الأنباء بوست / حسن المولوع
ثمة شيء غير عادي يقع ببلادنا يستلزم الدراسة والتحليل ، لأنه يعد من الظواهر الغريبة التي طفت مؤخرا على السطح ، لا نعلم أصلها ولا منتهاها ، إذ أضحينا نلاحظ نوعا جديدا من النضال الحقوقي الذي لم نسمع عنه ولم نشاهده من قبل ، فهو غير مألوف تماما ، حتى في الدولة المتقدمة ديمقراطيا .
لقد أصبح النضال الحقوقي في صبغته المغربية أشبه بماخور شعبي ، يدخله كل عابر سبيل وكل من هب ودب ، بعدما انزوى العقلاء في ركنهم تاركين المجال للمرضى النفسيين يلبسون رداء “التاحوقوقيت” ، الذين تحركهم أيادي “غرارين عايشة ” .
غالبية الصحافيين والصحافيات وكتاب الرأي ، لا يستطيعون الخوض في هذا الموضوع ، إلا فئة قليلة جدا ، لأن تناوله هو بمثابة فتح نار جهنم ، تجعل المشار إليهم في العنوان ينتفضون ويصفون كل من تجرأ على الكتابة بأنه عميل وأنه عدو لحرية التعبير ويتم استعماله من طرف المخزن للنيل من المعارضين ، و أي معارضة هاته التي أساسها السب والشتم ؟ وهل يمكن أن نطلق وصف المعارض (ة) على غير الاسوياء؟
إن متابعة إحدى المدونات الفيسبوكيات المسماة “س.ع” في حالة اعتقال ، أسقط بيت العنكبوت الوهن ، وأظهر الوجوه الحقيقية لمن كانوا يتغنون دائما بالدفاع عن حقوق الإنسان ، إذ غابت مصداقيتهم وحضرت نرجسيتهم وظهر أنهم لا يدافعون على الحقوق وانما يصرفون أحقادهم وضغائنهم عن طريق التغرير بقليلي أو قليلات الزاد المعرفي ، فيصفقون لهم(ن) بحرارة وهم يسبون ويشتمون عبر تدوينات تفتقد لأسس النقد السليم .
فالسيدة المعتقلة حاليا ، لم تكن تنتقد ولم تكن تحلل ، وليس في ما كانت تكتبه أي نوع من الجرأة والشجاعة ، بل كانت تلغي بكلام فيه سب وشتم ناتج من دون شك عن اضطراب او اهتزاز نفسي ، وبدل أن يقوم “غرارين عايشة ” بتوجيهها أخذوا يصفقون لها بحرارة ، ومع كل تصفيق تزداد الصفاقة والشراسة، فبدت كتلك الحمقاء التي قالوا لها زغردي ، وذلك لتعويض إما فراغ أو نقص عاطفي او عقدة نفسية ناتجة عن شيء ما ، وهاته الأشياء لا يمكن لنا معرفتها نحن غير المتخصصين نحن نلاحظ فقط التصرفات غير السوية والحركات التي تبدو غير طبيعية ، وبالتالي فإجراء الخبرة الطبية عليها اضحى ضرورة ملحة ، لأن الإبقاء على اعتقالها سيجعل منها بطلة الدفاع عن حقوق الانسان وعن حرية التعبير حسب منطق “غرارين سعيدة ” الذين يكتبون تدويناتهم بحذر ، فيما يدفعون بغير الاسوياء إلى التهلكة ، وعندما يتم اعتقالهم ، كل ما يقومون به لاجلهم هو كتابة تدوينة او الخروج “لنزهة احتجاجية” لصلة الرحم مع الاصدقاء وبعدها يجتمعون على وجبة غداء كلها قهقهة ومرح ، وبعدما ينفض جمعهم ، كل واحد منهم يغلق بابه مع أبنائه ، فيما المعتقل توصد عليه ابواب الزنزانة متوهما أن التاريخ سيكتب اسمه مثلما كتب اسم الشهيدة سعيدة المنبهي او المرحوم إدريس بنزكري وغيرهما من الأسماء الخالدة التي تعد مرجعا في النضال من أجل الخبز والكرامة .
