
الأنباء بوست / حسن المولوع
بينما يشهد العالم سباقًا نحو المعرفة والإبداع، ويتسابق الإعلام في الدول المتقدمة لصياغة وعي الشعوب وتعزيز قيمها وهويتها، تصر القناة الثانية على تقديم صورة مشوهة للإعلام الوطني، وتغرقه في مستنقع التفاهة والسطحية. إذ بات واضحًا أن هذه القناة، التي تمول من جيوب دافعي الضرائب، قد تخلت عن رسالتها التنويرية لصالح محتوى يهدف إلى تغييب العقول وإنتاج أجيال تائهة، بلا هوية ولا قيم.
آخر حلقات هذا السقوط المدوي كان برنامج “نجم الشعبي”، الذي يقدم كمشروع جديد يعكس ما وصلت إليه القناة من انحطاط فكري وقيمي.
تحت غطاء الترفيه، يُخصص لهذا البرنامج ميزانيات ضخمة في وقت تُغلق فيه برامج ذات قيمة حقيقية مثل مسابقة القرآن الكريم. تلك المسابقة التي كانت تجمع الأسر المغربية على قيم الدين والأخلاق، أُلغيت بلا تفسير، وكأنها عبء على أجندة القناة.
“نجم الشعبي”، بميزانيته المفتوحة ولجنة تحكيمه التي تضم أسماء مرتبطة بثقافة “الهز والجرة”، مثل الستاتي ونجاة اعتابو والداودية، هو انعكاس للرداءة التي باتت القناة الثانية تروج لها. فكيف لقناة وطنية أن تمول برنامجًا يشجع على ترسيخ ثقافة فارغة، لا تمت لهوية المغاربة أو قيمهم بأي صلة؟ وكيف يُسمح لرشيد العلالي، رمز التفاهة الإعلامية، أن يكون وجهًا لهذا العبث المستمر؟
ما يزيد الأمر سوءًا هو التوقيت الذي يُعرض فيه هذا البرنامج. ففي وقت يعاني فيه الشباب المغربي من أزمات تعليمية واقتصادية واجتماعية، تختار القناة الثانية أن تقدم لهم “نجم الشعبي” كبديل يُكرس الرداءة ويطمس كل أمل في غد أفضل. بدل أن تكون القناة أداة لتعزيز القيم وبناء الوعي، تحولت إلى منصة تُمعن في تشويه الذوق العام وضرب الهوية الثقافية والدينية.
إن ما يحدث في القناة الثانية ليس مجرد أخطاء أو اجتهادات فاشلة، بل هو مشروع متكامل لتدمير الوعي الجمعي للمغاربة. إلغاء برامج مثل مسابقة القرآن الكريم واستبدالها ببرامج تخاطب أدنى مستويات الفكر هو خيانة للأمانة، واستهانة بعقول المغاربة الذين يمولون هذه القناة من أموالهم.
للمسؤولين عن هذا الانحطاط نقول: كفى عبثًا بهوية هذا الشعب. كفى تلاعبًا بعقول شبابه وقيمه. إن “نجم الشعبي” وبرامج أخرى مثله ليست سوى علامات على طريق مظلم تسلكه القناة الثانية، طريق يهدد بتفكيك النسيج الأخلاقي والثقافي لهذا الوطن. وإذا استمر هذا النهج، فلن تكون النتيجة سوى أجيال ضائعة، بلا هوية ولا قيم، وهو ما لا يمكن إصلاحه إلا بوقف هذه السياسات فورًا.

شارك هذا المحتوى