الصحافة لتركيع الصحافيين واجبارهم على تقديم فروض الولاء والطاعة ، ومن يخالف التوجه فإن مصيره عدم الحصول على البطاقة المهنية ، وفي هذه الحالة فإن الصحافي ليس متفرغا للذهاب الى المحكمة الإدارية وأداء اتعاب المفوض القضائي والمحامي ، وهذه هي النقطة التي يستغلها رئيس لجنة منح البطاقة اعتقادا منه أنه اقوى من الدولة وقانونها ورجالاتها ، وما يقع حاليا لم يقع حتى في عهد أعتى وزير للداخلية اسمه إدريس البصري
سيدي الفاضل الدكتور محمد عبد النبوي
كان على السيد القاضي الذي عينتموه أن يتدخل ويمنع هذا التعسف الحاصل باعتباره رجل قانون واهل للحكمة ، ذلك أن من يترأس تلك اللجنة يستعمل ميزاجيته في تسييرها والتواطؤ مع جمعية من الجمعيات التي تضم الباطرونا للنيل من المقاولات الصغرى واقبارها حتى لا تستفيد من الدعم الذي تقدمه الدولة ، وأيضا لتصفية حساباته مع فدرالية الناشرين ، زيادة على ذلك من أجل التحكم في الخارطة الانتخابية لاخراج مجلس وطني للصحافة بالعناصر ذاتها التي تريد فرض وصايتها على القطاع ، وكل ذلك يسير في اتجاه الإساءة لصورة البلاد وقانونها
سيدي الفاضل الدكتور محمد عبد النبوي
الرئيس الأول لمحكمة النقض ، الرئيس المتدب للمجلس الأعلى للسطة القضائية
إن تدخلكم العاجل لوقف هذه المهزلة أصبح أمرا ضروريا ، حماية للصحافة الحرة والمستقلة ، وحماية للقانون الذي انتم مؤتمنون على حمايته ، وما هذه السطور الا فيض من غيض ، ولعلكم من المتابعين لما يقع منذ تأسيس المجلس الوطني للصحافة الى حين انتهاء ولايته والى غاية تأسيس تلك اللجنة المؤقتة لتسيير قطاع الصحافة والنشر
لكم سيدي من الصلاحيات ما يكفي للتدخل ، فليس هناك من هو فوق القانون ، فهذه دولة المؤسسات محكومة بالقانون ، وليست دولة ” اللي بغا يدير شي حاجة يديرها ” ، كان على تلك العناصر ان تخجل من نفسها حين أصبحت صحيفة جون أفريك تخبرنا بما يقع داخل بلادنا ، علما ان لنا القدرة على القيام بذلك لأن لدينا من الكفاءة ما يكفي للقيام بذلك ، لكن ونتيجة للمضايقات التي ابتدعها هؤلاء الاوصياء قسرا على القطاع فإننا نراقب الوضع من بعيد ونحن مكتوفي الايدي ، ففي ظل تلك المضايقات واقبار الصحافة الحقيقية والتمكين لصحافة الفضائح فقد نبتت قنوات يوتيوبية كالفطر تقوم بدور التشهير برموز الدولة في غياب تام للصحافة الحقيقية، وكل هذا صار موجودا في عهد المجلس الوطني للصحافة الذي فشل في تنظيم القطاع وما زال مستمرا في الفشل بشهادة الغالبية العظمى .

شارك هذا المحتوى