
الأنباء بوست / حسن المولوع
أضحى الجسم الصحفي في الآونة الأخيرة ، أوهن من بيت العنكبوت ، بفعل عدة عوامل ، أهمها الصراعات التي تطفو من حين لآخر بين أهل المهنة ، وأحيانا يكون البعض منهم متطفلا عليها ، ولا تجد لهم رصيدا مهنيا ، لا مكتوبا ولا سمعيا ومرئيا ، بل حتى إن منهم من لا يستطيع كتابة تدوينة على الفيسبوك بدون أغلاط إملائية ، دون الحديث عن الجرائم اللغوية والركاكة في الأسلوب .
صراعات بين تنظيمات نقابية، لا تقوم على مبدأ الدفاع عن حقوق المهنيين وصون المهنة ، بل تسير باتجاه تصريف الأحقاد والتخوين والتشهير ببعضهم البعض على مواقع التواصل الاجتماعي ، حتى صارت المهنة أضحوكة بين مختلف المهن، لا تجدها حتى في الأفلام الكوميدية ، خصوصا عندما تطالعك أحد تلك التظيمات بما يسمى بالبيان او البلاغ ، فلا تجد عند قراءته غير الضحك ، لكنه ضحك كالبكاء.
أناس لا يفقهون الفرق بين البيان والبلاغ والإخبار والإعلان، ومقال الرأي ، والأنكى من ذلك يجهلون حتى القانون المنظم للمهنة ، يخاطبون ما يسمونه الرأي العام الوطني والدولي ، بأساليب إنشائية ركيكة ، تبين المستوى الهزيل لمن نصبوا أنفسهم مدافعين أشاوس عن المهنة والمهنيين ، فلو استثمروا وقتهم هذا في القراءة وتعلم أصول الكتابة لكان ذلك لهم فوزا عظيما ، فكيف لمن لا يستطيع الدفاع عن نفسه أن ينصب نفسه مدافعا عن الغير وهو جاهل بقواعد مهنته وأخلاقياتها ؟ هنا الوضع يبدو أكثر ارتباكا وفي غاية الالتباس .
لا تجد هذه التنظيمات قامت بمقترحات او طرحت أفكارا ، او قامت بندوات او دراسات او دورات تكوينية وغيرها من الأمور المتعارف عليها ، غير اصدار ((بيانات)) إنشائية تختزن بين سطورها حقدا وتصفية حسابات وضغائن شخصية، همهم الوحيد هو الحصول على البطاقة المهنية ، وكأن البطاقة هي من تجعل من الانسان صحافيا ، وليس العكس ، بمعنى أن الصحافي هو من يصنع البطاقة بناء على شواهده الجامعية وتكويناته المستمرة وثقافته وحنكته وتجربته في الميدان ، وحرفيته في كل الاجناس الصحفية ، ولكن فاقد الشيء لا يعطيه ، وكم ممن نصب نفسه ((زعيما)) نقابيا يفاوض من أجل نفسه للحصول على بطاقته وبطاقة صديقه وخليلته، لأن لا هم لهم في المهنة غير البطاقة ليفعلوا بما ما يريدون (…) وبعدها يبيع هذا المسمى بالزعيم الجمل بما حمل ويترك من انخرطوا في التنظيم بدون رأس ولا أساس (…) .
قطاع الصحافة والنشر ليس ككل القطاعات ، ولا يتناسب فيه مبرر التعددية النقابية ، فتفريخ التنظيمات النقابية في هذا القطاع ، يساهم بشكل أو بآخر ، في إضعاف المهنة ، وتشتيت الجسم المهني ، كما هو حاصل الآن ، وكأننا أصبحنا أمام ميليشيات ، بعضها في مواجهة البعض الآخر ، صراع دائم، والسائد هو منطق تصفية الحسابات .
إن ما سيجعل المهنة قوية ، هو ضرورة وجود تنظيم نقابي قوي ، وليس تنظيمات نقابية متصابية ليس لأصحابها رصيد مهني يذكر ، ومن دون شك أن النقابة الوطنية للصحافة المغربية هي الأكثر تمثيلية وهي التنظيم الذي كان ومازال وسيبقى ممثلا شرعيا للمهنة والمهنيين ، صحيح أن هناك خلاف مع الأشخاص لكن يبقى التنظيم هو الأساس لأنه ليس في ملك أحد بل هو ملك تاريخي ، وأن الانخراط فيه والتدافع داخله بمقترحات وأفكار هو السبيل الوحيد لتقوية المهنة وصونها من الشوائب .
جميل ان تكون هناك تنظيمات موازية ، كإحداث جمعيات وتنسيقيات ومراكز دراسات ، يساهم أصحابها في تقوية المهنة بفكرهم ومقترحاتهم وعقد شراكات مع التنظيم النقابي الأكثر تمثيلية وتنظيمات ومؤسسات أخرى ، لكن الذي ليس جميلا هو تفريخ مثل هذه التنظيمات النقابية التي لا تسمن ولا تغني من جوع ، وفي هذا الإطار على وزارة الداخلية أن تتعامل بشكل مغاير بخصوص منح التصاريح لمن يرغبون في تأسيس إطار نقابي له علاقة بالصحافة والنشر ، إذ يجب إلزام هؤلاء بما يفيد أنهم فعلا يشتغلون بالمجال وليسوا من المتطفلين عليه ليستغلوا الصفة النقابية لغرض في نفس يعقوب ، كما يتوجب حاليا القيام بحل تلك التنظيمات النقابية التي لم تحقق اي انجاز يذكر غير استغلالها في تصريف الأحقاد والضغائن وتكريس العبث في المهنة .
كفى من تفريخ التنظيمات النقابية ، وكفى من العبث والتصابي .

شارك هذا المحتوى