الأنباء بوست / حسن المولوع
من يعرف قصة “وقف حمار الشيخ في العقبة ” يجدها تنطبق تمام التطابق على الكاتب الاول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية إدريس لشكر ، وذلك عندما لوّح بورقة ” ملتمس الرقابة ” ، في محاولة يائسة منه لصرف الأنظار عن المشاكل الداخلية التي يعيشها حزب الوردة وتصديرها للخارج بغاية خلط الأوراق وإحداث جعجعة بلا طحن .
فبدل أن يمتلك إدريس لشكر شجاعة الإجابة عن التساؤلات التي يدور رحاها حول ما يتعلق بتقرير المجلس الأعلى للحسابات في شقه المتعلق بفضيحة الدراسات ، اتخذ من التمويه والتضليل وسيلة للهروب إلى الأمام وإنقاذ نفسه ومن معه من المسؤولية والمحاسبة ، فصار يخبط خبط عشواء مهاجما مجلس العدوي تارة ومتهما مَن حوله بتسريب المعلومات للصحافة تارة أخرى ، بغية إيجاد قشة تنقذه ومن معه من الغرق الحتمي الذي أتى به طوفان “الجدية ” .
اختار الكاتب الأول لحزب الوردة ، ادريس لشكر ومن يفتي عليه من مقربيه ، أن يخلط الأوراق ليقوم بتضليل الرأي العام داخل الحزب، أي مناضليه ومناضلاته ، والرأي العام الخارجي من المتتبعين للشأن الحزبي بينهم أهل الصحافة وأهل التحليل الذين يتساءلون جميعا عن مصير ال 200 مليون ومكتب الدراسات الذي تعود ملكيته للقيادي المهدي مزواري بمعية ابنه الحسن لشكر وابنة رئيس الفريق ريم العاقد
فعلى المستوى الداخلي اعتمد تقنية التمويه واشغال المناضلين والمناضلات بلازمة أن هناك من يوجد داخل المكتب السياسي للحزب ، يقوم بتسريب المعلومات للصحافة ، وأن هناك مؤامرة تستهدف الحزب نظرا لمواقفه الشرسة ضد الحكومة ، واستعان إدريس ومن معه في مسألة التمويه المتعلقة بالتسريب ، ببعض الضعفاء الذين يعانون الهشاشة الاجتماعية او النفسية التي تولدت لديهم من عقدة النقص والشعور بالدونية والإحساس بالحكرة قصد استهداف أعضاء وعضوات بعينهم من المكتب السياسي لاتهامهم بهكذا اتهام ، وهذا السلوك المنتهج يعبر عن المثل القائل “أنا أشير الى القمر والأحمق ينظر الى إصبعي” ، وكل ذلك من أجل التمويه والهروب من جوهر الموضوع الذي يعتبر ” القشة التي قصمت ظهر البعير ” ، تلك القشة هي ما تضمنه تقرير المجلس الأعلى للحسابات والذي على ضوئه شهد الحزب غليانا غير مسبوق في صفوف القواعد و صدور بلاغات تطالب ادريس لشكر ومن معه بالاستقالة والقيام بافتحاص لمالية الحزب ، كما ان هناك مؤشرات لبروز تيار تصحيحي داخل حزب الوردة خاصة بعد ظهور اتحاديين واتحاديات ينتمون الى التيار الاتحادي الأصيل الذي بنيت على أرضيته المدرسة الاتحادية قبل تحويلها الى مدرسة انتهازية تستفيد منها العائلة وبعض المقربين من إدريس لشكر(…)
أما على المستوى الخارجي ، فلقد اعتمد إدريس لشكر على تضليل الرأي العام بمهاجمة المجلس الأعلى للحسابات الذي اتهمه بممارسة التحكم بدل الحكامة ، وقام قبل ذلك بالتلويح بورقة ” ملتمس الرقابة ” لإسقاط الحكومة، تلك الحكومة التي كان الى وقت قريب يطمع في الارتماء في أحضانها لكن تم لفظه بعدما قضى رئيسها منه وطرا ، واستعمله ك”كلينيكس” خلال ما عرف بالبلوكاج الحكومي ، فأضحى حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية كعصى موسى يمسكها رئيس التجمع الوطني للأحرار ليضرب بها خصومه لتحقيق مصالحه ، والآن يأتي إدريس لشكر بعد كل ما فعله في حزب عبد الرحيم بوعبيد واليوسفي ليشتكي التغول الحكومي ، وهو في الأصل من ساهم فيه وأسس له الشروط لانضاجه .
لا يختلف إثنان في كون أن إدريس لشكر إنسان ذكي وله حنكة سياسية ، فهو قناص ماهر للفرص ، وبالتالي فهو أدرك نهايته السياسية منذ شهور ، فقرر الدخول للتاريخ والخروج من الشأن السياسي برأس مرفوع عبر التلويح بملتمس الرقابة الذي يعلم علم اليقين أنه لن يحقق أي شيء ، وبالرغم من ذلك فلقد كذب كذبة وصدقها هو وحده ، دون أن نغفل أنه أراد توريط أحزاب المعارضة التي بعضها يطمع في الدخول للحكومة خلال التعديل الحكومي المرتقب ، وذكاؤه أوحى له بحرق كل الأوراق وتوريط الجميع بطريقة ” علية وعلى أعدائي ” ، لكن وبحسب وسائل اعلام وفق مصادرها أنه جرى التبرؤ مما جاء في بلاغ المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي بخصوص هذا الملتمس .
إن إدريس لشكر وهو في اللحظات الأخيرة من حياته السياسية ، قام بخطوة ملتمس الرقابة ليبقى مخلدا في التاريخ ، فهو فعل مثل ذلك الذي تبول في بئر زمزم وعندما أمسكه الحرس جاؤوا به إلى أمير مكة فقال له: قبحك الله، لم فعلت هذا؟ فقال: ” حتى يعرفني الناس فيقولون هذا الذي بال في بئر زمزم وأردت أن يذكروني ولو باللعنات”.
شارك هذا المحتوى