لماذا استهداف عبد اللطيف الحموشي بشراسة ؟ ومن المستفيد ؟
الأنباء بوست / حسن المولوع
بلغ استهداف عبد اللطيف الحموشي ، المدير العام للأمن الوطني ومدير المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني ، مداه او ذروته ، مباشرة عقب الاعلان عن تفكيك خلية إرهابية بشكل متزامن بمدن طنجة وتيفلت وتمارة والصخيرات، من طرف المكتب المركزي للابحاث القضائية التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني ، وهي خلية تم تفكيكها “على ضوء معلومات استخباراتية دقيقة تابعة لما يسمى بتنظيم “الدولة الإسلامية ” ، وقد تم إحباط مخططاتها التي كانت وشيكة وبالغة التعقيد ولها ارتباطات في عدة مدن مغربية ” حسب ما ذكره نص بلاغ المكتب المركزي حينها .
ما ميز هذه العملية الأمنية هو أنها تمت بحضور عبد اللطيف الحموشي بلباسه المدني أثناء تفكيك خلية تمارة التي حاول المشتبه فيه الموقوف تفجير نفسه باستعمال قنينة الغاز من الحجم الكبير ، فحضور الحموشي أمام عدسات الكاميرات كانت فيه رسالة مشفرة و قوية لجميع الخلايا الإرهابية وللتنظيم الذي يسمي نفسه ب”الدولة الإسلامية “، بأن المغرب قوي بمعلوماته ويحبط جميع المخططات الإرهابية ، وأن المدير العام للأمن الوطني ومدير مديرية مراقبة التراب الوطني ليس فقط رجل يدير هذين الجهازين من مكتبه باعتباره خبيرا في الحركات الإسلامية ، بل هو ايضا رجل ميدان ويخرج له دون الحاجة إلى حرس خاص يحرسه او إلى لباس خاص يلبسه ، وكأنه يقول للتنظيم الارهابي ، أنت ضعيف جدا ، وقوتي وانتصاري عليك بمعلوماتي لأن القوة لا تكون إلا بالمعلومة والخطة المدروسة ، وانت يا أيها التنظيم كبير اعلاميا فقط، أما الواقع فأنت ضعيف …
ومن هذا المنطلق نعتقد أن الظهور الاعلامي لعبد اللطيف الحموشي ، سار على هذا النحو ، على اعتبار أن المعركة ضد الارهاب ترتدي بعدا اعلاميا، و لمواجهة كابوسه وفظاعته ، لا بد عزل الظاهرة اولا ، وتبخيسها عن طريق ثورة التواصل التكنولوجي وإظهار الخلايا الإرهابية أنها أوهن من بيت العنكبوت ..
ومن أجل أن نفهم أكثر ونجيب عن سؤال “لماذا الاستهداف الاعلامي بشراسة على عبد اللطيف الحموشي ؟” لا بد من الرجوع للأحداث 16 ماي الإرهابية التي ضربت المغرب سنة 2003 ، والبحث عن خلفياتها وأسبابها ، وفي هذا الصدد يشير الكتاب الأبيض عن الارهاب في المغرب إلى أنه ” تم تنفيذ الهجمات الإرهابية في السادس عشر من ماي 2003 في الدار البيضاء ، كرد على تفكيك المغرب لخلية نائمة لتنظيم القاعدة ، كانت تخطط لتنفيذ هجمات ضد أساطيل حلف الشمال الأطلسي التي تعبر مضيق جبل طارق ، عرض البحر الأبيض المتوسط ” والملفت للنظر “أن هجمات الدار البيضاء الإرهابية نفذت عاما بعد تفكيك تلك الخلية في ماي 2002 ”
ولأن المغرب ومنذ ذلك التاريخ انتهج خطة أمنية أستباقية مكنت من إحباط عدد من العمليات الإرهابية بدقة وإحكام ، سواء داخل التراب المغربي او خارجه عبر مساعدة دول أخرى ، فإن التنظيمات الإرهابية التي تسعى إلى ترويع المواطنين وزرع بذور الفتن والاضطرابات ومحاولة إجهاض المسار الديمقراطي ، تحاول جاهدة للرد عليه ، تماما كما حدث في 16 ماي ، لكن ردها أصبح اعلاميا عبر ضرب النواة الصلبة للبلاد وتسفيه وتبخيس الرأس الأول للمؤسسة الأمنية ، المتمثلة في عبد اللطيف الحموشي ، فالدولة الحاضنة للإرهابيين كألمانيا وفرنسا التي خرج منها ارهابيون انتقلوا إلى سوريا (منطقة التوثر ) لا ترغبان في الظهور بالصورة ولا تريدان التورط في أي عملية تخريبية، لتحرض أناسا من بني الجلدة لخوض حرب بالوكالة واستعمالهم كأدوات للابتزاز ..
