
الأنباء بوست / حسن المولوع
سلسلة من التهجمات والاستهداف الممنهج يطال بعض الصحافيين والصحافيات منذ بضع أسابيع ، وهي تهجمات غير عادية وغير بريئة خصوصا إذا تم ربطها بسياقها وبالصراع غير المعلن بين أعضاء بالنقابة الوطنية للصحافة المغربية بسبب السباق نحو الظفر بعضوية المجلس الوطني للصحافة خلال الانتخابات المرتقب اجراؤها في العام 2025 ، وذلك بعد نهاية الأجل القانوني للجنة المؤقتة لتسيير قطاع الصحافة والنشر .
الغريب والعجيب أن هذا الاستهداف استثنى شخصية بارزة ، هي في الأصل من خلقت الأزمة داخل قطاع الصحافة والنشر، وغالبية المنتمين للجسم المهني ينادون برحيلها لانها هي المسؤولة عن منح البطائق المهنية منذ العام 2018 والى حدود كتابة هذه السطور ، تلك الشخصية ليست الا الاستقلالي عبد الله البقالي رئيس لجنة منح البطاقة المهنية والرئيس السابق للنقابة الوطنية للصحافة المغربية وعضو المكتب التنفيذي بحزب الاستقلال .
لا يمكن في هذا السياق توجيه أصابع الاتهام للبقالي بكونه هو المسؤول عن هذه التهجمات التي طالت قيادات من النقابة الوطنية للصحافة المغربية ، ويتعلق الأمر بكل من حنان رحاب ، عبد الكبير اخشيشن ، ويونس امجاهد ، لكن في هذه الحالة وجب الوقوف على بعض المعطيات وتحليلها وقبل ذلك وضعها في ميزان الشك، واذا ما بحثنا في القاسم المشترك بين هذا الثلاثي المستهدف فسنجد أن ما يربطهم هو حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ، هذا الحزب هو المهيمن حاليا على اغلبية فروع النقابة المذكورة، والقيادة تؤول اليه في شخص عبد الكبير اخشيشن ، وخلال المؤتمر الأخير للنقابة تمت تنحية عبد الله البقالي من على رأسها وأصبح مجرد عضو داخلها ولا سلطة معنوية له .
لسنا هنا في وارد الدفاع عن شخص عبد الكبير اخشيشن ولا عن يونس امجاهد لأنهما هما المعنيان بنفي ما راج عنهما خاصة اخشيشن ، وصمته من الأكيد سيزكي ما قيل وواجب عليه التوضيح ، ولا يكون دائما الصمت حكمة ، في مقابل ذلك وجب الدفاع عن القيادية حنان رحاب باعتبارها انثى أولا وأخيرا ، ولحقها ضرر معنوي منذ شهور بسبب اتهامات تتعلق ببطائق الصحافة المهنية التي هي في الأصل يتحمل مسؤوليتها القانونية عبد الله البقالي باعتباره رئيس لجنة منح البطاقة ، وهو المسؤول الوحيد عن منحها او رفضها ، اما رحاب فلا علاقة لها بالمجلس الوطني للصحافة طبقا للقانون ، ما يعني ان اتهامها باطل ولا يمكن تبرير تحكمها في لجنة منح البطاقة ، لان ذلك يدين اللجنة بأكملها ويجعلهم في قلب المساءلة والمحاسبة كونهم غير قادرين على تحصين المسؤولية التي انيطت بهم .
وامام ما يقع حاليا من أمور غير طبيعية ، يبدو أن عبد الله البقالي لم يستسغ بعد الطريقة التي مر بها المؤتمر الأخير للنقابة الوطنية للصحافة المغربية ، واكتشف متأخرا بأن الاتحاديين أضلوه وخدعوه وذبحوه ثم اقصوه ونبذوه ، ما جعله طيلة الشهور الماضية يهرول وراء زعيم حزب الاستقلال نزار البركة ويتودد اليه من أجل منحه عضوية الللجنة التنفيذية بحزب الاستقلال ، حتى يستعيد قسطا من سلطته المعنوية الغير موجودة أصلا ، وبالفعل هذا ما كان ، فقد جرى وضعه عن طريق الاختيار او الانتخاب باللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال حتى يستطيع التفاوض من مركز قوة ، وذلك لتمكينه من عضوية جديدة بالمجلس الوطني للصحافة .
وجود عبد الله البقالي باللجنة التنفيذية بحزب الاستقلال ، سيجعله يبسط سيطرته على قطاع الصحافة والنشر ، بدعوى أن حزبه ضمن الأغلبية الحكومية التي بموجبها تعديل مدونة الصحافة والنشر على المقاس ، وبالتالي يضمن عضويته بالمجلس الوطني للصحافة والنشر ، لكن ما يغفله الجميع ، أن وجود الكائنات الحزبية بهذا الاطار المهني يتنافى مع مبادئ الاستقلالية التي يتأسس عليها التنظيم الذاتي للمهنة ، والدليل هو هاته الصراعات الخفية التي أدخلت مهنة الصحافة لغرفة الإنعاش . فهل يمكن لصحافي او صحافية انتقاد حزب الاستقلال واعضائه و عبد الله البقالي هو قيادي بارز بالحزب ذاته وهو من يقرر منح او رفض البطاقة ؟
بكل تأكيد يستحيل الامر ، لان الصحافيون والصحافيات سيقومون برقابة ذاتية على موادهم الإعلامية من اجل تفادي استغلال نفوذ البقالي الذي هو متهم به، وهو موضوع مسطرة قضائية ، من المرتقب أن تحال على قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية بالرباط بعد إتمام البحث فيها من طرف الفرقة الجهوية التابعة للفرقة الوطنية للشرطة القضائية ، إضافة الى مساطر أخرى ” آتية في الطريق ” ستفاجيء من يعتقدون أن المظلة الحزبية ستحميهم و أنهم من يمتلكون مفاتيح الاعلام ولهم أن يفعلوا ما شاؤوا دون اعمال مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة .
وبين هذا وذاك يبقى السؤال المطروح في العنوان أعلاه ، عالقا وبدون إجابة ، ومن الأكيد ان المعطيات والأيام القادمة هي من ستتكلف بالجواب .

شارك هذا المحتوى