ما يثير الغثيان أن “غرارين عايشة ” يستمرون في تدليسهم على الناس ولا يتجرؤون على قول الحقيقة في كون أن السيدة المعتقلة كانوا يلاحظون عليها علامات الاضطراب النفسي حينما كانت تأتي أحيانا لنزههم الاحتجاجية ، كانوا يلاحظون أن تصرفاتها غير سوية ومع ذلك كانوا يدفعون بها الى الهلاك ليملؤوا بها فراغ النضال الحقوقي “ديال آخر الزمان ”
أي حرية تعبير هاته التي تجعل من أي إنسان وفي اي بلد ديمقراطي في العالم يسب ويهين أمن بلاده الذي هو ركيزة أي بلاد ؟ فبدون أمن وطني قوي معناه قراءة الفاتحة على الدولة ، هل يمكن مثلا أن نرى فرنسيا أو المانيا أو امريكيا يصف أمن بلاده بلغتهم ب( الميلشيات ، الأوغاد ، وأنهم يقومون بممارسات إجرامية وأنهم زبانية …) ؟؟
هل يمكن لأي مواطن او مواطنة منهم التوعد بالقول “اذا حدث وتكرر الأمر ، فلا تلومن إلا انفسكم ، ولقد أعذر من أنذر” ؟
متى كان الدفاع عن حقوق الانسان ينبني على السب والشتم ؟ هل أمن البلدان التي نصفها بالديمقراطية ، ملائكة منزلين من السماء ؟
هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين
كان إدريس البصري وزير الداخلية أعتى وزير عرفته البلاد ولم نسمع أو نقرأ أن المرحوم بوستة ، ولا عبد الرحمان بنعمر حفظه الله ، ولا المرحوم خالد الجامعي الذي قصف البصري بالرسالة المفتوحة الشهيرة “شكون انت” ، لم نسمع هؤلاء او غيرهم سبوا أو شتموا احدا ،عارضوا بشراسة واحترمهم النظام، فما الذي أصاب “التاحوقوقيت ديال هاد الزمان ” ؟
غرارين عايشة لا يخجلون من أنفسهم وهم يقرؤون ما كتبته السيدة المعتقلة من كلام فاحش في حق ملك البلاد حينما تصفه بدون خجل ” بالكائن المستبد ” عبر شبه مقال موجود على صفحتها عنونته ب ” علقم جديد في آنية جديدة ” ، فهل هذا يدخل في إطار حرية التعبير ؟ وهل إذا نبهنا نحن إلى أن هذا لا يدخل في إطار حرية التعبير يعني أننا أعداء لها فحرية التعبير لها قواعد وليست إطلاق الكلام على عواهنه ، ومن يقول عكس ذلك إما جاهل او مجنون .
إننا اليوم علينا أن نقف وقفة أمام المرآة ونصارح أنفسنا ، بأن هذا النوع من النضال الجديد والدخيل يشكل خطرا علينا جميعا ، لأن هناك فريق من هؤلاء يريد أن تصفق لكل شيء وترقص على ليلالهم وبالتالي فانت نزيه ولك مصداقية ، أما إن نبهت بالقول على أن هذا الأمر لا يستقيم فإنهم يصفونك باقدح الاوصاف ويتهمونك بتهم من خيالهم المريض ، ونحن نقول لمثل هؤلاء، من الجيد ان تكون عميلا في بلادك خير من أن تكون عميلا في بلاد أخرى يستعملونك لضرب بلادك من دون ان تدري ، فالذي يضرب أمن بلاده ويهاجم رأسه هو جاهل ولا علاقة له بحقوق الإنسان ولا يفهم شيئا في السياسة ، لأن المس بهيبة الأمن الوطني وبالمدير العام هو مساس بوقار وقوة الدولة ، أما التطاول على ملك البلاد فهو الخراب بعينه ، ومن باب تبيان الفكرة بشكل اوضح نطرح تساؤلا ، هل يمكن للابن البار أن يتطاول على أبيه أو عمه أو خاله؟ هل يمكن أن يقلل من أبيه أو ينقص منه أمام الجيران ؟
سؤال مفتوح لغرارين عايشة ، إن كانوا بارين بأبائهم ويحترمون عائلاتهم فالجواب حتما سيكون بلا يمكن ، أما إن كانوا عاقين فالسؤال غير موجه لهم ، لأن الإنسان العاق لا خير يرتجى منه .
إن المطلب الاساسي اليوم بخصوص قضية السيدة المعتقلة هو إخضاعها للعلاج بعد إجراء الخبرة الطبية ، ونتمنى أن يكون القضاء رحيما بها لأنها مجرد ضحية من بين ضحايا كثر ، زادهم المعرفي “على قد الحال ” لايؤهلهم لاكتشاف نوايا غرارين عايشة الذين يحولون الحمقى إلى مناضلين لأن العقلاء فطنوا بهم .
اتقوا الله في المرضى ولا تغرروا بهم
شارك هذا المحتوى