الأنباء بوست / حسن المولوع
استطاع اليوتيوبر الشهير محمد تحفة ، المغربي المقيم بالولايات المتحدة الأمريكية ، أن يكسب قاعدة جماهيرية كبيرة تتابع فيديوهاته كل شرائح المجتمع من داخل المغرب وخارجه ، حتى من المسؤولين الذين في بطونهم “العجين” يتابعونه خشية من أن تُذكر أسماءهم وتظهر حقيقتهم ،أو من المسؤولين الأنقياء الذين يحبون ان تذكر أسماء بعض الفاسدين لتنظيف مؤسسات المغرب منهم .
ولقد كنت قد انتقدت تحفة في وقت سابق عبر مقال نشرته ، ووجهت إليه انتقادا لاذعا ، وحصل أن وقع ضمن المقال انفلات ضرب أخلاقيات المهنة ، وهو الأمر الذي نبهني إليه عدد من أصدقائي وصديقاتي وهم في الأصل أساتذتي، على اعتبار أنني من المدافعين على أخلاقيات المهنة وهذا أمر معروف عني ، لكن خانني قلمي ووقعت في الخطأ، حينما ذكرت واقعة غير صحيحة ومفبركة تتعلق بطفلته، وبالمناسبة أقدم له كامل اعتذاري على ذلك وعلى بعض المفردات التي تم ذكرها في غير محلها ، وأتمنى أن يقبله .
إن المتابع لفيديوهات محمد تحفة سيكتشف أن الرجل له غيرة وطنية رهيبة ، بخلاف ما تم ترويجه عنه ، بكونه انفصالي ويريد زعزعة الاستقرار ويشتغل وفق أجندة معينة ، فترويج هاته الاتهامات دفعتني إلى إعادة مشاهدة فيديوهات قديمة له حتى أستطيع تكوين الصورة الحقيقية والخروج باستنتاج ، وقد استغرق مني ذلك وقتا للخروج بخلاصة مفادها أن تحفة فعلا يريد زعزعة استقرار بعض الفاسدين الذين نخروا قدسية بعض المؤسسات ، ووجدته أيضا يشتغل وفق أجندة ترمي إلى محاربة الفساد والمفسدين ، ويسيء إلى بعض الفاسدين بمؤسسات معينة ، وهو انفصالي عن بعض اليوتيوبرز الذين يريدون ان يكون المغرب جمهورية ، طبعا لن يكون المغرب جمهورية حتى في الأحلام ويستحيل ذلك، لأسباب كثيرة لا يسع المجال للخوض فيها الآن .
لنكن واقعيين وواضحين ، بأن تحفة أصبح صمام أمان وأداة لامتصاص الغضب وتقليص مستوى الاحتقان لدى الشعب ، فعندما يسمع أي مواطن شخصا ينطق جهرا ما يخفيه سرا ، فإنه يشعر نوعا ما بالإرتياح النفسي، وهذا هو السبب الذي جعل تحفة محبوبا عند الناس، ويظهر ذلك من خلال التعليقات التي توجد على الفيسبوك أو اليوتيوب، وطبيعي أن يلتجئ الناس إلى فيديوهاته في ظل غياب مؤسسات الوساطة المتمثلة في الأحزاب السياسية التي لم تقم بدورها في تأطير المواطنين والمواطنات ، كل ما تقوم به هو التناحر وتصفية الحسابات فيما بينها ، وغياب معارضة حقيقية لأننا أصبحنا نرى معارضة ريعية فقط ، فأينما وُجدت صنابير الريع تجدها هناك ، وأيضا غياب صحافة تقوم بدورها الحقيقي لانه ليس لدينا صحافة بمعناها المتعارف عليه، لدينا مؤسسات تواصلية فقط ، تنقل الحدث بدون تحليل ولا انتقاد، بل هناك صحافيون لا يقرؤون ولا يكتبون ولا مستوى ثقافي لديهم، ولأجل ذلك يظهر محمد تحفة ، وبدل توجيه اللوم إليه، علينا ان نلوم ما سلف ذكره ، بالعكس يجب أن نشكره لأنه يقدم خدمة للوطن عجزت عنها مؤسسات معينة .
