
الأنباء بوست/ حسن المولوع
يا هذا الذي استوطن الكرسي حتى بلّله الزمن، يا من ظن أن الصحافة ضيعة تُورث، وأن المهنة خادمة لأحلامه الصغيرة، نقول لك من غير بغضاء ، إن الوقت قد حان.
يا يونس… أما آن لظلّك أن يغيب؟
أما شعرت بثقل وجودك على مهنة تتنفس التجدّد، وتعيش من نبض الشباب، لا من أرشيفٍ متقادم؟
لقد تقاعدتَ عن المهنة، لكنك لم تتقاعد عن الحلم بكرسيّ، ولو على أنقاض مهنة تنهض رغم عجزك، وتتقدّم رغم قيودك.
في زمنٍ تسابق فيه الصحافة الضوء، لا تزال قابعا على عرش من وهم، منفصلا عن واقعٍ لم يعد يعرف ملامحك، منشغلا بحساباتك الضيقة، في زمنٍ لا يرحم المتأخرين.
تتحدث باسم الصحافيين وكأنهم أيتام في قبو صمتك، بينما لا يُسمع منهم إلا التأفف، ولا يُرى منهم إلا التوجّس، ولا يُكتب باسمك إلا ما يُملى بدافع مصلحة، لا بدافع رسالة.
أين مقالاتك؟ فإن وُجدت، فهي بردٌ في موسم القيظ، وسطورٌ لا تنبض، لا تصرخ، لا تحلم.
أما الصحافة، فكم أنَّت من صمتك، وكم اشتكت من ظلك الباهت، وأنت تُلوّح بسياسة “فرّق تسد” كأنها دستورك مقدّس!
تريد أن تجعل من “مؤسسة التنظيم الذاتي” مقهى تتردّد عليه متى شئت، وكرسيًدا لا يُمسّ، وكأن المهنة خُلقت لك ولأمثالك، وكأن الصحافيين وُجدوا ليُداروا بمنطق شيخٍ لا يقرأ زمانه.
أيها الباقي بلا شرعية وجدانية… كفى.
ارحل، فالمهنة لا تليق بك.
الصحافة اليوم صاروخ، وأنت تمشي على عكاز الكلمات البالية.
لا صوت لك، لا مُدافع عنك، بل أيادٍ تمسك صدورها، تنتظر ساعة الخلاص.
إن كنت تزعم حب الصحافة، فاتركها تحب غيرك.
وإن كنت تراها قدرك، فاعلم أن الأقدار لا تُفرض، بل تُعانق من يُخلص لها.
وأنت على رأس اللجنة المؤقتة، تعاملت مع الصحافيين كأنهم خصوم، وقدتهم بمنطق “فرّق تسد”، كأن الصحافة ملعبك الشخصي، وكأن أهلها دُمى تُحرّكها بإصبعك المرتجف.
الصحافة لا تئن من خصومها، بل من محبّين كاذبين، يحبّونها كحب التاجر للربح.
تئنّ من حرس قديم يرفض أن يفهم أن الزمن تغيّر، وأن المهنة لم تعد تنتظرهم، بل تفرّ منهم إلى مستقبلٍ أنقى.
ارحل… ولا تلتفت.
ارحل بصمتٍ يليق بثقل ظلك، ودع الصحافيين يُعيدون بناء ما تهدّم.
ارحل، لأن الغالبية تضع أيديها على قلوبها، تنتظر أن تُرفع الغُمّة، وأن يسقط هذا القدر المفروض.
ارحل، يا من جعل من مؤسسة التنظيم الذاتي حديقةً خلفية لتقاعدٍ ملوّثٍ بالتحكّم…
ارحل، فالأمل لا يُزهر في أرض تحرثها الأيادي القديمة.
سلامٌ على المهنة إن تحرّرت، وسُخطٌ على من جعل حريتها رهينةً لمصالحه.
ارحل… واترك النهر يجري بلا سدّك الطيني القديم.

شارك هذا المحتوى