ملاحظات حول واقعة الاعتداء على محاميين من طرف مدير السجن والبلاغ التكذيبي للمنذوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج
الأنباء بوست / حسن المولوع
مبدئيا لا بد من الإشارة إلى أنني لست في وارد الدفاع عن أي طرف أو جهة معينة ، بالرغم من ميلي العاطفي للمحامين والمحاميات وتقديري البالغ لمهنة المحاماة الذي يصل حد التقديس مثلها مثل مهنة التعليم والاعلام لأن هاته المهن في نظري هي مهن لا يمارسها الا النبلاء و في عمقها هي رسالة والرسالة يختص بها الرسل والأنبياء ، هؤلاء لا يكذبون ونبراسهم دوما الصدق …
شاهدت كغيري من المواطنين والمواطنات فيديوهات لمواقع إلكترونية تتضمن تصريحات لمحاميين من هيئة الدار البيضاء يدعيان من خلالها أنهما تعرضا لعنف لفظي وجسدي من طرف مدير المؤسسة السجنية المسماة عكاشة ، وادعى المحاميان أنهما وفي إطار القيام بمهامهما المتمثلة في زيارة المعتقلين بالمؤسسة تمت مطالبتهما بجواز التلقيح ، وقال أحدهما الذي يلبس نظارة سوداء وسترة بيضاء أنه يتوفر على هذا الجواز فيما الآخر لم يصرح أنه يتوفر او لا يتوفر عليه ، فتطور الامر بعد ذلك إلى أن وصل حد تلفظ المدير بالفاظ نابية حسب ما صرح به المحاميان، وقام المدير باعطاء الاوامر لموظفي السجن بإخراجهما بالقوة، وفي تصريحاتهما أمام الصحافة ، صرح المحاميان بأن هناك شهود على الواقعة ومن بينهم قيدوم ، ولكن أغلب الشهود هم من عوائل نزلاء المؤسسة السجنية ولن يستطيعوا الادلاء بشهادتهم خشية على أبنائهم او اقربائهم من أي بطش قد يمسهم من طرف مدير المؤسسة السجنية ، وقد ناشد المحامي الذي يلبس النظارة السوداء جميع المحامين بالتضامن والتآزر جراء ما تعرض له وزميله ، فيما هذا الأخير طالب تدخل رئاسة النيابة العامة والمجلس الاعلى للسلطة القضائية ، ووكيل الملك بالمحكمة الابتدائية الزجرية بالتدخل وفتح تحقيق في النازلة ، كما أنه قال بأنه سيخوض رفقة زميله اعتصاما امام المؤسسة السجنية استنكارا لما وقع …
هنا تبدو الصورة سوداء تم رسمها على هذا المدير ، فما إن تسمع هذه التصريحات حتى تستنكر ما وقع جملة وتفصيلا وتطالب بتدخل جهات عليا لايقاف هذا المدير وترتيب الاثار القانونية في حقه ، لكن هذا الأخير لم يركن للصمت، فبدوره أدلى بدلوه في النازلة وقدم توضيحاته للرأي العام الوطني عبر بلاغ رسمي نفى من خلاله كل ما جاء من ادعاءات .
مؤخرا أصبح غالبية المواطنين والمواطنات بمجرد ما يسمعون ان مؤسسة ما، أصدرت بلاغا تدافع عبره عن نفسها فإنها لا تصدقه ، وهذا في مجمله يرتبط بشيء عاطفي تتداخل فيه عدة عوامل ليس هنا المجال للتفصيل فيها ، ما يمهنا هو ما تضمنه البلاغ من معطيات في غاية الأهمية تجعلنا نفهم الموضوع وخلفياته .
