
الأنباء بوست/ حسن المولوع
مع تقلد فؤاد عارف منصب المدير العام لوكالة المغرب العربي للأنباء خلفًا للراحل خليل الهاشمي الإدريسي، دخلت الوكالة مرحلة تراجع غير مسبوقة على كافة المستويات. فالمؤسسة التي كانت في عهد الهاشمي نموذجًا للريادة الإعلامية والثقافية، أصبحت اليوم تواجه غيابًا للرؤية الواضحة وتسيبًا إداريًا، مما أضعف مكانتها وأدى إلى إهدار إرثها.
أحد أبرز مظاهر هذا التراجع هو عدم الإعلان عن الهيكل التنظيمي للوكالة حتى الآن، في خطوة تعكس حالة الارتباك التي تطبع تسيير المؤسسة. إذ يبدو أن هذا المنصب أكبر من مؤهلات فؤاد عارف، الذي أخفق في مواكبة التطورات التي يشهدها مجال الإعلام في ظل الذكاء الاصطناعي، ما جعل الوكالة تفقد ريادتها وتتحول إلى مؤسسة متأخرة عن الركب.
إذاعة ريم راديو التابعة للوكالة تمثل أبرز نموذج على التسيب الذي ساد في عهد عارف. فرئيس القسم المسؤول عنها أثار جدلًا واسعًا بسبب تفاهاته المتكررة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث كان ينشر باستمرار منشورات صبيانية في إطار تصفية حساباته وضغائنه النفسية. تلك المنشورات تعكس ضعف مستواه المهني والثقافي وانعدام نضجه، وحاول لاحقًا حذفها في خطوة متأخرة لن تمحو الضرر الذي لحق بسمعته.
هذا المسؤول لم يقتصر على نشر التفاهات، بل تورط في استقدام صديقاته ومعارفه من أبناء بلدته إلى الإذاعة، معتمدًا على منطق الريع والمحسوبية على حساب الكفاءات الحقيقية، بحسب ما أشارت إليه إحدى الصحف الإلكترونية. كما أضافت الصحيفة أنه استعان بأفراد من مدارس خاصة في غياب تام لمنطق الكفاءة والشفافية، بينما فضل إقصاء الصحافيين المتميزين عبر خلق الدسائس لهم حسدًا من نفسه، في ممارسات تعكس غياب النزاهة والحس بالمسؤولية.
رئيس القسم المذكور بات محور الصراعات الداخلية داخل الوكالة، حيث خلق أجواء من الاحتقان بين الصحافيين. فغالبية الصحافيين والصحافيات يجمعون على أن سلوكه تسبب في أزمات متكررة داخل الوكالة رغم قناع البراءة الذي يضعه على وجهه ليخفي حقيقته. تمامًا كما حدث معه في محطتين إذاعيتين سابقتين فشل فيهما. ولأنه مجبول على هذه السلوكيات، فقد قام بتكرار نفس الفشل مع ريم راديو، دون أي إنجاز يُذكر لهذا المشروع.
ومما يزيد من جدل هذا المسؤول هو أنه أضحى يتمسح ويتودد لبعض مستشاري فؤاد عارف حتى لا يتم إنهاء عقد عمله، مستغلًا العاطفة لإثارة الشفقة ومدعيًا أنه مثقل بالقروض البنكية ومسؤول عن أطفال. وكأن من تسبب لهم في وقف عقود عملهم أو خلق لهم الدسائس ليست لديهم مسؤوليات عائلية. وهنا يُطرح السؤال: إذا كان لهذه الوكالة دور خيري فلتعلن ذلك، وإن كانت تعتمد على الكفاءة، فلماذا يخشى هذا المسؤول إنهاء عقده؟ ألم يدّعِ ذات يوم أن أي مؤسسة إعلامية في المغرب ستستقبله فورًا؟ فلنتركه الآن لنرى “مؤهلاته” الحقيقية!
مديرية وسائل الإعلام، التي تنتمي إليها ريم راديو، تُعتبر بؤرة لإهدار المال العام دون تحقيق نتائج ملموسة. فالأموال التي تُصرف على هذه المديرية لا تعود بالنفع على المؤسسة، مما يثير مطالب ملحة بتدخل المجلس الأعلى للحسابات لافتحاص مالية المديرية والوكالة ككل، خصوصًا خلال الفترة التي سبقت وفاة الراحل خليل الهاشمي الإدريسي، وبالضبط أثناء مرضه.
الأمر الأكثر إثارة للقلق هو صمت فؤاد عارف إزاء هذه الاختلالات. فلم يحرك ساكنًا لفتح تحقيق إداري في قضايا مثيرة للجدل، مثل المنصة المخصصة للصحافيين العاملين بالقطعة أو الحلقات التي أشر عليها رئيس القسم. فهذا الصمت يعكس غياب إرادة حقيقية للإصلاح أو للمساءلة، ما يضع مستقبل الوكالة على المحك.
وكالة المغرب العربي للأنباء، التي كانت رمزًا للتميز الإعلامي، تعيش اليوم مرحلة قاتمة بسبب غياب القيادة الحازمة والكفاءات الحقيقية. وإنقاذها يتطلب اتخاذ خطوات جادة لمحاسبة المسؤولين الفاشلين، وإعادة هيكلة المؤسسة على أسس المهنية والشفافية، حفاظًا على مكانتها وضمان عودتها إلى مسارها الصحيح.

شارك هذا المحتوى