لقد رأينا كيف خرج بشكل متزامن كل من المسمى محمد حجيب المتأثر بأسامة بن لادن ، وزكريا المومني ، وفريد بوكاس ، ووهيبة خرشش ، هؤلاء كلهم خرجوا بشكل شرس بفترات متابعدة من حيث الزمان بعد تفكيك الخلية الإرهابية السالفة الذكر وتزداد الشراسة كلما تم تفكيك خلية إرهابية أخرى ، ليظهر أن هؤلاء لهم هدف واحد وهو تصوير عبد اللطيف الحموشي بأبشع صورة ، حتى يثور الشعب ضده ، وهذا أسلوب قديم / جديد في الحروب غير المباشرة التي تخوضها أطراف بالنيابة عبر الاستعانة بأبواق الدعاية المختلفة ، ومن هنا نفهم بأن ما يقع حولنا ما هو الا رد من طرف التنظيمات الإرهابية بواسطة تحريض خصوم من أبناء الوطن أو أعداء من رعايا دول أجنبية، وكما هو معلوم أن الإرهاب ما هو الا صراع شركات عالمية كبرى ، فالدول العظمى تستعمل الجماعات الإرهابية بل وتصنعها لخوض الحروب ضد الأنظمة عن طريق عمليات إرهابية (…) .
وبعدما تم استعمال كل من حجيب وبوكاس والمومني وخرشش ، في الهجوم عبر اليوتيوب عن عبد اللطيف الحموشي ، طفت على السطح حكاية بيغاسوس التي تدخل ضمن الحرب الإستخباراتية ، ليظهر أن هذه الحكاية جاءت مباشرة بعد المعلومات الدقيقة التي كشفت تورط اسبانيا عند احتضانها المجرم بنبطوش ، وتلك المعلومات كشفتها الادارة العامة للدراسات والمستندات التي يديرها محمد ياسين المنصوري والمعروفة اختصارا ب “لادجيد” ، لتتورط اسبانيا وتسوء علاقتها بالمغرب وتنهزم الجزائر التي تسعى بكل ما أوتيت من اموال الغاز للرد على المغرب ، ولأنها دولة ضعيفة لا تستطيع الرد فقد عمدت إلى خلق دعاية بيغاسوس ومنحت لقناة فرانس 24 الأموال من أجل ترويج الدعاية وتوريط المغرب بدون حجة أو دليل ، وهذا الترويج فيه ابتزاز للمغرب من طرف فرنسا الإستعمارية التي تستغل عداء الجزائر للمغرب من أجل الاستمرار في هيمنتها على إفريقيا ، قبل أن تكتشف بأن البساط سحب من تحتها بعد توقيع الاتفاق الثلاثي بين أمريكا وإسرائيل والمغرب .
ومن هنا نستنتج أن هذا الاستهداف يدخل في إطار صراعات المصالح والنفوذ عبر النيل من رموز الدولة ، لذلك ونظرا لما حققه المغرب عبر الخطة الأمنية الإستباقية ليصير قوة إقليمية ، فإنه يتعرض لحرب تتمثل في التعبئة وحشد الرأي العام ضده ، وهذه الحرب تكون ضارية لأنها حرب نفسية وتدميرية ،و مواجهتها لن تكون الا بوجود اعلام قوي يتصدى لها بنفس الحدة والشراسة .
إرسال التعليق