بعيدا عن نفي البلاغ لما جاء في تصريحات المحاميين امام الميكروفونات ، هناك معطى هام تم ذكره وهو الذي سيدفعنا للتحليل، إذ في الجملة الأخيرة من الفقرة الثالثة أشار البلاغ” إلى أن أحد المحاميين سبق له أن اعتدى لفظيا على مدير المؤسسة بتاريخ 09/06/2020 وتم حينها إشعار النيابة العامة المختصة ” ما يفسر أن هناك سابقة في الموضوع ونفهم من هنا أنه تم افتعال مشكل بخلفية انتقامية من المدير ، فما يعزز هذا التفسير هو وجود الصحافة ، بمعنى ان هناك نية مبيتة من طرف المحامي الذي له خلاف سابق مع مدير المؤسسة السجنية ، لأنه كيف لنا أن نفسر وجود عدد من المنابر الإعلامية أمام باب المؤسسة السجنية وما هي مناسبة وجودهم؟ فمناسبة وجودهم ليست صدفة فبكل تاكيد مرتبطة بالواقعة ؟ فمن أشعرهم بالواقعة ولماذا وما هي خلفيات اشعارهم ؟
حسب ما أعلمه أن المحامي سلاحه القانون وليس ميكروفانات الصحافة كما يفعل العامة من الناس ، وما دام المحاميان يؤكدان أن الواقعة حضر إليها شهود فلماذا لم يتم اشعار النقيب وبعدها يتم اتخاذ المتعين مؤسساتيا ؟ وليس هناك احد فوق القانون، لكن ما نفهمه من خلال هذا المعطى أن المحامي الذي له خلاف سابق مع المدير انتهز الفرصة بخلفية انتقامية وساق معه زميله الآخر الذي ربما لا يعلم بالسابقة ، وتم افتعال مشكل لدعوة باقي الزملاء للتضامن معهما ولخلق توثر بين المحامين والمحاميات وبين إدارة السجون ، اعتقادا من أحدهما أن إثارة موضوع جواز التلقيح من جديد سيعيد سيناريو الوقفات الاحتجاجية التي كانت ضد وزير العدل ورئاسة النيابة العامة والمجلس الاعلى للسلطة القضائية …
لا انكر أنني أعرف الأستاذ محمد الاخضر وأقدره واحترمه لمكانته العلمية وفصاحته اللغوية ودمه النضالي ، واعلم أنه من تلامذة المرحوم النقيب عبد اللطيف بوعشرين ، وفي هذا الصدد فإنني أعتقد أن الأستاذ الأخضر سيق في معركة خاسرة لا يعلم سببها الحقيقي واكاد أجزم أنه لم يكن يعلم بالمعطى المتعلق بالسابقة التي وقعت مع ذات المدير في العام 2020 ، ولحبه للنضال فلقد انخرط دفاعا عن زميله الذي لا اعرف اسمه ، هو صاحب النظارة السوداء التي تدل على الغموض وعدم الوضوح ، حتى إن تصريحات هذا الأخير كانت محتشمة وليس فيها اي موقف واضح ، ما يؤكد على أن وراء الأكمة ما وراءها وكما قال اجدادنا “دوز على الهرهوري واياك من السكوتي” …
التصريحات المحتشمة لصاحب النظارات السوداء الذي من الواجب عني احترامه بالرغم من انني لا اعرفه ، تفسر على أنه هو صاحب السابقة حسب اعتقادي ، وساستغرب إن كان المحامي الاخضر هو من له سابقة مع المدير ،واستغرابي مرده هو أن تلامذة المرحوم النقيب بوعشرين يستحيل أن يحصل معهم مشكل مع أي مؤسسة من المؤسسات في البلاد واذا ما حدث هناك مشكل فإن حله يتم عن طريق المؤسسات وليس عن طريق الاندفاع واثارة زوبعة في فنجان …
وانا هنا لا أدافع عن مدير المؤسسة السجنية ، ولا عن اي كان ولا أتهجم على اي أحد ولا أحمل المسؤولية لأي كان ، أنا أحلل المعطيات فقط وقد اكون مخطئا وقد أكون صائبا ، فرأيي يؤخذ منه ويرد
أتمنى أن تطوى هذه الصفحة بحكمة الحكماء ، حتى تبقى علاقات التعاون قائمة بين الجميع ، كما أتمنى ألا يتم استغلال الميكروفونات في اي صراع ، لأنه كم من الاشياء التي تم حلها بالحكمة والرزانة وليس بالاندفاع ومن كانت له نية مبيتة وخلفيات لافتعال مشكل من لاشيء فجزاؤه بين يدي نقيبه لأن مهنة المحاماة منزهة عن التصابي ولا يزاولها إلا حكيم….
والله ولي التوفيق
إرسال التعليق