
الأنباء بوست / حسن المولوع
لم تبتل مهنة المحاماة بشيء على مر تاريخها بالمغرب مثلما ابتليت بشخصين أزاحا عنها رداء الوقار والإحترام ، ألسنتهما طويلة أمام الميكروفونات والكاميرات وحنكتهما ضعيفة أمام هيئات المحاكم ..
لقد أصبحا يبحثان عن كل ملف يحقق لهما عمرا مديدا في المهنة حتى لا يطالهما النسيان، وذلك عن طريق “البوز ” دون أن يجعلا من حديثهما أمام الميكروفونات مرجعا لكل باحث في القانون أو متعطش للمعلومة ، فكل ما نراه ونسمعه منهما مجرد “خبِّيرة هاينة ” او حلقة من حلقات مسلسل ” زهر ومرشة ” في العديد من القضايا المعروضة على أنظار المحاكم ، وفي كل خرجة من خرجاتهما التائهة التي يسيئان من خلالها لمحراب العدالة عن غير وعي أو إدراك .
مناسبة هذا الحديث هو خرجتهما غير المحسوبة بعد النطق بالحكم على أحد الحقوقيين أطلق الله سراحه، إذ ظهرا في مجموعة من التصريحات سمعنا من خلالها اقوالا تضرب في عمق استقلالية القضاء وسخط على الحكم بشكل يهين الهيئة المصدرة له و من خلالهم قضاء المغرب ..
والمستغرب له ، أنهما إذا راقهما حكم صفقا له ، وإذا كان عكس ذلك تطاولا على هيئة الحكم عبر الميكروفونات وكأنهما يبتزان، أو لنقل يرهبان القضاة بخرجاتهما ، وهؤلاء القضاة من الواجب احترامهم وحمايتهم من هذا الارهاب المعنوي ، فكيف سيكون القاضي مرتاحا في نفسيته وهو يعلم أنه إذا اتخذ قرارا او نطق بحكم فإنه سيكون موضوعا في الشارع بحقائق زائفة مليئة بتصفية الحسابات والأحقاد ، لذلك من الواجب التفكير في ايجاد صيغ من أجل التصدي لمثل هاته الانزلاقات ، لأننا عندما ننشد استقلالية القضاء فالواجب هو حماية القضاة من الترهيب .
لا يعقل أن يقول محامي وسط جلسة من الجلسات ” لو لم تكن حالة الطوارئ لسهرت بملهى ليلي حتى طلوع الصباح فرحا بقرار من قرارات المحكمة ” ، قالها دون احترام لرئيس الجلسة ودون احترام لقدسية المكان، ونفس المحامي هذا هو الذي خرج مؤخرا غير راض على حكم المحكمة بعد النطق بالحكم على أحد الحقوقيين ، فلماذا هذا التناقض ؟
ولا يعقل أيضا أن المحامي الآخر يخرج أمام الميكروفونات بخصوص قضية المرأة التي توصف بالحديدية بأكادير قائلا بصريح العبارة انه قرر سلوك جمبع الاجراءات القانونية للتشكيك في مجريات العدالة ملتمسا من السلطات القضائية العليا تحويل الملف من محكمة الاستئناف بأكادير الى محكمة اخرى بالرباط او الدارالبيضاء لضمان محاكمة عادلة نظرا للنفود الذي يحظى به المشتكي بأكادير ، فهل هذه التصريحات التي جاءت على لسان الدفاع لا تشكل اهانة للقضاء ؟ أليس فيه ترهيب للقضاة ؟ أدع العقلاء يجيبون عن تساؤلي المشروع دون أي خلفية ..
هذا المحامي هو نفسه يدافع الآن عن الحقوقي الذي حكم بأربع سنوات ، وهو المحامي المعروف بعدائه المستمر للحقوقيين نذكر منهم الحقوقي المتابع حاليا بتهمة غسيل الأموال ، إذ قال فيه ما لم يقله مالك في الخمر وسبق القضاء في الحكم وأصدر حكمه عليه ، فأي تناقض هذا وأي بيع وشراء في المبادئ ؟ أم أنه التيه بعد فقدان البوصلة ؟
المحاميان المذكوران وبدون إدراك فإن تصريحاتهما بخصوص ملف الحقوقي نرجو من الله اطلاق سراحه سيكون لها ما بعدها ، لأن الأمر مرتبط بقضية الصحراء المغربية ، ومعلوم أن هناك اعتراف أمريكي بمغربية الصحراء الذي دخل التاريخ ، فعندما يعمد المحاميان الى الخروج بتصريحات تساهم في تجييش وتهييج الرأي العام معناه أنهما يريدان ارسال رسالة للإدارة الأمريكية بأن هناك شخص تم الحكم عليه لأنه خارج عن الاجماع الوطني بخصوص قضية الصحراء المغربية ، وسلوكات كهذه تضر بالمصالح المغربية ، ونحن هنا لا نبالغ إن قلنا أن تصريحات المحاميان تهين القضاء وتضر بصورة المغرب ، فالمحاماة مهنة النبلاء والعقلاء لا ينتمي اليها إلا من يتحلى بكل ما هو محمود ، فليعمل الجميع على صونها من الدنس .

شارك هذا المحتوى