الأنباء بوست / حسن المولوع
يبدو أن النقابة الوطنية للصحافة المغربية صارت رهينة طموحات شخصية لأشخاص تجاوزهم الزمن الإعلامي بكثير، وباتوا يحسون أن القطاع بدأ ينفلت من بين يديهم ومن خلفهم ، بعدما كانوا يوهمون الدولة أنهم وحدهم هم الاوصياء على المهنة والمهنيين ، وبدون وجودهم ستعم الفوضى ، ويهيج بحر الانتقاد ضد المصالح العليا للوطن ، لكن تبث العكس أن وجودهم الذي دام لأربع سنوات ونصف السنة بالمجلس الوطني للصحافة ، لم يزد المهنة الا تشتتا بين أبنائها نتيجة تصفية حسابات ضيقة ، وعمت الفوضى بالفعل، نتيجة الاقصاء الممنهج للصحافيين الحقييين وميزاجية هذا البعض الذي اتخذ من ترؤسه للجنة منح بطاقة الصحافة المهنية سيفا يضرب به من يشاء ممن لم يسر على هواه .
لقد صار هذا البعض يخبط خبط عشواء ، ويسارع الزمن لقضاء مصالحه الخاصة مستغلا التاريخ المجيد الذي صنعه رجال الصحافة من الوزن الثقيل للنقابة الوطنية لللصحافة المغربية ، التي يتم استغلالها أبشع استغلال وهي من تلك الممارسات الشاذة براء ، إذ تم توظيف فرع الرباط التابع لها من أجل اصدار بلاغ تائه عقب الندوة التي تم عقدها يوم الاثنين 29 ماي بالمعهد العالي للاعلام والاتصال بالرباط ، حول موضوع ” أيه آفاق لمهنة الصحافة في ظل المستجدات التي يعرفها القطاع ؟” ، وكان من المنتظر أن يحضر وزير الثقافة والشباب والتواصل محمد المهدي بنسعيد، لكنه تخلف رغم التوصل (…) وفشلت الندوة التي لم يحضرها الا المصورون لتغطية الحدث حتى لا يحرموا من بطائقهم وبطائق القطار .
زعم البعض أن الحضور كان كثيفاو بلغ ال 300 نفر ، وقد يكون هذا العدد صحيحا لأن من قام بالعملية الحسابية لديه مشكل في النظر ويرى الشخص الواحد على أنه عشرة أشخاص ، أما نحن فلم نر الا الكراسي الفارغة حسب الفيديوهات المنتشرة (…)
وقبل تحليل مضامين البلاغ الصادر عن الفرع النقابي المذكور وفسخه، وبيان ما فيه من التدليس والتلبيس ، لا بد من الإشارة والتذكير أن هذه الضجة وهذا الصراع الخفي والخطير بخصوص مشروع قانون إحداث اللجنة المؤقتة هو في الأصل صراع حول قانون الدعم ، بمعنى أنه لو قام الوزير بالافراج عن المرسوم الخاص بذلك ، ستتخلى الجمعية الوطنية للإعلام والناشرين عن النقابة الوطنية للصحافة المغربية ويصبح ذلك البعض بدون تبان ، بدليل أن رئيسها يكرر في كل مناسبة أنه لا ينوي كرسيا بالمجلس الوطني للصحافة ، ولو قبلت الفدرالية المغربية لناشري الصحف التوقيع على الاتفاقية الجماعية لهدأت الأوضاع ، ما يعني أن الصراع في كنهه وعمقه هو صراع المال، وذلك باستغلال وضعية الصحافيين وترديد عبارة الدفاع عن حقوقهم الاجتماعية ، وللأسف نواب الامة اغلبهم لا يعرف حقيقة الصراع ، وبعضهم ينخرط في نقاش مشروع قانون مخالف للدستور ، والحقيقة ما هي الا طموحات شخصية ، فلا احد منشغل بتنظيم المهنة ، كل ما في الأمر أن هذا البعض يريد كرسيا من أجل التعويضات السمينة ، وتلبعض الآخر يريد دعما سمينا لمقاولته الإعلامية (…)
اذا قمنا بتجميع تصريحات رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية ، ووضعناها في ميزان التدقيق والتمحيص فسنجد أنها تصريحات ” خبزية ” ينعدم فيها الأفق الاستراتيجي ، فدائما يقوم بتخويف الدولة من خطر قادم اذا لم يستمر هو في الوصاية على القطاع ، ودائما يردد كلمة تنظيم المهنة، مع العلم انه هو المسؤول عنها طيلة الأربع سنوات ونصف السنة دون مساءلة ولا محاسبة عن الحصيلة التي لم يتم تقديمها ، وقد استنزف المجلس الوطني للصحافة الملايير ، وفي النهاية يخرج هذا الانسان يبكي ويشكي أن القانون فيه مشكل ، ووجب تعديله ، بل وبدون خجل يريد أن تمنح له عبر القانون سلطة الزجر والعقاب ويحل محل القضاء ليسهل عليه تصفية الحسابات مع خصومه الذين ينتقدونه وينبهونه أنه في حالة تنافي ، وأن الزمن الإعلامي تجاوزه بكثير ،فهذا الانسان لا يلقي بالا لما يقول ، فتكون أقواله دائما وبالا عليه .