صحيح أن تحفة تقع له بعض الانفلاتات ويشخصن أحيانا بعض الأمور ، لكن هذا لا يعني أنه عدو للوطن والمواطنين ، فلا يوجد أي فيديو يثبت بأن تحفة قام بالتشهير أو السب والقذف ، ولا يوجد أي فيديو قال فيه إن القضاء المغربي قضاء فاسد ، بل ذكر بعض الأشياء والوقائع التي تستلزم إصدار بلاغ يوضح الحقيقة وكفى ، وإصدار البلاغات هو عملية حيوية تخلق النقاش ، أما ترويج لازمة متابعته فهذا أمر لن يزيد بلادنا إلا تراجعا، ولن يكون ذلك حلا ، لأنه بإمكانه الاختفاء من تلقاء نفسه ويحول قناته إلى قناة النشاط والمرح وينتهي الأمر ، وباختفائه سيظهر يوتيوبر آخر وهكذا قد يكون أشد شراسة منه ، على الأقل فهو يتكلم بنوع من اللباقة وله خطاب معتدل جدا ، وحتى إن افترضنا أنه جرى ترهيب جميع اليوتيبرز فهل هذا حل سيخفي الأعطاب الموجودة داخل المجتمع ؟ قد يكون حلا ترقيعيا ، ولكن إلى متى ؟
علينا ان نعي جميعا بأن العدو المشترك بيننا هو الفساد ، وكل واحد منا عليه محاربة هذا الوباء الفتاك من موقعه وبقدر المستطاع والوسائل المتاحة ، فلا يمكن التعايش مع الفساد والتغاضي عنه ، بكل صراحة بلادنا جميلة جدا وما يفسدها هو وجود بعض الفاسدين الذين لا يريدون أن ينكشف أمرهم ، وقد حان الوقت لينتهي هذا العبث بالتصدي له مجتمعا ودولة .
وختاما فإنني أقول بأن اليوتيوبر محمد تحفة ، رجل وطني وغيور على وطنه ، وتحركه الغيرة الوطنية ، وهذا طبيعي لأنه يعيش بأمريكا ويحز في نفسه كما أي مقيم بالخارج يرى مجتمعا متقدما يعيش فيه، وتطور بأبسط الأشياء ، أما بلده الأصل فما زال غارقا في أمور متجاوزة ، وأما الذين يعاتبونه على سخريته لأنه تناولهم بأحد فيديوهاته، عليهم أن يتقبلوا تلك السخرية بصدر رحب، لان المجتمع الأمريكي او لنقل الإعلام الأمريكي هكذا ، يسخر من أي مسؤول مباشرة وحتى من رئيس الدولة نفسه ، ونحن نرى كيف كانوا يسخرون من اوباما والآن من ترامب ، حتى إنني شاهدت إحدى البرامج من نوع التولك شو قام المنشط بإمساك شعر ترامب وجره بعدما شكك في أن شعره غير أصلي ، وسخر الجمهور من ترامب ، وكان مسرورا بذلك ، لأن السخرية والشتم في أمريكا تدخل في نطاق حرية التعبير ، وأتمنى من السيد النقيب عبد اللطيف بوعشرين والسيد مولاي سليمان العمراني ألا يضيق صدرهما ، فتاريخهما المهني وثقافتهما أكبر من أي ضيق، وفي نهاية المطاف ، ملف حمزة مون بيبي هو مجرد ملف من الملفات وستدور عليه عجلة النسيان .
وأستغل فرصة كتابة هذا المقال لأدعو بقلب خاشع لمحمد المديمي بأن يفرج عنه ، فحسب معلوماتي أن والدته تعاني من مرض مزمن وكان يعتني بها بنفسه ، فرحمة ورأفة بأمه أتمنى من الذين لهم علاقة بالملف أن يقوموا بطي الصفحة ، لأن العدالة التصالحية أفضل من العدالة القانونية .
شارك هذا المحتوى
Bien dit . Bravo
في السابق كان كل من يفضح المفسدين ينتسب إلى الارهابيين والآن انفصالي. اقول لهؤلاء الطاغية لقد أصبحت الشعوب تعي باستعمالكم الخدع لتضليل الرأي العام وانتهت حقبتكم ونحن لكم بالمرصاد وتحية نضالية من المانيا إلى الأخ تحفة والى باقي المناضلين من اجل الحق ومحاربة الفساد و المفسدين .
مقال فالمستوى الله إبارك تحفة ماشاء الله عليه فعلا انفصالي مع الفساد والمفسدين الله إغرق لهم السفينة