إن بلاغ الفرع النقابي اعتبر أن الاعلام هو قطاع استراتيجي ، وهذا في الحقيقة تحصيل حاصل ، فالدولة هي من تعتبره ذلك ، وهذا واقع مقعد له قبل عقود ، ولن ننتظر أن يأتي تنظيم مهني معين ليقول هذا الكلام أو يتم الركوب عليه، هذا أولا.
وثانيا تمت الدعوة الى التشاركية وهذا مطلب الجميع منذ البداية ، اصلاح شمولي للقطاع وليس مناسباتي لارضاء الخواطر والأهواء ، وهذه رؤية سابقة صنعها الاستاذ العربي المساري رفقة ثلة من رجالات الاعلام الذين يحملون الهم الإعلامي عبر حوار وطني وليس عبر لجنة مؤقتة ومحتكرة للرأي ، تلك الرؤية هي التي بلورت القوانين الثلاث ( النظام الأساسي للصحافيين المهنيين ، المجلس الوطني للصحافة ، قانون الصحافة والنشر ) وبطبيعة الحال يمكن القيام بتعديل ان كان هناك داع له ويرتكز على سند منطقي وليس بدافع لتحقيق طموح شخصي
ثالثا تم عبر البلاع الإشارة الى تنظيم المهنة والواقع ان تنظيم الولوج الى المهنة هو مقعد له بقانون الذي يسمى النظام الأساسي للصحافي المهني ، فالمشكل في هذا الباب حقيقة ليس في القانون بل في الاشخاص الذين أعطي لهم الضوء الأخضر لانفاذ هذا القانون ، فمنهم من يقوم بذلك عن جهل وبمزاجية ، فمثلا ما دخل الضمان الاجتماعي بالبطاقة المهنية؟ وما علاقة أداء الضريبة بتنظيم المهنة ؟ فللأسف هناك من يجتهد في شيء لا يحق له الاجتهاد ، فيه لأن كل شيء له قانون ينظمه ، فالضريبة لها اطارها القانوني ، والضمان الاجتماعي له اطاره القانوني ، ولا توجد مهنة في العالم يتم التدخل عبرها في قوانين أخرى
رابعا : تأهيل المنظومة هو رهان بدأت الدولة فيه قبل عدة سنوات وتأهيل المقاولات هو شأن يخص الباطرونا والدولة وليس تنظيم نقابي دوره ينحصر في الدفاع عن حرية الصحافة والمطالبة بتحسين وضعية الأجراء ، فالصحافي حسب قانون الشغل هو أجير يشتغل بمقاولة
خامسا : أشار البلاغ الى الحد من السلوكات الانتهازية المستفيدة من الريع ، وهذا في الحقيقة دعم مؤطر بالقانون اللهم إذا اعتبرنا أن ما شملته وزارة الاتصال في الأجور الاستثنائية يعد ريعا، وبحسب تقديري فهو ريع مكتمل الأركان ، والفريب ان النقابة ذاتها تدافع عن استمراره
يمكن القول بشكل عام ، أنه لا جديد في البلاغ المذكور سوى اجترار المواقف، وابتعد عن التركيز بخصوص اللجنة المذكورة ، وهذا يعطي إشارات أن هناك تحولات في المواقف او التراجع عنها ، والغريب أن بلاغ الفرع النقابي أغفل مداخلة الأستاذ الجامعي الذي قال إن خيار اللجنة المؤقتة اقل وجاهة قانونيا واخلاقيا ” ، مضيفا ” أن الخيار السليم هو العودة للمادة 9 أي اللجنة المنصوص عليها قانونا ”
وأشار أستاذ القانون الدستوري حميد بلغيت ضمن مداخلة القاها خلال النطوة المذكورة الى أن المجلس الوطني للصحافة ساهم في الاحتكاك بين التنظيمات المهنية بدل جمع الشمل مذكرا أنه لا مبرر لعدم اجراء الانتخابات ، مستحضرا في هذا الصدد اجراء الانتخابات التشريعية في فترة جائحة كورونا مضيفا أن الحكومة مرتبكة في تدبير الملف وتتحكم في مصير المهنة وهناك خرق لمبدأ التنظيم الذاتي على أسس ديمقراطية
وضمن مداخلته أضاف الأستاذ حميد بلغيت ان المجلس لم يستطع القيام بدوره مع غياب تقارير حول الوضعية، ملمحا بضرورة دراسة التقارير الأدبية والمالية، معطيا عبر مداخلته خريطة طريق واضحة وشفافة بلسان صريح وواضح وشجاع ” أن التنظيم الذاتي هو بلورة تصورات مجتمعية وصحفية بشكل ديمقراطي وان النقاش حول الاعلام هو نقاش مجتمعي ولا يمكن أن تتحكم بعض التنظيمات في مصير مجتمع بتحالف مع وزير، وهو بذلك يحيل على لجنة الحوار ويحيل بضرورة تحديد مهام اللجنة المؤقتة .
شارك هذا المحتوى